مستقبل مصر الرقمي في إطار مبادرة بناء الإنسان
أقطاب تكنولوجيا الفضاء في ندوة لجنة الفضاء بنقابة المهندسين بالشرقية
تعزيزًا للوعي الهندسي ونشر ثقافة علوم الفضاء، نظمت لجنة الفضاء بالنقابة العامة للمهندسين، ندوة تثقيفية بعنوان: "الاتصالات الفضائية والاستشعار عن بُعد: مستقبل مصر الرقمي"، التي جاءت ضمن سلسلة فعاليات تهدف إلى تمكين المهندسين المصريين من مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية.
وهدفت الفعالية لتسليط الضوء على الدور الحيوي لتكنولوجيا الفضاء، وتعزيز مكانة مصر كدولة رائدة في مجال الابتكار والتكنولوجيا، حيث تمت مناقشة العديد من الموضوعات المهمة التي تشمل الاتصالات الفضائية، أنظمة الاستشعار عن بُعد، دور الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، وتأثير هذه التقنيات على القطاعات الحيوية مثل: الزراعة، الصحة، وإدارة الموارد الطبيعية.
وافتتح المهندس أحمد المنهاوي ـ مقرر اللجنة، الندوة مشيرا إلى أن الاتصالات الفضائية وأنظمة الاستشعار عن بعد ليست مجرد تقنيات مستقبلية، بل أصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولها تأثير مباشر على مختلف القطاعات، مثنيا على دور اللجنة في دعم المهندسين وتوفير التدريب والتأهيل اللازم لهم، بما يحقق رؤية مصر 2030 في التميز التقني والعلمي، ويضع مصر في مصاف الدول المتقدمة في مجال الفضاء.
وأعرب أ. د. تامر جعفر ـ رئيس نقابة المهندسين بالشرقية، عن سعادته بوجود "لجنة الفضاء بالنقابة العامة" والجهود التي تبذلها في نشر ثقافة علوم الفضاء بين المهندسين المصريين، مرحبا بالخبراء المتحدثين، مثنيًا على خبراتهم القيمة ودورهم المتميز في دعم وتطوير تكنولوجيا الفضاء والاتصالات في مصر، مؤكدا دورها في تعزيز التعاون بين المهندسين والجهات العلمية، وبناء جيل من المهندسين القادرين على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وكفاءة.
وأوضح أ. د. "أحمد فرج" ـ رئيس لجنة الفضاء وعضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، أن هذه الندوة جاءت ضمن "خطة اللجنة لنشر ثقافة الفضاء في مختلف محافظات مصر"، بعد النجاح الذي حققته ندوة الإسكندرية. مؤكدا أن اللجنة تعمل على إيصال المعرفة والتوعية إلى المهندسين في أماكن تواجدهم، حرصًا منها على توفير فرص متساوية للتعلم وتبادل الخبرات.
وأشار "فرج" إلى أن اللجنة، مدعومة بمجموعة من أبرز الخبراء في مجالات الفضاء والتكنولوجيا، تضع على عاتقها مهمة نشر علوم وثقافة الفضاء بين المهندسين المصريين، موضحا أن هذه الجهود تأتي في إطار "مبادرة بناء الإنسان"، وهي مبادرة رئاسية مهمة تسعى للنهوض بالمجتمع المصري من خلال التثقيف والتوعية، مشيرا إلى أن أحد أهداف هذه المبادرة هو رفع كفاءة المهندسين وتزويدهم بأحدث المعارف في "تكنولوجيا الفضاء"، مستعرضا "إنجازات اللجنة خلال الفترة السابقة".
وتحدث د. "أبوبكر الهادي"، حول "الأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء"، وبصفته خبيرًا في "هندسة نظم الأقمار الصناعية"، استطاع الدمج بين "الشرح العلمي العميق" والأسلوب السهل الممتنع، ما أضفى على كلمته طابعًا تعليميًا شيقًا، موضحا كيف تحولت "الأقمار الصناعية" من مجرد أدوات لاستكشاف الفضاء الخارجي، إلى مكونات أساسية تلعب أدوارًا محورية في مختلف جوانب حياتنا اليومية.
كما تحدث "أبو بكر" عن "التكنولوجيا المستخدمة في تصميم وتشغيل الأقمار"، لافتا إلى أن الأقمار الصناعية لم تعد مجرد وسائل اتصالات متقدمة، بل أصبحت أدوات حيوية في تحقيق "التنمية المستدامة"، مشيرًا إلى دورها الكبير في دعم "الزراعة الذكية"، "إدارة الموارد المائية"، ورصد "التغيرات البيئية والمناخية"، مشيرا إلى أهمية "هندسة النظم الفضائية"، لتحقيق أقصى كفاءة، مع مراعاة الظروف القاسية التي يواجهها في الفضاء، مثل درجات الحرارة العالية، الإشعاعات، وانعدام الجاذبية.
واختتم د. أبوبكر حديثه بالإشارة إلى المستقبل الواعد لتكنولوجيا الفضاء في مصر، مؤكدًا أن "مصر تمتلك كوادر هندسية" قادرة على قيادة مشاريع فضائية متقدمة، ما يجعلها مؤهلة لتصبح من اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي، مشجعا المهندسين الشباب على الاستفادة من هذه الفرص والتعمق في دراسة "علوم الفضاء"، مؤكداً أن المستقبل يحمل المزيد من الفرص لمن يسعى للريادة في هذا المجال.
وقدم د. هيثم مدحت ـ ممثل وكالة الفضاء المصرية، عرضًا ثريًا عن دور الوكالة وإمكانياتها الحالية، مسلطًا الضوء على جهود مصر المتواصلة لتعزيز حضورها في قطاع الفضاء، موضحًا كيف استطاعت الوكالة أن تتطور بسرعة لتصبح لاعبًا فاعلًا في المنطقة.
ولفت "مدحت" إلى إمكانات الوكالة الحالية من حيث: البنية التحتية، المختبرات المتخصصة، منظومات التحكم، مراكز التجميع والاختبار. مشيرا إلى المشاريع الحالية التي تديرها الوكالة، وموضحًا كيفية استخدام هذه الإمكانات لتطوير الأقمار الصناعية المصرية المتقدمة، والمساهمة في الأبحاث الفضائية، والتعاون مع وكالات الفضاء العالمية.
واستعرض ممثل وكالة الفضاء جهود مصر في "نقل تكنولوجيا الفضاء وتوطينها"، ما يعزز مكانتها كدولة رائدة في المنطقة، وموضحًا أن مصر اليوم لم تعد فقط مستهلكة للتكنولوجيا، بل أصبحت "الدول المصنعة" للأقمار الصناعية، ولها دور فاعل في دعم "التنمية الاقتصادية" والتقنية من خلال تكنولوجيا الفضاء، مشيرا إلى أن "صناعة الفضاء" تمثل ركيزة أساسية في خدمة المجتمع وتحقيق "التنمية المستدامة"، حيث تتيح تكنولوجيا الفضاء حلولًا مبتكرة لـ "إدارة الموارد المائية والزراعية" بفاعلية عالية، وتلعب دورًا جوهريًا في "التخطيط العمراني" وتطوير البنية التحتية بشكل يضمن استمرارية النمو والتنمية المستدامة.
وأشار د. هيثم إلى التعاون المثمر بين وكالة الفضاء المصرية ولجنة الفضاء بالنقابة العامة للمهندسين، موضحًا أن هذا التعاون يأتي في إطار نشر ثقافة علوم الفضاء بين المهندسين وتعزيز الوعي بأهمية هذا المجال المتقدم.
وألقى د. محمد يحيى إدريس ـ ممثل الهيئة القومية للاستشعار عن بعد، محاضرة غنية بالمعلومات حول العلاقة الحيوية بين التحول الرقمي وتقنيات أقمار الاستشعار عن بعد في دعم هذه العملية المحورية. موضحا مفهوم التحول الرقمي، وكيف تحول من مجرد اتجاه تقني إلى ركيزة أساسية في تعزيز التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن التحول الرقمي بات اليوم عنصرًا حيويًا في تحسين الإدارة الذكية للموارد، وتطوير البنى التحتية، وتمكين القطاعات المختلفة من اتخاذ قرارات أكثر دقة وكفاءة.
كما سلط "إدريس" الضوء على الدور المحوري لأقمار الاستشعار عن بعد، موضحًا أنها العين الذكية التي تراقب كوكب الأرض باستمرار، وتجلب معها معلومات دقيقة وفورية حول التغيرات البيئية، وتقييم المحاصيل الزراعية، ومتابعة الاستخدام الأمثل للموارد المائية. وأهميتها في التخطيط العمراني، حيث تُستخدم لرصد التوسع الحضري، وتحديد أفضل الأماكن للإنشاءات الجديدة، ما يسهم في تحقيق توازن بين التنمية العمرانية والحفاظ على البيئة.
وأنهى "إدريس" بتأكيد أن مصر تمتلك بالفعل البنية التحتية والتقنية التي تؤهلها لتوظيف هذه التكنولوجيا بشكل فعال، لكنها تحتاج إلى تكامل الجهود بين جميع المؤسسات لتحقيق أقصى استفادة من التحول الرقمي و"تقنيات الاستشعار عن بعد"، ما يسهم بشكل مباشر في تحقيق رؤية مصر 2030، وتعزيز مكانة مصر كدولة رائدة في استخدام التكنولوجيا الحديثة لدعم النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
واختتم الندوة العميد د. مهندس حاتم العطار، بمحاضرة ملهمة عن مجال الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن ما يجذب انتباهه حقًا هو القدرة الفريدة للذكاء الاصطناعي على محاكاة العقل البشري وتحليل البيانات بطرق مبتكرة لحل مشكلات معقدة لم يكن من الممكن التعامل معها من قبل.
وانتقل "العطار" لتعريف الحضور بماهية الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أنه ليس مجرد أدوات أو برمجيات، بل هو نظام متكامل يعتمد على الخوارزميات الذكية والبيانات الضخمة، ويهدف إلى تمكين الآلات من التفكير واتخاذ القرارات بشكل مستقل. موضحا كيف يُمكن توظيف هذه التكنولوجيا في تحليل البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والتعرف على الأنماط، مما يجعلها من أقوى الأدوات التي تُحدث تحولًا كبيرًا في مختلف الصناعات.
وأوضح "العطار" كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مجال تكنولوجيا الفضاء والطيران، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث ثورة في تصميم وتشغيل الأقمار الصناعية، من خلال تطوير "أنظمة التشغيل الذاتي" التي تُساعد فى تقليل التدخل البشري، وزيادة دقة عمليات التوجيه والتنبؤ بالظروف الجوية والفضائية.
واختتمت الندوة بجلسة الأسئلة والنقاشات من الحضور، الذين أعربوا عن امتنانهم العميق للجنة الفضاء لتنظيم مثل هذه الندوات المهمة التي تلبي شغفهم العلمي، مؤكدين ضرورة استمرار هذه الفعاليات لفتح آفاق جديدة أمام المهندسين المصريين.