رشاد كامل
مؤامرة باعة الصحف على جريدة «روزاليوسف»!
كان آخر ما تتوقعه السيدة روزاليوسف من أساليب المنافسة غير الشريفة أن يلجأ بعض الصحفيين المنافسين لها إلى الاتصال بباعة الصحف لكى يخفوا المجلة ولا يعرضونها فى السوق للبيع.
وقررت روزاليوسف أن تتحقق بنفسها وقررت زيارة المعلم «على الفهلوى» الذي يتولى توزيع المجلة وتقول: وجدنى المعلم فى المقهى الذي يتخذه مكتبًا له وتظاهرت بأننى مررت مصادفة لأحدثه فى بعض شؤون التوزيع ثم تعمدت وأنا منصرفة أن أخطئ الطريق إلى باب المقهى وأن أدخل إلى حيث يوجد المخزن الخاص به فإذا بى أجد نسخ العدد الصادر من روزاليوسف الأسبوعية موضوعة فى المخزن أى لم تنزل إلى السوق، وتأكدت مما كنت أشك فيه من أن بعض زملاء المهنة يلجأون إلى هذه الوسائل!!
وقررت أن أقدم على خطوة اعتبرها الصحفيون فى ذلك الوقت جريئة جدًا، هى أن أعهد إلى متعهد آخر غير «الفهلوى» بتوزيع المجلة فى القاهرة، وكانت الخطوة جريئة لأن المتعهدين فى ذلك الوقت كانت لهم سطوة هائلة على الباعة وعلى أصحاب الصحف، وفعلًا عهدت إلى المرحوم «سيد خضير» متعهد الصحف الإفرنجية بتوزيع روزاليوسف الأسبوعية، ثم عهدت بتوزيع روزاليوسف اليومية إلى «ماهر فراج» الذي كان يوزع فى الإسكندرية فقط!
ولأول مرة أصبح فى القاهرة أكثر من متعهد يتنافسون والتهبت الحرب بين هؤلاء المتعهدين، وبات كل واحد منهم يحاول أن يوقع بالآخر وبما يوزعه من صحف.. وإزاء هذا الاضطراب العنيف، قررت الصحف أن تؤسس شركات توزيع خاصة بها، بدأ بذلك المرحوم جبرائيل تقلا أيضًا فى الأهرام بادئًا بالإسكندرية ثم بسائر القطر ثم تبعته دار الهلال فالمصري فسائر الصحف.
وفى خلال معركة التوزيع هذه رأيت أن أقدم على تجربة أخرى ما زلت آسفًا على فشلها، فقد أعلنت عن حاجتى إلى خمسين فتاة مصرية ليقمن ببيع «روزاليوسف اليومية الأسبوعية» وكنت فى زيارتى لباريس قد لاحظت أن معظم باعة الجرائد هناك من النساء، فأردت أن أفتح لبنات جنسى بابًا للعمل الشريف، بابًا تستطيع أن تعمل فيه الفتاة الفقيرة بدلًا من الشحاذة أو جمع أعقاب السجائر أو الخدمة فى البيوت!
ولكن التجربة لم تنجح مع الأسف، رغم أنى قد وضعت للعمل نظامًا يعفى البائعات من المعاكسات المتوقعة من الشباب فى الشوارع، وقد تحقق الآن جانبًا من هذا الحلم، إذ أصبحت الأكشاك التي تبيع اليانصيب فى قلب القاهرة تشغلها الفتيات!
وتمضى روزاليوسف قائلة: وهكذا أصبح لروزاليوسف اليومية بعد شهور من ظهورها خصوم أقوياء لم يجتمع مثلهم على جريدة فى وقت واحد، وكانت جريدة المقطم تقف للأخبار والتعليقات التي تنشرها روزاليوسف بالمرصاد، فيذهب «كريم ثابت» كل صباح إلى توفيق نسيم - رئيس الحكومة - وإلى «النحاس» زعيم الوفد ويحصل منهما على تكذيب لما ننشره.
وفى إحدى هذه المرات قال له النحاس: نحن مبسوطون من هذه الوزارة ونشر كريم هذا التصريح كما هو وكانت المرة الأولى التي نشر فيها تعبير «نحن مبسوطون» الذي اتخذ بعد ذلك سلاحًا لمهاجمة النحاس.
وشنت روزاليوسف اليومية والأسبوعية حملات قاسية على الوزارة ولم تكف عن المطالبة بالدستور لحظة.
وللذكريات الممتعة والمهمة بقية!