عاجل
السبت 11 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي

الـ«بيبى» بدأ فى تنفيذ الخطة من سوريا: الاحتلال الإسرائيلى ينفذ الـ«شرخ» الأوسط!

مع سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد وانسحاب الجيش السورى من العديد من المناطق الحدودية؛ بدأت إسرائيل بخطوات غير مسبوقة توسيع وجودها فى سوريا؛ حيث سيطرت قواتها على منطقة جبل الشيخ السورية، وأعلنت عن إنشاء منطقة عازلة.. هذه التطورات تثير تساؤلات حول أهداف إسرائيل وخططها المستقبلية فى ظل الفراغ الأمنى والسياسى.. ولم تكن مفاجأة أن يعلن الجيش الإسرائيلى قصف مخازن أسلحة كيماوية واستراتيچية فى سوريا قال إنه دمرها كليًا منعًا لنقلها إلى التنظيمات المسلحة.



 

 

 

 لم تُخفِ إسرائيل مفاجأتها من سرعة انهيار نظام بشار الأسد فى سوريا، واعترفت أجهزة الاستخبارات العسكرية والموساد بفشل قدرتهما على توقع هذا الانقلاب والتطورات السريعة، فيما عقدت مشاورات أمنية وسياسية منذ ساعات صباح يوم وصول المعارضة إلى دمشق لبحث سُبُل التعامل مع التطورات الأخيرة، واتخذت عدة إجراءات سريعة وفورية بتعزيز انتشار الجيش الإسرائيلى ونقل لوائىّ المظليين والكوماندوز إلى المنطقة العازلة داخل الأراضى السورية، وعلى طول المنطقة الحدودية مع وحدة المدرعات وأنظمة استخبارات ورصد.

وأعلنت إسرائيل مناطق زراعية واسعة عسكرية مغلقة ومنعت الدخول إليها ووضعت الحواجز على طرقات رئيسة فى الجولان قريبة من الحدود، وألغت التعليم فى قرى الجولان، ضمن حالة الطوارئ التي فرضتها على معظم منطقة الجولان من أقصى جبل الشيخ إلى جنوب الجولان وطبريا.. وكانت قيادة الجيش صادقت على خطتين إحداهما هجومية وأخرى دفاعية.

 

ومنذ أيام وفى أعقاب التطورات السريعة داخل سوريا وضمن سيناريو سقوط الأسد؛ صادقت المؤسَّسة الأمنية للاحتلال على خطة دفاعية لحماية الحدود ومنع تسلل عناصر من التنظيمات التي تدرجها إسرائيل بين المعادية لها أو احتمال حدوث تطورات تدفع بسكان سوريين إلى الهرب نحو إسرائيل.. وباشرت فى إقامة منطقة عازلة داخل المنطقة المعروفة باسم المنطقة المحرمة فى اتفاقية فصل القوات عام 1974، والتي بحسب ما أكد إسرائيليون أنه لا يجوز لتل أبيب دخولها ولم تدخلها منذ ذلك الوقت.. ونشر الجيش قوات عسكرية معززة ومدرعات فى مناطق محددة مثل القنيطرة وألون هبشان وبلدات أخرى قريبة من درعا والمناطق السورية التي يحتدم فيها القتال، وخلال ذلك بدأت الجرافات تنفيذ أعمال حفر لشق طريق فى أقصى نقطة تطل على الجانب الإسرائيلى، وأقامت فى هذه المناطق خنادق وعوائق، وركز الجيش هذه الأعمال فى المنطقة المعروفة بتلة الصيحات التي كان يصل إليها السوريون من مختلف البلدات والمناطق فى سوريا ليتحدثوا من بعد مع أقاربهم السوريين فى الجولان.

فيما أكد رئيس أركان الجيش هرتسى هليڤى خلال جلسة تقييم جهوزية الجيش فى الهجوم والدفاع والعمل على إحباط ومنع التهديدات فى المنطقة، وقال إنه يواصل إعداد خطط لمواجهة السيناريوهات المختلفة. 

وقال هليڤى إن المهام الحالية للجيش هى مراقبة النقاط الرئيسة والتحركات الإيرانية، وإذا ما ستقوم بأعمال لتعزيز مصالحها، وهذا وفقًا له يشكل أولوية قصوى إلى جانب متابعة العناصر المحلية التي تسيطر على المنطقة، ما الذي يقومون به وكيف يتصرفون ومدى ردعهم، والتأكد من عدم ارتباكهم أو توجههم نحو إسرائيل.. وهدد هليڤى أنه إذا ما حدث ارتباك سيكون هناك رد هجومى يتبعه دفاع قوى جدًا والجيش يواصل استعداده وجهوزيته لذلك، ولكنه لم يشر من قريب أو من بعيد إلى السبب الرئيسى لدخول العمق السورى بـ 235 كيلومترًا، وهى الخريطة الخاصة بالشرق الأوسط الجديد التي كانت فى يد نتنياهو ويشرح عليها التوسعات حتى الفرات فى العراق، وهو ما يوضح أيضًا أن كل هذه القوات ليست من أجل حماية حدود إسرائيل؛ ولكنها من أجل دخول العراق والسيطرة على الجزء الذي حدده نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى فى العراق ليبدأ تنفيذ مخطط إسرائيل من الفرات.

وخلال اليومين الأخيرين نفذت إسرائيل حفريات واسعة فيها ونصبت على التلة العَلم الإسرائيلى، وصباح يوم وصول المعارضة أو قوات جبهة الشام إلى دمشق وفى أعقاب الإعلان عن انهيار الأسد عززت تنفيذ عملياتها الدفاعية، فنقلت لوائىّ النخبة فى جيشها الكوماندوز والمظليين إلى المنطقة العازلة فى الأرض السورية وعلى طول حدود خط وقف إطلاق النار، وكذلك وحدة سلاح المدرعات استعدادًا لأى تصعيد أمنى واختراق التنظيمات المسيطرة فى سوريا هذه المناطق واحتمال تنفيذ اعتداءات تجاه إسرائيل. وفى المقابل بدأت بتنفيذ الخطة الهجومية التي صادقت عليها بإجراء تدريبات عسكرية واسعة لسلاح البحر بالتعاون مع سلاحى الجو والبر، وامتدت التدريبات من رأس الناقورة إلى المنطقة البحرية المحاذية لمدينة نهاريا، فيما أعلن الجيش أنه قصف خلال ساعة مبكرة من يوم سقوط نظام الأسد مخازن أسلحة كيماوية واستراتيچية وصلت إلى ريف دمشق وإلى ميناء اللاذقية، وقال الجيش إنه دمرها كليًا منعًا لنقلها إلى التنظيمات المسلحة.

وخلال المشاورات الأمنية نوقشت عدة مقترحات بينها احتلال مناطق استراتيچية فى الطرف السورى وفى مركزها قمة جبل الشيخ السورية.. ودعا وزير الشتات عميحاى شيكلى الحكومة والأجهزة الأمنية إلى اتخاذ قرار فورى باحتلال قمة جبل الشيخ السورية، إذ تشكل منطقة استراتيچية مهمة؛ خصوصًا من حيث المراقبة، ولخطورة وصول تنظيمات معادية وتنفيذ هجمات ضد إسرائيل.. واعتبر شيكلى أن الأحداث فى سوريا بعيدة من كونها سببًا للفرح.. وكتب فى منشور على منصة إكس «على الرغم من أن منظمة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع يصورون أنفسهم كمنتج جديد؛ فإن فى نهاية الأمر معظم سوريا موجودة الآن تحت سيطرة منظمات انبثقت من القاعدة وداعش».. أمّا الأنباء السارة فهى تزايد قوة الأكراد واتساع سيطرتهم فى شمال شرق البلاد.. وكتب يدعو إسرائيل إلى السيطرة على قمة جبل الشيخ وترسيخ خط دفاعى جديد على أساس خط وقف إطلاق النار لعام 1974، يحظر السماح للمتطرفين بالاستقرار قرب مستوطناتنا.

كما جاء تصريح شيكلى على الرغم من مطالبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الوزراء بعدم إطلاق تصريحات حول التطورات فى سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، باستثناء أن إسرائيل تراقب عن كثب ما سيحدث لاحقًا.. وطالب حزب الليكود أعضاءه فى الكنيست بعدم إجراء مقابلات حول سوريا من دون مصادقة نتنياهو. 

وفى جولة له داخل الجولان اعتبر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الاتفاق الموقع بين إسرائيل وسوريا عام 1974 منتهيًا، قائلًا: «نحن نعمل أولًا وقبل كل شىء لحماية حدودنا.. وكانت هذه المنطقة طوال 50 عامًا منطقة عازلة اتفق عليها عام 1974 وفق اتفاق فصل القوات.. واليوم انهار هذا الاتفاق وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم، وبدعم كامل من الحكومة أصدرت تعليماتى إلى الجيش بالاستيلاء على المنطقة العازلة ومواقع السيطرة المجاورة لها.. ولن نسمح لأية قوة معادية بأن تثبت نفسها على حدودنا».

وقبل سنوات قليلة وتحديدًا عام 2016، ظهر وزير المالية الإسرائيلى وعضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، فى مقابلة مع قناة تليفزيونية إسرائيلية، قائلًا: إن حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وإن على إسرائيل الاستيلاء أيضًا على الأردن.. تكرار سموتريتش ومسؤولين إسرائيليين آخرين لهذه التصريحات فى مناسبات عدة لاحقة؛ يسلط الضوء على مساعى اليمين الإسرائيلى المتطرف بتوسيع حدود إسرائيل لتشمل أجزاء واسعة من منطقة الشرق الأوسط، وهو طرح تؤيده أصوات حتى من خارج هذا اليمين.. ويستند اليمين الإسرائيلى للمضى بمشروعه فى توسيع دولة إسرائيل إلى معتقدات دينية تفيد بأن الأرض الموعودة تمتد على أراض واسعة من المنطقة.. إذ يزعم معهد التوراة والأرض الإسرائيلى عبر موقعه الإلكترونى أن أرض إسرائيل الكبرى تمتد من نهر الفرات شرقًا إلى نهر النيل جنوبًا. كما يتوقف داعمو هذا المشروع عند أحد النصوص فى التوراة وما ذكر فى سِفْر التكوين وفيه فى ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقًا قائلًا: لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إِلى النهر الكبير، نهر الفرات. (تك 15: 18-21). وما الخريطة التي رفعها رئيس الوزراء الإسرائيلى لأول مرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الـ78 فى سبتمبر 2023؛ إلا خير دليل على رسم جديد للشرق الأوسط بمفهوم نتنياهو، إذ خلا منه ذكر فلسطين أو دولة فلسطين وطغى اللون الأزرق فى الخريطة المشير إلى دولة إسرائيل بما يشمل الضفة الغربية وكذلك قطاع غزة. كانت هذه الخريطة بمثابة رسالة واضحة إلى العالم أن إسرائيل ترى نفسها دولة ذات حدود موسعة، ولا تقبل بأىّ تسوية لا تحقق هذه الأهداف التوسعية. هذا المشهد أثار قلق عديد من الدول التي اعتبرته ليس مجرد إشارة؛ بل كان بمثابة إعلان عن نية واضحة فى تطبيق أحلام اليمين الإسرائيلى المتراكمة منذ عهود من خلال فرض سياسات الأمر الواقع تحت عنوان: إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد.

واعتبر نتنياهو أن انهيار الأسد جاء نتيجة الهجمات التي نفذتها إسرائيل ضد إيران وحزب الله وأدت إلى إضعافهما. وقال فى سياق حديثه «هذا يوم تاريخى فى تاريخ الشرق الأوسط، ومن جهتنا لن نسمح لأية قوة معادية بترسيخ وجودها على حدود إسرائيل».. وبحسب نتنياهو، كان الأسد حلقة مركزية فى محور الشر الإيرانى، «لقد سقط هذا النظام بفضل الضربات التي وجهناها لإيران وحزب الله الداعمين الرئيسيين لنظام الأسد». وخَلق هذا سلسلة من ردود الفعل فى جميع أنحاء الشرق الأوسط لكل أولئك الذين يريدون التحرر من نظام القمع والاستبداد هذا.. وفى رأى نتنياهو فإن انهيار الأسد يخلق فرصًا جديدة ومهمة جدًا لإسرائيل، لكنها لا تخلو من الأخطار أيضًا. وتبرر إسرائيل تحركاتها الأخيرة بالقول إنها تهدف إلى حماية المستوطنات فى الجولان ومنع تسلل المجموعات المسلحة إلى أراضيها. ومع ذلك، تشير التطورات إلى أن الخطوات الإسرائيلية تتجاوز مجرد الدفاع إلى تعزيز نفوذها الإقليمى. وتبلغ مساحة المنطقة العازلة التي سيطرت عليها إسرائيل نحو 235 كيلومترًا مربعًا، أى ما يعادل نحو 60% من مساحة قطاع غزة. وهذه السيطرة الواسعة تمت دون أى مقاومة تذكر، مما دفع نتنياهو إلى التفاخر سياسيًا بأن إسرائيل حصلت على هذه الأراضى دون إطلاق رصاصة واحدة. لكن المحلل كناعنة حذر من أن إسرائيل قد لا تلتزم بخط المنطقة العازلة فقط؛ بل ربما تمتد سيطرتها إلى مناطق أعمق داخل الأراضى السورية إذا رأت أن هناك نقاط ضعف أمنية فى المناطق المحاذية.

 

نقلا عن مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز