الحرب «الروسية - الأوكرانية».. من سينتصر؟
ابتهال مخلوف
شهد العام الماضى 2024 زخمًا فى التطورات الجيوسياسية الدراماتيكية، عبر دخول السويد المحايدة منذ فترة طويلة إلى حلف شمال الأطلنطى، وتوغل القوات الأوكرانية فى منطقة كورسك الروسية، والضربات الإسرائيلية فى إيران ولبنان، وانتخاب دونالد ترامب، وسقوط نظام بشار الأسد فى سوريا، وعزل الرئيس الكورى الجنوبى يون سوك يول بعد وقت قصير من إعلانه الأحكام العرفية.
ومع اقتراب حرب روسيا على أوكرانيا من عامها الرابع تختلف التوقعات عما سيحمله العام الجديد لكييف.. هل سوف تنتهى الحرب ولصالح من؟ أو هل سيزيد التصعيد ضد أوكرانيا؟
ورغم أن التنبؤات بالمستقبل صعبة، إلا أن هناك بعض المؤشرات بشأن مصير الحرب فى أوكرانيا خلال 2025، منها أن 2024 كان لصالح موسكو على خريطة أوكرانيا التي سيطرت خلاله على نحو 2800 كيلومتر مربع، خاصة فى إقليم دونباس جنوب شرق البلاد، ما يتوقع خلال الربع الأول من العام أن تجتاح روسيا كامل مقاطعتى الإقليم - دونيتسك ولوهانسك- كذلك السعى لضم أراضٍ جديدة فى مقاطعتى زابوريجا وخيرسون.
وقدم مايكل فورمان، رئيس المجلس الأمريكى للعلاقات الخارجية، تصوره عما يحمله عام 2025 لأوكرانيا، ورغم أن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب وعد بإنهاء حرب أوكرانيا، لكن الحقيقة تظل أن الرؤى الأوكرانية والروسية للتسوية تختلف بشكل كبير، ولم يُبدِ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين اهتمامًا كبيرًا بالمفاوضات الجادة.
وأكد فورمان أنه بدلًا من نهاية الحرب قد يتصاعد الصراع فى أوائل العام الجديد، مستندًا على عدة نقاط، منها: اغتيال عميل أوكرانى لقائد عسكرى روسى رفيع المستوى فى موسكو، وفى وقت سابق، هدد الرئيس الروسى فلادمير بوتين باستهداف «مراكز صنع القرار» فى كييف بصاروخ باليستى جديد.
لكن على مدار العام المقبل، من المرجح أن يواجه بوتين مشاكل محلية متزايدة، فقد توقع البنك المركزى الروسى نموًا اقتصاديًا يتراوح بين 0.5 و1.5%فى عام 2025، أى الانخفاض من 3.5 إلى 4% فى عا 2024، ما يشير إلى أن طفرة زمن الحرب ربما وصلت إلى نهايتها.
ويتوقع أن تشهد فترة «شهر العسل» بين روسيا والصين بشأن أوكرانيا، حيث دعمت بكين موسكو فى حربها ضد أوكرانيا دبلوماسيًا وعسكريًا فتورًا نسبيًا مع محاولة كل منهما عقد صفقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة عندما يتم تنصيب دونالد ترامب فى 20 يناير.
ويرى بعض المراقبين أن سيناريو جلوس الطرفين على طاولة المفاوضات يلوح فى الأفق مع 2025، وقد يذعن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى للتفاوض مع بوتين، تحت وطأة التفوق العسكرى الروسى وانقسام التحالف الغربى، خاصة مع عودة ترامب للسلطة.
والواقع يؤكد إن أوكرانيا غير قادرة على وقف تقدم الروس أو أخذ زمام المبادرة على أرض المعركة، لكن يظل أكبر مطلب للأوكرانيين وخلفها أوروبا هو وقف الحرب وانسحاب روسيا من الأقاليم التي احتلتها بعد اتفاق 2014 بشأن احتلال شبه جزيرة القرم، إذ تسيطر موسكو على نحو 18% من مساحة أوكرانيا البالغة 603.6 آلاف كيلومتر مربع.
فى حين، سيشترط المفاوض الروسى لإنهاء الصراع «الروسى الأوكرانى» انسحاب القوات الأوكرانية من المناطق التي ضمتها روسيا بالكامل فى التعديلات الدستورية وهى لوجانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون.
ومن سيناريوهات المستقبل، كشف تقرير فى مجلة «فورين أفيرز» عن أن الرئيس الروسى تخلى عن سوريا من أجل أوكرانيا، معتبرًا أنه بتخلى بوتين عن حليفه فى الشرق الوسط بشار الأسد سيضع بكل ثقله فى سلة أوكرانيا، فقد جندت موسكو 430 ألفًا خلال 2024، وفى طريقها لتجنيد 450 ألفًا آخرين خلال العام الجديد، كما أنها تحشد لعمليات هجومية واسعة جديدة فى جنوب البلاد.
كل ذلك يعزز أن الخيار الروسى هو عدم التفاوض والتصعيد العسكرى المركّز، وذلك بحشد مزيد من الجنود والعتاد العسكرى المتطور للحرب فى أوكرانيا، ما يؤكد أن بوتين مستعد للتضحية بكل شيء من أجل النصر الكامل فى الحرب.