ناهد إمام
همس الكلمات
السيد البدوي واللواء الخولي.. وتبة الشجرة!
أيام قليلة وتحل الذكرى 51، اليوم الذي لا ينسى في تاريخ العالم بأجمعه، وهي الذكرى العطرة التي سيظل يتذكرها دائما وأبدا المصريون الذين رفعوا رؤوسهم شامخة أمام العالم أجمع هي، "نصر أكتوبر العظيم"، واستعادة العزة والكرامة، وتضحية جنودنا البواسل بكل غالٍ ونفيس وبدمائهم الذكية لتحرير الأرض الغالية.
وكما قالت صحيفة واشنطن بوست، في اليوم التالي للنصر فىذي 7 أكتوبر 1973: "إن احتفاظ المصريين بالضفة الشرقية للقناة يعد نصراً ضخماً لا مثيل له تحطمت معه أوهام الإسرائيليين بأن العرب لا يصلحون للحرب".
ومع كل ذكرى لحرب الانتصارات، لا بد أن نتذكر شهداءنا الأبرار في جنة النعيم والخلد، ونعزي أسرهم وأن الدولة لا تنسى أبناءها الأبرار على الدوام، كما لا بد أن نرثي كل أسير وقع في أيدي عدو الوطن وما تحمله في سبيل الحفاظ على أسرار البلد وحماية شرفها، كما نشكر كل أم قدمت أغلى ما عندها وهو ابنها ليكون في ساحة المعركة فداء لوطنه الغالي.
ولا بد أن نقدم التعظيم والسلام لكل من أسهم في حرب العزة والفخر، بدءا من الجندي الصغير حتى أعلى رتبة في قواتنا المسلحة خير أجناد الأرض.
ونقدم التهنئة والشكر الجليل لأبطالنا الذين ما زالوا على قيد الحياة، والذين حباهم الله بالعمر المديد حتى يكونوا لنا شهداء على العصر، لنتعلم من تضحيات أبطالنا ونستمع إلى قصص الفخر لنا ولأجيالنا.
ويسعدنا لقاء أحد الأبطال شهداء على العصر "حماه الله" وأعطاه الصحة والعافية اللواء طيار أركان حرب عادل الخولي، وسرد بعض الذكريات حول أصعب فترة وهي الألف يوم "فترة الاستنزاف".
ويقول البطل العظيم: "لقد سمحت لي الأقدار أن أكون شاهدا على مرحلة مهمة وحاسمة من تاريخ بلدنا الحبيب مصر، حيث التحقت بالكلية الجوية المصرية في 11/12/1965 ضمن الدفعة 20 طيران، حيث وجدت الجدية والرجولة والوطنية المصرية والعمل الجاد الدؤوب، وتدور الأيام لأصل للقسم النهائى كمساعد طالب طيار الكلية الجوية، أعلى رتبه عسكرية لطالب كلية عسكرية وتعطى لأول الدفعة، حيث كنت أول دفعتى وأول الطيران، تخرجت برتبة الملازم طيار فى الأول من أبريل 1968 وكنت أول الدفعة، وقبل فترة وجيزة جدا من إنهائنا لبرنامج وحدة تدريب المقاتلات، وذلك في زمن قياسي للغاية، وبالتالي تم اختياري ضمن عدد محدود من دفعتي، رغم حداثه خبرتنا وعدد آخر من الطيارين الأكثر خبرة للالتحاق بوحدة تدريب المقاتلات القازفة على الطائرة السوخوى 7 الأسرع من الصوت "ضعف سرعة الصوت"، وبدأنا فى الطيران غاية فى الإنخفاض تحت 25 مترا وبسرعات عالية حوالي 1000 كم/ ساعة حتى لا تتمكن وسائل الدفاع الجوي المعادية من اكتشافنا أو الاشتباك معنا، وأيضا تدريبات على الملاحة وتمكنا من الوصول لأهداف صغيرة جدا "نخلة البراق"، كهدف لتدريب الطيارين، ومن مسافات بعيدة وأيضا إصابة الأهداف بدقة بالغة، وتدربنا على الطائرة، وكنا كلنا حماس وأمامنا هدف وحيد هو تحرير أرض سيناء الغالية".
ويحكي لواء عادل الخولي، ذكرياته مع مسجد السيد البدوي، حيث كان طيار ثاني طائرة مقاتلات قازفة سوخوي 7 تهبط بمطار طنطا الجديد، مما جعل بالفلاحين القريبين من سور المطار يقومون بعمل مظاهرة احتفالية وطنية، مع ترديد هتاف الله أكبر وتحيا مصر، بطريقة تقشعر لها الأبدان من فرط التأثر والأمل في نصر قريب بإذن الله عز وجل، وفي المساء عند الذهاب للصلاه بمسجد السيد البدوي، قام المواطنون بالمسجد وعند مداخله وبساحته الأمامية استقبالهم برفع نداء الله أكبر وتحيا مصر والدعاء لهم "أن يحميهم الله عز وجل"، رغم كونهم يرتدون الزي المدني وصغيري السن، "22 – 27 سنة"، ويصعب تمييزهم عن طلبة الجامعة.
