مؤسسات مالية دولية: مصر بين الاقتصادات الكبرى خلال سنوات
كتبت - إسلام عبد الرسول
تباينت توقعات أداء الاقتصاد المصري مع استمرار التداعيات القائمة للتحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، وسط أجواء تتواصل فيها جهود الدولة المصرية على عدد من الأصعدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى، ودفع وتيرة النمو الشامل والمستدام، الأمر الذي جعل من الأهمية ضرورة التعرف على أهم توقعات المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصري خلال عام 2025.
وتوقع تقرير لـ«جولدمان ساكس»، أن الاقتصاد المصري سيكون ضمن الاقتصادات الكبرى عام 2075، حيث يعد من أكثر الاقتصادات تنوعًا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وحسب التقرير، تُسهم بعض القطاعات مثل السياحة والزراعة والتصنيع والخدمات، بشكل كبير فى الناتج المحلى الإجمالى لمصر، لافتا إلى أن الاقتصاد المصري يملك القدرة على مواجهة التحديات والتغلب عليها.
تشير توقعات المؤسسات الدولية بشأن نمو الاقتصاد العالمى خلال 2025، إلى كونه نموا عالميا حذرا فى مواجهة التحديات العالمية، حيث تضمنت توقعات صندوق النقد الدولى المتضمنة فى تقريره بشأن آفاق الاقتصاد العالمى الصادر فى أكتوبر 2024، استقرار وتيرة النمو العالمى عند معدلات دون المأمولة تقدر بنحو 3.2% فى عام 2025 وهى نفس المعدلات المتوقعة لنمو الاقتصاد العالمى فى عام 2024، فيما توقع الصندوق تسجيل معدل نمو الاقتصاد العالمى لمستوى 3.1% بعد خمس سنوات من الآن، وهو أداء يُعد متواضعًا مقارنة بمتوسط معدل النمو المسجل قبل جائحة “كوفيد-19”.
وتوقع “الصندوق”، تحسنًا طفيفًا فى معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة لتسجل 1.8% خلال عامى 2024 و2025، مقارنة بنحو 1.7% فى عام 2023.
وفى المقابل، خفض صندوق النقد الدولى توقعاته لنمو اقتصادات الدول النامية والاقتصادات الناشئة بشكل طفيف لتبلغ 4.2% خلال عامى 2024 و2025، مقارنة بـ 4.4% فى عام 2023، مشيرًا إلى أن الاضطرابات فى إنتاج وشحن السلع الأساسية، وخاصة النفط والصراعات والاضطرابات والأحداث المناخية القاسية أدت إلى تراجع التوقعات المستقبلية لدول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا جنوب الصحراء، وفى المقابل تحسنت التوقعات بشأن معدلات نمو دول آسيا الناشئة، مدفوعًا بتزايد الطلب على أشباه الموصلات والإلكترونيات بسبب تنامى الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى.
ويتوقع العديد من المؤسسات الدولية نموًا إيجابيًا للاقتصاد المصري فى عام 2025 نتيجة الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة، ومن المتوقع أن تؤدى هذه الإصلاحات إلى زيادة الاستثمارات وارتفاع معدلات الاستهلاك الخاص، نتيجة لتراجع التضخم وارتفاع تحويلات العاملين بالخارج، وبناءً على هذه العوامل يُتوقع ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري لعام 2025 لتتراوح ما بين 3.5% و4.5%، حيث يتوقع صندوق النقد الدولى، أن يشهد الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4% فى عام 2025 مقارنةً بنمو متوقع بنسبة 2.7% فى 2024.
ومن المتوقع أيضًا أن يرتفع الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة إلى 8.7 تريليون جنيه فى 2025 مقابل 8.4 تريليون جنيه فى 2024، كما يتوقع ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الجارية ليصل إلى 17.5 تريليون جنيه فى 2025 مقارنةً بنحو 13.8 تريليون جنيه فى 2024.
وتأتى هذه التوقعات لتعكس انتعاشًا متوقعًا لأداء الاقتصاد المصري مع تطوير منطقة رأس الحكمة وتلاشى الضغوط الجيوسياسية فى النصف الثانى من السنة المالية 2024/ 2025، وعلى المدى المتوسط يتوقع صندوق النقد الدولى ارتفاع وتيرة نمو الاقتصاد المصري خلال الفترة (2025- 2029) لتسجل نحو 5% بما يعكس الأثر الإيجابى لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تعزيز مناخ الأعمال.
ووفقًا لتوقعات البنك الدولى من المفترض أن يبدأ نمو الاقتصاد المصري فى التعافى التدريجى، حيث يُتوقع أن يصل معدل نمو الناتج المحلى إلى 3.5% و4.2% فى عامى 2025 و2026 على التوالى، وذلك مقارنةً بـ 2.5% فى عام 2024، مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية؛ من بينها زيادة الاستثمارات، لا سيما تلك الممولة من اتفاقية رأس الحكمة، إلى جانب تحسُن الاستهلاك الخاص والذي يتوقع البنك نموه بنسبة 4.8% فى عام 2025 مقارنة بـ 4.6% فى عام 2024.
