عاجل
الإثنين 30 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

«انتصار أكتوبر».. كيف هزم إسرائيل فى إفريقيا؟

جنت مصر ثمار تعاونها وعلاقاتها مع الدول الأفريقية، ودعم حركات التحرر الأفريقية للاستقلال منذ خمسينيات القرن الماضى، خلال حرب أكتوبر المجيدة فى عام 1973، حيث وقفت غالبية الدول الأفريقية، مساندة وداعمة لمعركة التحرير المصرية، لاسترداد أرض سيناء، من المحتل الإسرائيلى.



وخلال الحرب، ظهر التضامن الأفريقى والعربى، مع الدولة المصرية فى حربها ضد العدو الإسرائيلى، بصورة جعلت من الانتصار المصري فى أكتوبر 1973، بمثابة انقلاب نوعى، على مساعى إسرائيل للتواجد فى الساحة الأفريقية، وتجسدت صور الدعم الأفريقى لمصر، فى قطع غالبية الأشقاء علاقاتهم الدبلوماسية مع إسرائيل، ما مثّل هزيمة ونكسة للعدو الإسرائيلى فى أفريقيا.

وتعد حرب أكتوبر نقطة فاصلة فى تاريخ التواجد الإسرائيلى فى أفريقيا، حيث عقدت منظمة الوحدة الأفريقية، بعد اندلاع الحرب، بحضور 42 دولة أفريقية، واتخذت قرارات بفرض عقوبات على إسرائيل، تضمنت فرض حظر اقتصادى على “إسرائيل”، مع العمل على إقامة علاقات وثيقة للتعاون بين أعضاء منظمة الوحدة الأفريقية والجامعة العربية.

ووقفت الدول الأفريقية والعربية، داعمة للدولة المصرية، فى معاركها لتحرير أرض سيناء، وتضمنت مظاهر الدعم أدوارا سياسية ودبلوماسية وعسكرية مهمة فى تحضير مصر للمعركة والحرب فى أكتوبر 1973، ثم فى المرحلة التالية للحرب، من خلال ممارسة الضغوط الدبلوماسية على المجتمع الدولى ودعم الموقف المصري فى معركة تحرير أرض سيناء كاملة من المحتل الإسرائيلى، فى مواقف سجلها التاريخ بحروف من نور فى سجل العلاقات المصرية الأفريقية والعربية.

6 مواقف تاريخية

قبل حرب أكتوبر بسنوات، حظيت أفريقيا بأولوية فى اهتمامات السياسة الخارجية المصرية، وتحديدا بعد ثورة 23 يوليو 1953، وتبنت مصر خلال فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر، عددا من القضايا المهمة على الساحة الأفريقية فى هذه الفترة، أهمها: مناهضة الاستعمار الأوروبى، ودعم تحرر الدول الأفريقية، ومناهضة النظم العنصرية فى القارة، ورفض أشكال الاستعمار الجديد وأشكال الهيمنة والتبعية الغربية، والمساهمة الإيجابية والفاعلة فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، حيث كان الرئيس عبدالناصر من الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1963.

وامتد التأثير المصري لغالبية دول القارة، من خلال دعم القاهرة لحركات التحرير الأفريقية، فقد كانت مصر أول دولة فى العالم تقدم لحركات التحرير الأسلحة والتدريب العسكرى المناسب، وظهر الدعم أيضا بفتح مكاتب لحركات التحرير الأفريقى فى القاهرة، لإيجاد تواصل بين حركة التحرير الأفريقية وبين مصر ومع العالم الخارجى أيضا، وكانت مصر أول بلد فى العالم يتجمع فيه عدد كبير من المكاتب السياسية الأفريقية.

وخلال فترة حكم الرئيس أنور السادات، نستطيع أن ننظر لمسار العلاقات المصرية الأفريقية، خلال هذه الفترة بأنها فترة استثمار لنتائج سياسات وتأثير مصر بالقارة فى عهد جمال عبدالناصر، وظهر ذلك فى معركة التحرير المصرية واسترداد أرض سيناء من إسرائيل فى حرب أكتوبر 1973، واتخذت الدول الأفريقية مجموعة من المواقف التاريخية التي تدعم مصر فى حربها مع المحتل الإسرائيلي، وأهم هذه المواقف هى:

 1- 8 دول تقطع علاقاتها مع إسرائيل

أول المواقف الأفريقية الداعمة لمصر فى معارك تحرير سيناء، كان بعد النكسة عام 1967، حيث نظر الأفارقة إلى إسرائيل بوصفها قوة احتلال تحتل أراضى أفريقية، فى وقت كانت مصر والدول العربية فى مقدمة الداعمين لحركات التحرر الوطني الأفريقية.

من هذا المنطلق قامت 8 دول أفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1972، حيث قامت أوغندا بقطع علاقاتها مع إسرائيل، ثم تبعتها سبع دول أخرى هى تشاد ومالى والنيجر والكونغو وبوروندى والكونغو الديمقراطية وتوجو.

2- تحذير إسرائيل

ومع استمرار التعنت الإسرائيلى بعد النكسة، بدأت منظمة الوحدة الأفريقية تتخذ قرارات أكثر حزمًا ضد إسرائيل، وصولًا للقرار الذي اتخذته المنظمة فى مايو 1973، الذي تضمّن تحذيرًا رسميًا لـ “إسرائيل” بأن رفضها الجلاء عن الأراضى العربية المحتلة يعتبر اعتداء على القارة الأفريقية وتهديدًا لوحدتها، وأن الدول الأعضاء فى منظّمة الوحدة الأفريقية تعتبر نفسها مدعوّة لأن تأخذ منفردة أو بصورة جماعية أيّ إجراءات سياسية واقتصادية مناسبة لصد ذلك العدوان.

3- حظر اقتصادى على إسرائيل

ظلت الدول الأفريقية على موقفها الداعم للدول المصرية والدول العربية فى معاركها مع المحتل الإسرائيلي، حتى قامت حرب أكتوبر 1973، وظهر فيها التضامن الأفريقى مع مصر والعرب، خاصة فى منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، عندما عقدت منظمة الوحدة الأفريقية اجتماعًا استمر 3 أيام فى أديس أبابا حضرته 42 دولة أفريقية وعربية لمناقشة تأثيرات الحرب على أفريقيا، وانتهى الاجتماع بقرار المجتمعين الذين دعوا فيه جميع الدول الأعضاء فى منظمة الوحدة الأفريقية إلى فرض حظر اقتصادى على “إسرائيل”، ودعا البيان إلى إقامة علاقات وثيقة للتعاون بين أعضاء منظمة الوحدة الأفريقية والجامعة العربية.

 4- 20 دولة تقطع علاقاتها بعد أكتوبر 1973

نجحت الجهود العربية والأفريقية وقت حرب أكتوبر فى عزل إسرائيل، حيث قامت 20 دولة أفريقية بعد نصر أكتوبر 1973 بقطع علاقاتها مع إسرائيل، حيث كان لتل أبيب علاقات مع 25 دول أفريقية قبل الحرب، وفى يناير 1974، كانت فقط 5 دول التي مازالت على علاقة مع إسرائيل هي: جنوب أفريقيا، وليسوتو، ومالاوي، وسوازيلاند، وموريشيوس.

5- التصويت باعتبار “الصهيونية” حركة عنصرية

من المواقف التاريخية للدول الأفريقية وقت حرب أكتوبر، كان الحشد الأفريقى للتصويت على اعتبار “الصهيونية” حركة عنصرية، وجاء هذا القرار على المستوى الأفريقى وعلى مستوى الأمم المتحدة، حيث صوت رؤساء دول وحكومة منظمة الوحدة الأفريقية على القرار 77 (د-12) فى أغسطس 1975، الذي يعتبر “النظام العنصرى الحاكم فى فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين فى زيمبابوى وجنوب أفريقيا وقتها، يرجع إلى أصل استعمارى مشترك، ولها هيكل عنصرى واحد، وترتبط ارتباطا عضويا فى سياستها الرامية إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته”.

كما دعمت الدول الأفريقية بقوة قرار التصويت على القرار الصادر من الأمم المتحدة رقم 3379 فى نوفمبر 1975، والذي يقر بأن “الصهيونية شكل من أشكال العنصرية”، وبتحليل السلوك التصويتى للمجموعة الأفريقية نجد أن الدول الأفريقية التي ساندت الموقف الإسرائيلى سواء بشكل حاسم أو غير حاسم تصل إلى 20 دولة.

6- أول قمة عربية أفريقية

خلال منتصف السبعينيات، وصلت العلاقات العربية الأفريقية لأعلى مستويات الشراكة والتنسيق، واتخذت القمة العربية فى الرباط 1974، قرارا بعقد مؤتمر قمة عربى أفريقى مشترك، ليمثل نقطة تحول فى علاقات التعاون العربى الأفريقي، وأثمرت هذه الجهود فى استضافة القاهرة فى مارس 1977 أول مؤتمر قمة عربية أفريقية، شارك فيه 65 دولة عربية وأفريقية، صدر عنه إعلان سياسى من 13 بندا، تعهدت فيه الدول العربية والأفريقية بتنمية علاقاتها على المستويين الثنائى ومتعدد الأطراف.

ومع مطلع الثمانينيات كانت “إسرائيل” قد خسرت القارة الأفريقية، وتقلّص تمثيلها الدبلوماسى إلى أقصى حد، حيث كان التقارب العربى الأفريقى عاملًا أساسيًا فى الحد من التغلغل الإسرائيلى فى أفريقيا، وهو ما أكده “آريه عوديد” الدبلوماسى الإسرائيلى فى أفريقيا فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى، فى كتابه “إسرائيل وأفريقيا”، مشيرًا إلى التأثير المتراكم لقرارات منظمة الوحدة الأفريقية المعادية لـ”إسرائيل”، منذ 1970، كانت له نتائج خطيرة فى حرب أكتوبر 1973.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز