تفاصيل وقائع تكتب بماء الذهب
أمير الشهداء يرفض طلب "عبد الناصر".. و15دقيقة أنقذت جولدا مائير من الموت
عادل عبدالمحسن
كشف الكاتب الصحفي القدير عبده مباشر، المحرر العسكري خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر المجيدتين، تفاصيل كثيرة عن مشاركته في أعمال القتال مع المجموعة ٣٩ قتال بقيادة الشهيد البطل أمير الشهداء العميد إبراهيم الرفاعي.
وتناول الكاتب الصحفي القدير عبده مباشر، خلال استضافته بندوة “تواصل الأجيال” التي نظمتها لجنة المعاشات والرعاية الاجتماعية في نقابة الصحفيين برئاسة الكاتب الصحفي أيمن عبد المجيد، رئيس تحرير صحيفة وبوابة روزاليوسف والكتاب الذهبي، مساء أمس الخميس، في نصائحه للأجيال الجديدة من شباب الصحفيين، كيف ينال ثقة مصادره من القيادات العسكرية التي يغلب على عملها الكتمان والسرية، إلى درجة أن يكون الصحفي محل سر وثقة مصادره من تلك القيادات؟.
واستعرض المحرر العسكري الأسبق، وقائع كثيرة عن حرب الاستنزاف.. ومن أين جاءت فكرتها عندما قام الجنرال مونتجومري، قائد الجيش الثامن البريطاني باستهداف القوات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية في العلمين بعمليات استنزاف ثم مطاردتها، وهزيمة ألمانيا في الشرق الأوسط.
كما استعرض الكاتب الصحفي القدير عبده مباشر، بطولات البطل الشهيد أمير الشهداء العميد إبراهيم الرفاعي، كاشفًا ان "الرفاعي" كان مصابًا بقرحة المعدة، وطلب منه الرئيس جمال عبد الناصر أن يسافر للخارج من أجل إجراء عملية جراحية لقرحة المعدة، لكن البطل رفض مؤكدًا أنه لن يجري العملية قبل تحرير سيناء من العدو الصهيوني.
وقال عبده مباشر، إنه طلب من قيادات الجيش المشاركة في تنفيذ العمليات العسكرية ضد قوات العدو خلال حرب الاستنزاف، ولما عرض الأمر على الرئيس جمال عبد الناصر، وافق على مشاركة عبده مباشر في العمليات القتالية مع المجموعة 39 قتال.
وتذكر "مباشر" مشاركته في تنفيذ عملية نسف مقاتلات إسرائيلية في إحدى مطارات الاحتلال في سيناء، تزامنًا مع زيارة جولدا مائير، رئيسة وزراء الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
وأشار المحرر العسكري الأسبق، إلى أن أفراد تنفيذ العملية قاموا بنصب الصواريخ لاستهداف المقاتلات الإسرائيلية، وانطلقت الصواريخ في التوقيت المحدد وأصابت أهدافها ودمرت طائرات العدو، ولكن رغم نجاح العملية، أصيب أفراد تنفيذ العملية بالحزن إذ تأخرت طائرة جولدا مائير ١٥ دقيقة عن وقت التنفيذ ونجت من الموت.
كما تذكر الكاتب الصحفي القدير عبده مباشر، طلب قائد المجموعة ٣٩ قتال العميد ابراهيم الرفاعي، أثناء الإبحار في لنش، من قائد اللانش أن ينحرف درجتين عن مساره، وتم التنفيذ على الفور، ولما سأل “مباشر” القائد لماذا الانحراف درجتين؟ جاءت الإجابة لما وصل أفراد العملية إلى الشاطئ الشرقي للقناة، حيث توجهت القوة المصرية إلى المكان الذي كان محددًا للنزول عنده من اللانش ووجدوا كمينًا إسرائيليًا وأجهزت القوة على أفراد الكمين الإسرائيلي.
وروي "مباشر" تفاصيل واقعة استخدام الإبل في عبور إحدى البحيرات من أجل تنفيذ عملية قتالية ضد قوات العدو الإسرائيلي.
ومن كثرة البطولات والمواقف التي ذكرها الكاتب الصحفي القدير عبده مباشر، عن الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي، تشعر بأن نياط القلوب تتمزق على هذه الأسطورة المصرية التي مرت ذكراها يوم 19 أكتوبر الجاري ولم يتذكرها أحد في الصحافة المصرية.
الذكرى 51 لاستشهاد أمير الشهداء
كانت الذكرى 51 لاستشهاد العميد إبراهيم الرفاعي، قد مرت يوم 19 أكتوبر 1973 م الموافق 23 رمضان 1393هـ، ففي ليلة وتريه ويوم جمعة، استشهد البطل ابراهيم الرفاعي قائد المجموعة 39 قتال، الملقب بـ “أمير الشهداء”.
كان البطل الشهيد قائدًا للمجموعة 39 قتال، والتي أطلق عليها الإسرائيليون “مجموعة الأشباح” عند منطقة الدفرسوار أثناء تصديه للثغرة الإسرائيلية. وشارك منذ تخرجه من الكلية الحربية عام 1954 في كل معارك الوطن بداية من العدوان الثلاثي وحرب اليمن ثم حرب الاستنزاف إلى أن استشهد أثناء حرب أكتوبر 1973.
ومنذ البداية أظهر الرفاعي حنكة وذكاء ومهارة وشجاعة كبيرة في القتال واتضح ذلك خلال حرب اليمن والتي كان يتولى خلالها قائد كتيبة صاعقة، وأجمعت تقارير قادته عقب الحرب أن الرفاعي ضابط مقاتل من طراز فريد، وحصل على ترقية استثنائية تقديرًا للأعمال البطولية التي قام بها.
