الجيش الأبيض فى نصر أكتوبر المجيد

نصر أكتوبر العظيم الذي أعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ، واستعاد المصريون الأرض، واستعادوا معها كرامتهم واحترام العالم، حيث تعد حرب أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة فى تاريخ العسكرية المصرية العريقة فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات فى أن تكون مفتاحا لنصر مبين، ولقد ذكرت فى مقالاتى السابقة دور الأسلحة الرئيسية فى النصر من المشاة والمدرعات والمدفعية والقوات الجوية والدفاع الجوى والقوات البحرية والقوات الخاصة والآن جاء دور الأسلحة المعاونة، وهى من صلب تشكيل القوات المسلحة، ومنها الخدمات الطبية للقوات المسلحة والتي تقود المنظومة الطبية فى الجيش المصري العظيم حيث يوجد العنصر الطبي فى ومن صلب النشكيل المقاتل، وجزء لا يتجزء منه كان قائد هذه المنظومة فى حرب أكتوبر المجيد هو الفريق طبيب رفاعى كامل مدير الخدمات الطبية فى ذلك الوقت، فقام ومعاونوه بوضع منظومة متكاملة لتقديم الخدمة الطبية أثناء القتال والتدريب المستمر على تقديم الإسعاف الأولى للمصاب، وعلى كيفية إخلاء المصابين من ميدان القتال إلى أقرب نقطة طبية.  

وأذكر أن إخلاء هذه المستشفيات كان جزءا من خطة الخداع الاستراتيجية، فكان يجب أن تخلى المستشفيات بحلول أول اكتوبر دون أن يعرف العدو.  

فقامت إدارة الخدمات الطبية بإنهاء تكليف أحد الأطباء بالقوات المسلحة وإعادته إلى مستشفى الدمرداش التي كان يعمل بها قبل تكليفه، وحسب الخطة ادعى هذا الطبيب عند عودته الى المستشفى أن ميكروب التيتانوس يلوث المستشفى وابلغ الجهات المختصة فاخلت المستشفى.  

وتم تكليف هذا الطبيب بالمرور على باقى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة المراد إخلاؤها وقامت الصحف بنشر التحقيقات عن المستشفيات الملوثة، ونشر الصور وعمال التطهير وهم يرشون عنابر المستشفيات بعد إخلائها وأصبحت هذه المستشفيات جاهزة لاستقبال الأبطال المصابين فى العمليات العسكرية المقبلة.   

فى حرب أكتوبر، شاركت مئات الفرق الطبية يتسابقون للتواجد فى غرف العمليات والطوارئ لسرعة إنقاذ المصابين، وظل بعضهم يعمل فى موقعه لأكثر من مائة يوم متواصلة دون كلل أو ملل بل كان الجميع يؤدى رسالته كأى جندى فى ميدان القتال ,وقد وثقت النقابة العامة لأطباء مصر أسماء سبعة عشر شهيداً من الأطباء الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، وتم تسجيل أسمائهم على لوحه شرف بالنقابة.  

ومن الأبطال المدنيين د.فؤاد النواوى ود امير إمام ناصف وغيرهم من أبطال القصر العينى والدمرداش وابطال مستشفيات وزارة الصحة وكذلك ابطال مستشفى السويس المدنى وهو أساس الخدمة الطبية للجيش الثالث الميدانى، وأحد أهم المستشفيات خلال المعركة، والذين قاموا بأعمال بطولية أثناء الحصار الصهيونى لمدينة السويس، وقد تعرض المستشفى للهجوم من العدو وبداخله 100 طبيب و80 ممرضة و100 آخرين من العاملين بالمستشفى، بخلاف المصابين والجرحى الموجودين لتلقى العلاج، ولكن الفرق الطبية الموجودة استطاعت صد الهجوم والدفاع عن المستشفى، وتم قطع الإمدادات والغذاء عن المستشفى وكانوا يتغذون على محلول الجلوكوز بعد تخفيفه وتناوله لسد جوعهم وعطشهم.. هذه بعض المواقف البطولية للجيش الأبيض والذي تفانى فى تقديم الرعاية الطبية لأبطالنا أثناء المعركة وبعدها وكان من العوامل الرئيسية لنصر أكتوبر المجيد.