ويذكر لنا اللواء عادل الخولي، إحدى معارك الألف يوم، وهي حرب الاستنزاف التي بدأت أحداثها حينما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة بور فؤاد بهدف احتلالها يوم 1 يوليو، 1967، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة "رأس العش". وتصاعدت العمليات العسكرية خلال الأشهر التالية ، واستمرت الحرب لنحو ثلاث سنوات، وخلالها استهدفت غارات سلاح الجو الإسرائيلي المدنيين المصريين أملا في إخضاع القيادة السياسية المصرية، مستخدمين في ذلك مقاتلات الفانتوم الأميركية الحديثة .
ويشير إلى أنه، في 7 أغسطس، 1970 انتهت المواجهات بقرار الرئيس عبد الناصر والملك حسين ، قبول مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار. ولم تؤد الحرب إلى أي تغييرات في خطوط وقف إطلاق النار، ولم تنجح كذلك المساعي الهادفة للتوصل إلى تسوية سلمية بسبب التعنت الإسرائيلي، وإنما سادت حالة من اللا سلم واللا حرب، والتي أدت بدورها إلى نشوب حرب أكتوبر بعد ثلاث سنوات.
ويشير الخولي إلى أن حرب الاستنزاف كانت تشهد طلعات عمليات حقيقية تبدأ يوميا من أول ضوء حتى آخر ضوء، بالإضافة لبرنامج التدريب اليومى عالي المستوى وأيضا مهمة معاونة الميج 21 فى مهام الدفاع الجوي، ولم يكن هناك شيء يوقفهم عن تلك الطلعات سواء الأمطار أو غيرها و كانت تصل إلى 4 طلعات فى اليوم ما بين عمليات قصف ودفاع جوى وأيضًا تدريب.
وحول إحدى الطلعات الجوية الخطيرة، أشار لواء عادل الخولى إلى "تبة الشجرة"، حيث كانت فىذي أحد أيام الشتاء وكانت الأحوال الجوية غاية فى السوء والأمطار تنهمر والسحاب على ارتفاع 200 متر حتى ثمانية كيلومترات وجميع المطارات المصرية مغلقة لسوء الأحوال الجوية، وأيضًا مطارات سيناء، فما كان من قائد اللواء العقيد طيار عبدالرحمن الطلياوي في مطار طنطا، إلا أن قال: ده كده جميل وطلب منه، أن يبلغ مطار المنصورة بالفتح عند فتح مطارهم، حيث يجب للإقلاع وجود مطار آخر مفتوح كحد أدنى للطوارئ ، ووافق قائد التشكيل الجوى المتواجد بالمنصورة ، وفى السادسة والنصف صباحًا فتحوا مطارهم للعمل وتلاه مطار المنصورة، وأقلع الخولى ضمن تشكيل من 4 طائرات سوخوي 7 فى صمت لاسلكي مطبق ووسط زخات من المطر المتواصل وطاروا على ارتفاع منخفض للغاية، والسحاب وأمطاره التي لم تتوقف تشكل غطاء حماية فوقهم، متجهين للموقع الحصين بـ"تبة الشجرة" و قاموا بضربه من هذا الارتفاع المنخفض جدًا حتى لا يدخلوا في السحاب وفقد الرؤية، وتم ضرب الموقع بعدد 8 قنابل زنة نصف طن للواحدة بإجمالي 8 أطنان، قائلا: بتوفيق "الله عز وجل" كانت إصابة مباشرة وخسائر فادحة للعدو كما صورتها كاميرات طائراتنا".
وفي ختام جزء بسيط من ذكرياته، توجه لواء أ.ح عادل الخولي، بالتحية والتقدير للشهداء الأبرار وللقيادة السياسية والعسكرية ولقيادة القوات الجوية ولجميع العاملين سواء فى التخطيط والتدريب والإمداد وللأطقم الأرضية والفنيين ولرجال القوات المسلحة كل في موقعه، والتحية لشعب مصر العظيم الذي وقف خلف قواته المسلحة داعمًا لها، مؤكدا إن مصر الحبيبة الآن بأيد وطنية شريفة أمينة بقيادة المشير الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبقيادتها العسكرية الوطنية حفظها الله وسدد خطاها، ودائما الله أكبر وتحيا مصر حرة أبية.
ألستم تتفقون معي، أنه رغم مرور 51 عاما على حرب الانتصار، لا بد أن نتذكر بطولات أبطالنا، حتى نحافظ على أرضنا، ويعلم شبابنا، أن بلادنا الغالية دائما مستهدفة بكل الأشكال سواء العسكرية أو الاقتصادية أو الإرهابية، ونعمل دائما على ردع خفافيش الظلام، من مساسها بأي سوء، ونواصل مسيرة النماء بقيادة رئيسنا الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولا نعطي أي مجال للشائعات والأكاذيب الهدامة لمصرنا حماها الله.