وتأتى توقعات مؤسسة فيتش سوليوشنز بشأن استمرار تعافى الاقتصاد المصري، حيث تتوقع ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى من 2.4% فى عام 2023/2024 إلى 3.7% فى عام 2024/2025، مدفوعًا بانتعاش الصادرات غير النفطية والاستثمارات، كما تتوقع المؤسسة تسارع النمو إلى 5.1٪ فى 2025/2026، ارتفاعًا من توقعاتها السابقة البالغة 4.7٪، حيث تتوقع أداء أقوى لقطاع الخدمات؛ بسبب تخفيف المخاطر الجيوسياسية، وأن يكون النشاط الاستثمارى أقوى بسبب الاستثمار الأجنبى وانخفاض تكلفة الاقتراض.
وأشار التقرير إلى أنه وفقًا لمؤسسة “فيتش سوليوشنز” من المتوقع أن يشهد الاستهلاك النهائى الخاص فى مصر نموًا ملحوظًا خلال الفترة من 2024 إلى 2027، حيث يُتوقع أن يصل الاستهلاك فى عام 2025 إلى حوالى 15 تريليون جنيه مصري، مقارنة بـ 12.26 تريليون جنيه فى 2024، مما يعكس تحسنًا فى القدرة الشرائية نتيجة لتحسن مستويات الدخل تخفيف الضغوط التضخمية.
كما يُتوقع أن يظل الاستهلاك الخاص يشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلى الإجمالى، تصل إلى 88.4% فى 2025، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرتفع تكوين رأس المال الثابت إلى 1.98 تريليون جنيه فى 2025 مقارنة بـ 1.72 تريليون جنيه فى 2024، مدفوعًا بزيادة التمويل الموجه لمشروعات البنية التحتية الكبيرة، ويُتوقع أن تساهم الجهود الأخيرة لتحسين بيئة الأعمال وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد فى جذب الاستثمارات الأجنبية خارج قطاع الهيدروكربونات.
وأشارت “فيتش” إلى أنه من العوامل المحفزة للناتج المحلى الإجمالى فى 2025 نمو القطاع الصناعي والتصديرى، حيث شهد قطاع التصنيع نموًا بنسبة 2.8% فى الربع الرابع من السنة المالية 2023/ 2024، بعد انكماش استمر منذ الربع الأول من 2022/ 2023، كما استفاد القطاع من توافر النقد الأجنبى وتراجع قيمة العملة المحلية، مما ساعد فى تعزيز الصادرات غير النفطية، وتتوقع المؤسسة أيضًا أن تحقق الصادرات نموًا بنسبة 2.8% فى السنة المالية 2024/ 2025.
فى السياق ذاته يتوقع بنك “جولدمان ساكس” ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى من 2.4% فى العام المالى 2023/2024 إلى 4.5% فى العام المالى 2024/2025.
كما تتوقع مؤسسة أكسفورد إيكونومكس أفريقيا، ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى الحقيقى من 2.7% فى عام 2024 إلى 3.9% فى عام 2025.
كما تتوقع مؤسسة فيتش سوليوشنز انخفاض معدل البطالة من 7.2% فى عام 2024 إلى 7% فى عام 2025، واستمراره فى الانخفاض على مدار السنوات التالية لذلك أيضًا لتصل إلى 6.8% عام 2026، ونحو 6.4% عام 2028، وهو ما يتفق وتوقعات صندوق النقد الدولى على المدى المتوسط أيضًا السابق الإشارة إليها.
وألمحت مؤسسة فيتش سوليوشنز إلى ارتفاع قيمة الإيرادات العامة المتوقعة للعام 2025، لتسجل حوالى 2.55 تريليون جنيه، مقارنة بنحو 2.50 تريليون جنيه عام 2024، لتحافظ الدولة على مكتسباتها فى الإصلاحات الضريبية التي تم تبنيها، ومن المتوقع أن تستمر قيمة الإيرادات العامة فى الزيادة خلال السنوات التالية لتصل إلى 3.258 تريليون جنيه عام 2027، وهذه الزيادة الكبيرة فى حجم الإيرادات العامة تعكسها أيضًا توقعات صندوق النقد الدولى، والتي تتفق مع المستهدفات الحكومية المعلنة بشأن ارتفاع الفائض الأولى المحقق فى السنوات القادمة ليسجل 3.5% من الناتج المحلى فى العام المالى 2024/ 2025، ويستمر فى الارتفاع ليصل إلى 5% فى العام المالى 2026/ 2027.
وتتوقع مؤسسة فيتش سوليوشنز، أن ينمو عدد السياح الوافدين إلى مصر بنسبة 5.5% على أساس سنوى فى عام 2025 ليصل إلى 16.8 مليون سائح، وعلى المدى المتوسط، سيزداد عدد السياح الوافدين إلى مصر خلال الفترة من 2025 إلى 2028 بمعدل نمو سنوى قدره 4.8% على أساس سنوى ليصل إلى 18.8 مليون سائح فى عام 2028، مدفوعة بنمو أعداد السائحين الوافدين من أوروبا، الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية.