عاجل
الجمعة 11 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

دينا توفيق تكتب: يا حواء.. وداعًا لكل نفس رحلت

دينا توفيق
دينا توفيق

كانت ابتسامة الرضا لا تفارق شفتيها.. تحاول جاهدة أن تكتم الحزن بداخلها.. وتمسك دموعها بقوة حتى لا تتساقط أمام أحد.. إنها نموذج للصمود.. كان لي الشرف أن التقى تلك السيدة وهي "غادة الهلالي".. لقد شاء القدر أن تمر بأصعب إحساس فى الحياة وهو ألم الفقد الذي لا يعادله ألم نهائيا، حيث فقدت فى البداية والديها عند وقوع الزلزال فى عام 1992 وما نتج عنه من انهيار العقار الذي تسكنه فى منطقة "هليوبوليس".



  وبعد رحلة طويلة من الكفاح، حققت حلمها فى أن تصبح طبيبة قادرة على التخفيف عن المرضى آلامهم وكانت تجد سعادتها فى ذلك.. لكن تعرضت بعد ذلك لمحنة كبرى عندما فقدت ابنها "مصطفى" البالغ من العمر 23 سنة فى حادثة سيارة بمنطقة "القاهرة الجديدة" منذ حوالى سنتين.. هذا الابن كان محبوبا من الجميع، نظرا لما يتمتع به من طيبة القلب.. اهتزت "غادة" كثيرا عند وفاة ابنها لكن إيمانها بالله كان قويا.. وكانت تقول لنفسها: ربما كان دوري فى حياته قد انتهى، لكن دوري بعد رحيله ما زال مستمرا.

 

 لذا حرصت على المشاركة فى عمليات الاطعام للناس الفقراء والمحتاجين وأصبح بيتها مفتوحا لإقامة دروس الدين، التي كان يتهافت عليها الكثير من أصدقاء "مصطفى".. وكانت تفرح عندما تراهم يتوافدون على المنزل ويتذكرونه بالدعاء.

 

تشعر "غادة" أن ابنها رحل بجسده فقط لكن روحه لاتزال باقية تحرسها.. أخذت تطيل النظر الى صوره التي تملأ أرجاء المنزل.. ربما كانت عيناها غير قادرة على رؤيته لكن قلبها مازال يبصره.. ثم تنهدت وهى تتذكر لقاءها الأخير معه الذي كان فى نهاية شهر رمضان حيث ظلا يتحدثان معا لساعات طويلة، فقد كان من المفترض أن يسافر بعد ذلك لاستكمال السنة الدراسية الأخيرة له فى الخارج.. لكن وقعت تلك الحادثة التي أنهت حياته فى لحظات.. لم تتوقع "غادة" أن الأيام القادمة ستضعها على مفترق الفجيعة.. أى حمل ثقيل ألقى به القدر على عاتقها.. أحسست فى البداية أن البيت والمكان والكون بدأ يتشح بالسواد.. فلا عزاء يجدى ليطبطب على قلبها أو ليكفكف دمعها.. لكنها لملمت جراحها وأحزانها وأخذت تردد كثيرا كلمة: الحمد لله.. فقلبها صار متعلق بالرضا.. وابتسمت "غادة" ابتسامة خافتة، فهى تشعر بالسعادة عندما تتحدث عن "مصطفى".. وستظل دائما فخورة به. 

 

وقد قامت بتحويل المصروف الذي كان يأخذه إلى صدقة تقوم باخراجها باستمرار.. وقد شجعها على ذلك زوجها حيث كان سندا لها طوال تلك الأيام العصيبة.. فقد رحل "مصظفى" عنهم ولم يرحل منهم.. واختتمت "غادة" حديثها قائلة بهدوء: ألم الفقد من الصعب تجاوزه لكننى عرفت كيف أتصالح معه وكيف أحول مشاعر الاشتياق لـ"مصطفى" للدعاء له.. ويوم ما سوف ألحق به ونلتقي بإذن الله لقاء أبدى لا فراق بعده. 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز