عاجل| هل يندم المهرولون إلى "الجولاني"؟.. تقرير موسع
عادل عبدالمحسن
يهرول مبعوثون من جميع أنحاء العالم إلى سوريا الجديدة للتحدث مع أحمد الشرع "الجولاني" الزعيم الجديد غير المنتخب لسوريا، وتناسى الغرب الديمقراطية وأي شيء له بصلة بحججهم التي يتدخلون من خلالها في شؤون الدول لا لشيء سوى هزيمة محور إيران في تلك المواجهة.
أرسل الأمريكيون والدول الأوروبية منظمات الأمم المتحدة مبعوثين، وبالطبع وقفت وسائل الإعلام من العالم الغربي الذي يدعي المدنية والتحضر في الطابور "للفوز" بالاستماع إلى قادة تنظيم القاعدة التي أسسها أسامة بن لادن، وكأنه لم يفعل شيئًا بصحبة الزرقاوي في العراق، ولم يعد يريد قتل أي شخص في سبيل ما يتوهم من مساعي غابرة لإقامة الخلافة الإسلامية.
ويركض الجميع للحديث مع الحاكم السوري الجديد، ولا يتوقف لحظة واحدة ليرى ما إذا كانت سوريا الجديدة، بقيادة زعيم هيئة تحرير الشام التي تضم كل الفصائل المتطرفة، ستكون بالفعل سوريا جديدة، وما إذا كانت حقوق الإنسان سيتم الحفاظ على الأقليات العرقية والدينية فيها، وإذا كانت سوريا الجديدة ستكون حقاً حرة ومتحررة من عبء النظام السابق، أو أن السوريين ببساطة استبدلوا دكتاتوراً بآخر، بنفس القدر من القسوة والقتل.
وبينما يرسل العالم كله مبعوثين للحديث مع أحمد الشرع الذي قضى شطرًا من حياته تحت أسم "أبو محمد الجولاني"، الزعيم غير المنتخب إلى سوريا الجديدة، رئيس هيئة تحرير الشام، تحالف التنظيمات الذي استولى على السلطة وشكل حكومة مؤقتة، فإن مقاتلي تلك التنظيمات هم منشغلون في تدمير مقابر العلويين والمسيحيين، بل إن البعض يعلن عن نيتهم عندما يقولون صراحة "جاء دور عمال الصليب"، ويستمرون في مطاردة وقتل السوريين الشيعة، وبالطبع بدأوا بالفعل الهجوم الكبير على مدن وقرى الأكراد التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المشكلة أغلبيتها من الأكراد.
لم ينتظر الغرب قليلًا ولا كثيرًا لمعرفة ما إذا كانت تصريحات حاكم سوريا الجديدة ستصمد أمام اختبار الواقع؟ وبدلاً من الركض لإعادة فتح السفارات في سوريا الجديدة، أليس من المرغوب فيه أن نرى أنها بالفعل سوريا جديدة لن تستمر في ذبح مواطنيها في ظل نظام طاغية جديد؟
الواقع كشف أن الغرب لا يتوقف كثيرًا أمام حججه وأبواقه الكاذبة عن الديمقراطية والحرية، كلها ذهب أمام انكسار المشروع الإيراني المغري بالنسبة لهم، ولكن قد لا يسعدون كثيرًا عندما يصدمون بالواقع المرير، فالتنظيمات المتأسلمة لا أمان لها حدث ذلك عندما انقلب الإخوان على “السادات” عندما أخرجهم من السجون لمواجهة الشيوعيين في مصر، وكذلك عندما أسست إسرائيل "حماس" لمواجهة حركة المقاومة الفلسطينية فتح، وإذا كان انقلاب حماس مبررًا على إسرائيل، ولكن لا ليس هناك مبررًا لانقلاب الإخوان ضد الشهيد البطل أنور السادات.
في هذه الأيام هناك منظمات أممية ودول تتحدث مع الشرع رئيس النظام الجديد ومع ممثلي حكومته حول المساعدات لسوريا الجديدة والاستجابة لطلب الشرع برفع هيئة تحرير الشام من قائمة التنظيمات الإرهابية، ورفع العقوبات عن سوريا، فهي كما قال، فرضت على سوريا من قبل نظام الأسد، وبالتالي لم تعد صالحة ويجب رفعها.
ومن المحتمل جدا أنه إذا لم يحدث أي تغيير في سلوك قادة الغرب فسنرى في المستقبل القريب دول العالم تقف في طوابير لتوقيع اتفاقيات وعقود مع سوريا الجديدة من أجل الاستعادة،عما كانت عليه سوريا، وهو أمر محتمل وأن ذلك سيحدث حتى لو لم تكن هناك انتخابات جديدة لتحل محل الحكومة المؤقتة التي عينها الشرع، والتي ينتمي جميع أعضائها إلى هيئة تحرير الشام، وحتى لو لم تكن هناك انتخابات رئاسية ولن يضم الشرع في حكومته ممثلو كافة التنظيمات التي حاربت لإسقاط نظام الأسد، أو ممثلو جميع الطوائف والأديان
ويمكن الافتراض أن صندوق النقد والبنك الدولي وسيستمر في مغازلة حكام سوريا الجديدة، من أجل الفوز بحصة من الكعكة الاقتصادية الهائلة لإعادة إعمار سوريا، واستبدال إيران، التي استثمرت عشرات المليارات في سوريا.
وسوريا، بما في ذلك في مشاريع إعادة الإعمار والبناء في سوريا الأسد "التي فقدت استثماراتها وتركت مع ديون معدومة" وتتعاون مع الحليفين المعروفين في تبني جماعة الإخوان الإرهابية وفي ارتكاب الموبقات في الدول العربية وهدمها تحت دعاوي ما يسمى الربيع العربي، في إعادة إعمار سوريا الجديدة، حتى لو اتضح أن نظام الشرع سيفعل ذلك.
لا يكون مختلفا كثيرا عن نظام الأسد وسيواصل الشرع ومقاتلو التنظيمات المتطرفة بعدما يستقر لهم الأمر في القتل وتصدير الإرهاب إلى الدول الأخرى فهؤلاء من تجارب سابقة لا أمان لهم.
وفي الأونة الأخيرة، ترددت معلومات مفادها أن إيران والعراق، أوقفت مد سوريا الجديدة بالمواد البترولية، وقيل إن المملكة العربية السعودية سوف تكون بديًلا لهما في تعويض سوريا باحتياجاتها البترولية، الأمر الذي يطرح تساؤلًا قد تكون ظهرت إجابته من الإجراء السعودي إذا كان صحيحًا، من سيمول تلك المشاريع الضخمة لترميم آثار سوريا؟ ولأي مدى ستكون دول الخليج الغنية مستعدة لتمويل سوريا الجديدة، مقابل الوعود وتوقعات النفوذ؟ إلى أي مدى ستكون دول العالم مستعدة لتقديم المنح المتنوعة للنظام الجديد في سوريا، ولأي مدى ستتمكن دول مثل تركيا وروسيا، من الاستثمار دون الحصول على عائد ملموس للاستثمار فقط لتحقيق الاستقرار أو تعزيز موقفهما في سوريا الجديدة؟