وول ستريت جورنال: إسرائيل تفتح جبهات جديدة للقتال بعد مرور عام على هجمات 7 أكتوبر
وكالات
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم الاثنين أنه بعد مرور عام على هجمات 7 أكتوبر الماضي، تستعد إسرائيل حاليا لخوض حروب أخرى تستغرق سنوات بعدما رأت أن مستقبلها في ذلك، متجاهلة دعوات الحلفاء لوقف إطلاق النار في غزة وبدلا من ذلك فتحت مسارح جديدة للقتال.
وأوضحت شايندي رايس نائبة رئيس مكتب الصحيفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومقرها في إسرائيل، في تقرير تحليلي إن إسرائيل شنت سلسلة من الهجمات ضد جماعة حزب الله اللبنانية في الأسابيع الأخيرة، في حين استهدفت في الوقت نفسه الحوثيين في اليمن، وداهمت الضفة الغربية المحتلة كما رسمت خطواتها التالية ضد إيران.
ونقلت عن ياكوف أميدرور مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق قوله: "ستكون الحروب الاستباقية في المستقبل جزءًا من مجموعة الخيارات الإسرائيلية".
ورجح التقرير أن تؤثر هذه الاستراتيجية الجديدة على إسرائيل ككل، وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، وزعزعة العلاقات مع الولايات المتحدة، التي شهدت نفوذها يتضاءل باعتبارها الحليف الدبلوماسي الرئيسي لإسرائيل وموردها للأسلحة.
ونقل عن تامير هايمان، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق والمدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب قوله إنه بدون البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية، "فإنها مسألة حرب لا نهاية لها"، مضيفا أنه "بعد غزة، سنذهب إلى لبنان. بعد لبنان، نذهب إلى الضفة الغربية. بعد الضفة الغربية، نذهب إلى إيران".
وتابع التقرير أنه بالنسبة للعديد من الإسرائيليين، فتح هذا واقعا جديدا مرعبا حيث فرضت إسرائيل الخدمة العسكرية الإلزامية على معظم المواطنين، مع جيش يعتمد على كل من المجندين ومئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين يعيشون حياة طبيعية في وقت السلم، لذا بدأ الإسرائيليون الآن في التفكير في مستقبل حيث يمكنهم قضاء المزيد من الوقت في الحرب.
ونقل عن إحدى المجندات الإسرائيليات قولها إنها أمضت أكثر من 200 يوم في الاحتياطي منذ 7 أكتوبر رغم أنها كانت تقضي عادة 30 يومًا في الاحتياطي قبل الحرب، مؤكدة أنها لا تتخيل أن يكون لديها عام آخر مثل هذا.
وأشار إلى أن التبادلات العنيفة تفتح الباب أمام مواجهات من شأنها أن تخاطر بجر القوى العالمية الكبرى إلى حرب، موضحة إن إيران أطلقت الأسبوع الماضي وابلاً من 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، تم إسقاط معظمها أو أخطأت أهدافها، لكن إسرائيل وعدت برد قوي.
وقال عوفر شيلح، مدير أبحاث في معهد دراسات الأمن القومي: "هذه ليست حربًا ضد حماس أو حزب الله. هذه حرب ضد محور المقاومة الإيراني".
ولفت التقرير إلى أنه من وجهة نظر معظم العالم العربي، كانت السياسات الأمنية الإسرائيلية عدوانية بالفعل قبل السابع من أكتوبر الماضي عندما فرضت إسرائيل، حصارًا على غزة أدى إلى عزل القطاع إلى حد كبير.
كما بدأت إسرائيل في تصعيد الغارات على الضفة الغربية في عام 2021، حيث وصل عدد القتلى الفلسطينيين إلى أعلى مستوياتها العام الماضي منذ الانتفاضة الثانية، وهي الانتفاضة التي اندلعت من عام 2000 إلى عام 2005 وشهدت هجمات فلسطينية واسعة النطاق على إسرائيل ورد عسكري إسرائيلي شرس.
ويقول منتقدو التحول الاستراتيجي لإسرائيل إنه سيغرق المنطقة في صراع لا نهاية له خاصة أن وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم العربي تواصل التركيز على حصيلة القتلى في غزة، حيث قُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفقًا للسلطات الصحية المحلية، التي لا تميز بين وفيات المقاتلين والمدنيين كما تجمع مئات المحتجين في تل أبيب الشهر الماضي الذين يطالبون بوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس.
وذكر التقرير أنه يجب على إسرائيل أن تتعامل أيضًا مع حليف حذر قد يقود الولايات المتحدة، حيث قد تكون انتخابات نوفمبر المقبل لها عواقب وخيمة خاصة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن نجح في التوفيق بين الدعم غير المشروط تقريبا لدفاع إسرائيل وفي الوقت نفسه الدعوة باستمرار إلى إنهاء الأعمال العدائية.
ويقدر مسؤولو الأمن إن الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى القتال لمدة عام آخر على الأقل في غزة، وتحتاج القوات إلى التمركز هناك لسنوات مقبلة. وقالت إسرائيل إن توغلها البري في لبنان سيستهدف البنية التحتية لحزب الله على طول الحدود ومحدود المدة، ولكن في غياب أي بديل قابل للتطبيق لتوفير الأمن في تلك المنطقة، سيكون على إسرائيل البقاء حتى يصبح من الآمن لعشرات الآلاف من الإسرائيليين العودة إلى منازلهم بالقرب من الحدود.
وتعمل لجنة حكومية إسرائيلية على وضع توصيات حول كيفية تغيير الموقف العسكري الإسرائيلي ومقدار الأموال التي ستحتاج إلى إنفاقها على الدفاع.
ويقدر بعض المحللين أن الإنفاق العسكري قد يصل إلى 10% من إجمالي الناتج المحلي لإسرائيل ويتطلب من البلاد تحمل المزيد من الديون وزيادة الضرائب ووقف تمويل المشاريع التي تعتبرها غير حاسمة.
وقد قدر بنك إسرائيل أن الحرب ستكلف إسرائيل نحو 65 مليار دولار من عام 2023 إلى عام 2025، قبل أن يبدأ التصعيد الأخير في لبنان بينما حذر محافظ بنك إسرائيل أمير يارون من زيادة الإنفاق إلى الحد الذي قد يتسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد.
وسوف تصطدم الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة بالجمهور الإسرائيلي المنقسم حيث تحولت حركة الاحتجاج الجماهيرية ضد خطط رئيس الوزراء نتنياهو لإصلاح القضاء قبل السابع من أكتوبر إلى حركة تسعى إلى إنهاء الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
كما أن المزيد من الحروب سوف تتطلب أيضاً المزيد من القوات، وقد جعل هذا من الحاجة إلى تجنيد اليهود المتشددين الذين كانوا معفيين من الخدمة العسكرية منذ فترة طويلة مسألة أكثر إلحاحاً، وزاد من الغضب تجاه شريحة من المجتمع ينظر إليها على أنها لا تشارك بالتساوي في عبء هذه الحروب.