وبعد نكسة عام 1967 كلف إبراهيم الرفاعي بتشكيل فرقة من القوات الخاصة للعمل خلف خطوط العدو في سيناء والتي عرفت باسم المجموعة 39 قتال، نظرًا لان أفرادها نفذوا 39 عملية قبل تشكيل الفرقة التي أصبحت عملياتها مصدرًا لإثارة الرعب والفزع لدى العدو الصهيوني، وكانت نيران المجموعة أول نيران مصرية تطلق في سيناء بعد نكسة 1967.
وكانت أولى عملياتها في 4 يوليو 67 نسف قطار للعدو عند منطقة الشيخ زويد كان يحمل نحو مليون صندوق ذخيرة من تلك التي تركتها قواتنا عند انسحابها من سيناء، وتدمير 3 لورى محمل، وبعد هاتين العمليتين الناجحتين، وصل لإبراهيم خطاب شكر من وزير الحربية على المجهود الذي يبذله في قيادة المجموعة.
وفي مطلع عام 1968 نشرت إسرائيل مجموعة من صواريخ “أرض – أرض” لإجهاض أي عملية بناء للقوات المصرية، وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت متشددة في إخفاء هذه الصواريخ بكل وسائل التمويه والخداع.. إلا أن وحدات الاستطلاع كشفت العديد منها علي طول خط المواجهة، فطلب الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض،”رئيس الأركان” من الشهيد إبراهيم الرفاعي إحضار واحد منها قائلًا:”إسرائيل نشرت صواريخ في الضفة الشرقية.. عايزين منها صاروخ يا رفاعي بأي ثمن لمعرفة مدي تأثيرها على الأفراد والمعدات في حالة استخدامها ضد جنودنا. ونفذ الرفاعي ورجاله المهمة بنجاح، وبدلا من أن بعود بصاروخ واحد عاد بثلاثة وتم أسر الملازم “داني شمعون” بطل الجيش الإسرائيلي في المصارعة وأحدث ذلك دويا ً هائلا ً في الأوساط الإسرائيلية، إذ تم عزل القائد الإسرائيلي المسؤول عن قواعد الصواريخ.
وتتوالى عمليات الرفاعي الناجحة والتي كان لها أثر مهم في رفع الروح المعنوية لدى الشعب والجيش معا ، وفي نفس الوقت بثت الرعب في نفوس الجنود الاسرائيليين الذين أطلقوا على الرفاعي ورجاله “مجموعة الأشباح”
لمحة عن الحياة الشخصية لأمير الشهداء
تحكي "ليلي إبراهيم الرفاعي" أثناء مشاركتها في برنامج مباشر على قناة “DMC”، منذ 4 سنوات عن علاقتها بوالدها الشهيد الراحل "إبراهيم الرفاعي" وأنها كانت علاقة مقربة جدا رغم صغر سنها حيث كان والدها يصحبها دائما في وحدته، ومن هنا جاء حبها للرماية وكان حلم حياتها أن تكون مثله في المستقبل وأن تنضم للمؤسسة العسكرية.
تكمل "ليلي" أن والدها لم يفرق بينها وبين شقيقها فعلم كلا منهما استخدام البندقية ولعب كرة القدم، وأنها طلبت من والدها أن تركب "الهليكوبتر" فور نجاحها فحقق لها ذلك.
الرفاعي يثأر لـ"عبدالمنعم رياض"
لم تمر عملية قتل الصهاينة للفريق أول "عبد المنعم رياض" رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية فى يوم 9 مارس 1969 بدون رد من القوات المسلحة المصرية. وفور انتهاء الجنازة الشعبية الحاشدة للشهيد عبد المنعم رياض، طلب الرئيس جمال عبد الناصر من وزير الحربية الفريق أول " محمد فوزي " وضع خطة للثأر من قتلة الشهيد عبد المنعم رياض. وكلف الفريق أول محمد فوزي البطل الأسطورى " إبراهيم الرفاعي " قائد المجموعة 39 قتال بوضع خطة الثأر للشهيد عبد المنعم رياض.
وفي يوم 19 أبريل 1969،والذي وافق ذكرى مرور 40 يومًا على استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض، عبر إبراهيم الرفاعي ومجموعة من أعضاء مجموعته قناة السويس نحو سيناء ليدمروا النقطة الحصينة لموقع لسان التمساح، شرق بحيرة التمساح، وهو الموقع الذي أطلقت منه القذيفة التي قتلت الشهيد عبد المنعم رياض، وذبح الرفاعى ورفاقه أفراد الموقع الإسرائيلي بسونكي الكلاشينكوف، ثم حولوا دشم الموقع الثلاثة إلى كتلة من النيران المتأججة ، ثم عبروا عائدين لموقعهم بغرب القناة بعد أن دمروا الموقع بالكامل و قتلوا جميع أفراده والبالغ عددهم 44 فردًا. وبعد العملية تقدمت إسرائيل بشكوى للأمم المتحدة بحجة أن أسلوب الذبح بالسونكي يعتبر تمثيلاً بجثث جنودها.
وعندما التقى الرئيس "جمال عبد الناصر" بالبطل "إبراهيم الرفاعي" ورفاقه من أبطال العملية من المجموعة 39 قتال لتكريمهم على بطولاتهم، قال الرفاعى للرئيس عبد الناصر: بمناسبة لسان التمساح، احنا آسفين يا ريس لو كنا سببنا مشكلة في الأمم المتحدة، فكان رد الرئيس عليه: ادبح الصهاينة براحتك يا إبراهيم، وسيب الأمم المتحدة عليا أنا.