عصام أبو بكر
أمريكا وإسرائيل.. وضرب إيران
ما تسمعونه من الأمريكان حول مطالبة إسرائيل بعدم ضرب المفاعل النووي وحقول النفط الإيرانية هو مطلب آني أي في هذه المرحلة فقط، لاعتبارات مرتبطة بالانتخابات الأمريكية وبسعر النفط العالمي وعدم جهوزية حكومة بايدن للدخول في حرب مع إيران في فترة الانتخابات والتي يعول عليها الحزب الديمقراطي بالبقاء في السلطة، فأمريكا بالتنسيق مع إيران قد تسمح لإسرائيل بضرب بعض المواقع الحيوية الإيرانية مثل محطات إطلاق الصواريخ أو محطات توليد الكهرباء أو مقرات أمنية دون ضرب المفاعلات النووية أو المحطات النفطية الآن أو في الوقت الحالي، لحين ترتيب الأوضاع مقابل أن تسمح إيران بإطلاق يد إسرائيل في لبنان وفي حزب الله دون تدخل من إيران أو مساعدة بمعنى أن تسمح أمريكا لإسرائيل بضربة محدودة مقابل أن تضحي إيران بحزب الله ولبنان، وأن تتركهم فريسة لإسرائيل، فأمريكا
تأخذ بعين الاعتبار جميع قرارات الكابنيت الإسرائيلي المصغر العسكري والسياسي، ولا يحدث أي شيء دون علم الأمريكان وموافقتهم، ولكن لدى إسرائيل مطلق الحرية في توقيت الحدث وطريقته وأمريكا لديها ثقة مطلقة بقدرات العقل الإسرائيلي السياسي والعسكري على إدارة الأزمة والحرب، أمريكا لا تمول إسرائيل بالمعدات العسكرية فقط، وإنما تمولها في حربها الشاملة وإسرائيل تطوعت لدفع الثمن مقابل هيمنة إسرائيل على الشرق الأوسط لاحقا.
ورغم أن جميع التحليلات تطالب الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة ولبنان وعدم توجيه ضربة لإيران فإنن الحقيقة عكس ذلك، فكيف تطالب امريكا بالضغط على إسرائيل بوقف الحرب وهي في الأصل حرب أمريكية بالمطلق فهذه حرب أمريكا وما إسرائيل إلا أداة لتنفيذ هذه الحرب، وستشكر أمريكا إسرائيل على أدائها الرائع وغير المتوقع على تدمير غزة وإنهاء حزب الله والحوثيين وأوسلو، وإعادة مجد الولايات المتحدة الأمريكية في العالم بتعزيز وجودها من خلال ولاية جديدة خاصة بها ستكون في قطاع غزة مع دور مباشر في الضفة الغربية.
إسرائيل لديها مخططات جاهزة لإنهاء النظام الإيراني وتدمير إيران اقتصاديا وبالتأكيد القضاء على مشروع المفاعل النووي الإيراني المنافس الوحيد لها في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إنهاء الإسلام السياسي عالميا والمتمثل بنموذج الخامنئي، والذي هو على رأس قائمة الاغتيالات، وتفعيل المعارضة داخل إيران المنهكة اقتصاديا أساسا، ربما تنتظر إسرائيل الفرصة المناسبة لحين ترتيب الوضع الأمريكي والشرق أوسطي ولكن نهاية إيران أمر حتمي بالنسبة لإسرائيل وأمريكا وأوروبا وبعض الدول العربية.
فضرب إيران مسألة شبه أكيدة وإن تم لن يكون إسرائيليا فقط، وإنما تحالفات قوى عظمى على رأسهم أمريكا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا ومعها بعض الدول العربيه وعلى رأسهم السعوديه، فردع إيران هو جزء من تقليل هيمنة روسيا وبوتين ومسحها من خارطة التأثير في الشرق الاوسط وإعادة ترتيب العالم من جديد، فالعالم يعيد ترتيب نفسه، ورغم تضحية إيران بحزب الله وحماس لإنقاذ نفسها من هجوم إسرائيلي أمريكي أكيد فلا أعتقد أنها بمأمن من مهاجمة أمريكا وإسرائيل لها ولن يكتفي نتنياهو دون مهاجمتها وضرب المفاعل النووي الإيراني ولكن توقيته مرتبط بنهاية موضوع غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا، ثم بعدها سيفرغ لمهاجمة إيران رأس الأخطبوط بعدأن يكون قام بتكسير أذرعها في المنطقة.
إيران لن يكون لها مكان على خارطة الشرق الأوسط الجديد من جميع النواحي ولكن الاختلاف في التوقيت، ولا أعتقد أنه قريبا وقد يستغرق وقتا ولكن في الوقت الحالي ممكن أن ترد إسرائيل على إيران بضرب مواقع حيوية فيها مع اغتيالات مستمرة ولكن إنهاء النظام الإيراني وضرب المفاعل النووي ليس حاليا، فضرب إيران سيكون في توقيت آخر وبصورة مفاجئة وبعد ترتيب وضع غزة والضفة الغربية ولبنان والعراق وسوريا واليمن والتطبيع مع السعودية.
عملية إنهاء إيران ستكون على مراحل ربما يأخذ ذلك فترة من الزمن لكن بالتأكيد ستضرب إسرائيل المفاعل النووي الإيراني ولكن ليس الآن وحتى تضرب إسرائيل المفاعل النووي الإيراني، يجب أن تحقق عدة أهداف داخل إيران أو يمر عبر عدة مراحل. أولا: إضعاف النظام في إيران من خلال تدمير أذرعها في الشرق الأوسط، وهي في الطريق لذلك وما تفعله الآن بضرب حماس وحزب الله والحوثيين هو بداية تكسير أذرعها في المنطقة، وعزلها عن محيطها في الشرق الأوسط. ثانيا: ضرب بعض المواقع الحيوية حاليا واستخدام قوة الردع وضرب مقرات الدولة الإيرانية غير النووية وغير محطات النفط في الوقت الحالي وربما محطات توليد الكهرباء ومقرات أمنية ومنصات إطلاق صواريخ. ثالثا: اغتيالات لقيادات سياسية داخل إيران وتقوية المعارضة بأحداث مظاهرات واضطرابات وإثارة القلاقل في الداخل الإيراني.
رابعا: حصار إيران دوليا وإضعافها اقتصاديا واغتيال علمائها ومنع إمدادها لإكمال مفاعلها النووي.
خامسا: تجريدها من حلفائها الدوليين وتجهيز تحالف دولي قوي والقيام بضربات مختلفة لمواقع حساسة غير نووية كنوع من الردع. وأخيرا.. ضرب المفاعل النووي وإسقاط نظام الملالي الإيراني، وستكون هذه بداية النهاية لإيران دولة ونظاما وسيتم تقسيمها على شاكلة العراق وسوريا، وستحتاج إلى عقود طويلة للتعافي ولن تعود دولة الخامنئي الذي سيكون على رأس شخصيات النظام استهدافا للاغتيال كما كانت، ولكن حتى تحصل إسرائيل وأمريكا على تحقيق أهدافهما في تدمير إيران فهذا يتطلب وقتا يندرج تحت قائمة التفتيت المبرمج والمخطط له، وليس عبارة عن ضرب المفاعل النووي فقط، ولكن سيتم استهداف أكثر من مكان ومن هدف مهم وحساس وسيكون الرد موجعا وسيكون بداية النهاية لإيران.