"الطرابيش" لباس البشاوات العصي على الاندثار في مصر.. لهذه الأسباب
أروي رافت
تعد صناعة الطرابيش من الحرف اليدوية العريقة التي تمتد جذورها إلى مئات السنين في مصر، فالطربوش ليس مجرد غطاء رأس بل رمزا للتراث والثقافة المصرية ولكن مع مرور الوقت لم تعد حرفة صناعة الطرابيش من الحرف المنتشرة كما كانت في السابق، خاصة بعد تغيير شكل وهيئة الملابس المصرية وإلغاء الطربوش منذ زمن الرئيس جمال عبد الناصر ولكنها مازالت تحارب الإنقراض عن طريق الأزهر الشريف ،فجزء من الزيي الرسمي للأزاهرة هي العمامة الأزهرية التي تشبه في صناعتها الطربوش المصري القديم.
بداية صناعة الطرابيش
بدأت صناعة الطرابيش في مصر مع حكم محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، حيث كان الطربوش جزءا من الزي الرسمي لموظفي الحكومة، وانتقل الطربوش إلى مصر من الدولة العثمانية، إذ كان ارتداء الطربوش عادة عثمانية عرف بها رجال الدولة والنخبة وكلمة "طربوش" أصلها فارسي، حيث كان يُطلق عليه "سربوش" ثم حُرفت إلى "شربوش"، وأخيرا عربت إلى "طربوش" وكان الطربوش يصنع عادة من الصوف المضغوط أو اللباد أو من الجوخ الملبس على قاعدة من القش أو الخوص.
تطور صناعة الطرابيش
خلال فترة حكم محمد علي باشا، أنشئت مصانع الطرابيش في مصر وكان أشهرها مصنع مدينة فوه في محافظة كفر الشيخ. وكان ارتداء الطربوش إلزامياً لمن يعمل في الوظائف الحكومية، وكان رمزا للأناقة والذوق الرفيع. ومع قيام ثورة يوليو 1952، ألغيت الطرابيش تدريجياً، وبارت تجارتها بعدما كانت جزءا أساسيًا من زي الرجال في مصر.
بقاء الطربوش
رغم تراجع استخدام الطربوش، إلا أنه ما زال يحتفظ بمكانته في بعض الأوساط، خاصة بين شيوخ الأزهر وموظفي وزارة الأوقاف، حيث يعد جزءًا من الزي الرسمي لهم. كما يستمر استخدام الطربوش في بعض المناطق السياحية كنوع من التذكارات.
الحاج ناصر عبد الباسط : صناعة الطرابيش باقية ما بقي الأزهر الشريف
قال الحاج ناصر عبد الباسط، أقدم صانع الطرابيش في مصر لروزاليوسف : "بدأت في هذه الصنعة منذ صغري، وقد أخذتها من والدي وأجدادي. وكنت أخدم على دولاب كامل يضم حوالي 6 صنايعية من البطاحلة الذين كانوا يصنعون الطرابيش لرجال مصر الكبار."
وأضاف: "منذ زمن، عندما كنت صغيرا، كانت هناك خامات مختلفة تُستخدم، مثل التحرير، والوادي، والجفير، والنسر وأبو فله” أما الآن، فنحن نستخدم أفضل أنواع الخامات المصرية بنسبة 100%."
وأردف: "إذا كان الطربوش مصنوعًا بشكل جيد، فإنه يمكن أن يستمر حوالي خمسة إلى ستة سنوات على الأقل. وعندما يعود لي الزبون بطربوشه القديم، يمكن أن يستمر لعشر سنوات عند التعديل."
وأوضح الحاج ناصر: "الطربوش المصري، مثل الذي كان يرتديه الملك فاروق، يختلف في الحجم والطول عن الطرابيش الأخرى، وخاصة السورية حيث الطربوش المصري يتميز بطوله وغطاء رأسه الخاص الذي يتناسب مع شكل الوجه المصري، فالطربوش ليس مجرد زي بل هو وقار لصاحبه."
وعن التجارب المميزة، قال الحاج ناصر: "أتذكر مرة جاءني زبون بطربوش قديم وتالف تمامًا. عملت عليه بإخلاص، وعندما رأى النتيجة النهائية، كان فرحانًا جدًا. هذا النوع من الرضا هو ما يجعلني أستمر في هذه المهنة، وحبي لها يفوق الحدود، فبيني وبين الطربوش لغة خاصة لا يفهمها أحد.
وتابع: "جمهوري الأساسي هم شيوخ الأزهر وموظفي وزارة الأوقاف حيث إن الطربوش جزء من الزي الرسمي لهم، وهم يلتزمون بارتدائه كجزء من تقاليدهم. وطالما الأزهر موجود فإن صناعة الطرابيش والعمائم ستظل موجودة."
وأشار الحاج ناصر الى عمل أولاده مع حيث قال" أنا أشغل أبنائي معي لكي نحافظ على هذه المهنة التراثية فلدي ولدان كلاهما يشتغلان معي في هذا المحل لكي نصنع عمائم مميزة للأزهر الشريف."
واختتم قائلاً: "أرى أن هناك مستقبلًا مشرقًا لصناعة الطرابيش بالرغم من قول الكثيرين إن المهنة تنقرض فأنا أعلم هذه المهنة لأبنائي، وهم سيعلمونها لأبنائهم. طالما هناك التزام بتقديم الجودة والحفاظ على التراث، ستظل هذه الصناعة مزدهرة."