![البنك الاهلي البنك الاهلي](/UserFiles/Ads/8372.jpg)
![وإنك لعلى خلق عظيم](/Userfiles/Writers/5315.jpg)
د. عادل القليعي
وإنك لعلى خلق عظيم
كان دائمًا وأبدًا ما يرددها المعصوم صلى الله عليه وسلم، كان دومًا ما يذكرها أمام أصحابه معترفًا ومقرًا بفضل الله تعالى عليه، أدبني ربي فأحسن تأديبي.
وعندما سئلت السيدة عائشة عن خلقه، كانت تقول كان خلقه القرآن، فكان قرآنا يمشي على الأرض، فامتدحه الله تعالى قائلا، وإنك لعلى خلق عظيم.
أصاب القوم ما أصابهم عندما سمعوا خبر وفاته صلى الله عليه وسلم، بين باكٍ وبين غير مصدق وبين من أصابه الذهول، لكنها حقيقة حقة وقدر محتوم على كل بني البشر (كل من عليها فانٍ، ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام).
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين).
نعم فارقنا الحبيب جسدًا لكن روحه تسري بيننا، تسري في كل كيان من شهد للإله بالوحدانية ولرسوله بالنبوة والرسالة.
نعم فارقنا لكن تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
تركنا لكن سنته الغراء نحيا بها، وصدق وهو الصادق الأمين (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وسنتي). ترك لنا ميراثا عظيما لو وظفناه توظيفا صحيحا وعملنا به لتغير حالنا إلى أحسن حال.
ترك لنا خير الدساتير وأفضلها على الإطلاق، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل أبدا الذي من تمسك به هدي إلى صراط مستقيم.
فلماذا تركناه وراءنا واتخذناه سخريا، لماذا جعلناه لتزيين مكاتبنا وسياراتنا وبيوتنا ولتكملة الديكور، لماذا جعلنا الحقراء تارة يدنسونه وتارة يمزقونه وتارة أخرى يحرقونه، إذن النتيجة الحتمية حالنا أصبح مرثاة، تداعت على أمتنا الإسلامية الأمم لا من قلة وإنما صرنا غثاء كغثاء السيل.
والسبيل للخروج من هذا المأزق، العودة إلى كتاب الله وسنة النبي، بمعنى تطبيق ما فيهما من أحكام ومبادئ وأسس وقوانين تنتظم بها حياتنا أتدرون لماذا؟!، لأنه ليس من قول البشر (وما هو بقول بشر)، فهل عدنا عود أحمد إلى تطبيق تشريعاته في معاملاتنا وعباداتنا.
نعم فارقنا الرسول الأعظم سيد ولد آدم ولا فخر، حامل لواء الحمد ولا فخر، أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، أول من يدخل الجنة ولا فخر ، الشافع المشفع ولا فخر. فارقنا لكن خلقه العظيم وسلوكه القويم باق أبد الآباد قال عن نفسه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وكان عندما ينظر إلى جمال وجهه على صفحة الماء وهو يتوضأ كان يقول اللهم كما حسنت خلقي حسن خُلُقي بضم الخاء واللام.
والقائل (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)، وكانت جل أدعيته اللهم اهدنا إلى أحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت.
فكان سيد الأولين وسيد الآخرين أفضل الناس خلقا، كان حليما لا يغضب إلا إذا انتهك حد من حدود الله، لين الجانب، (واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين)، رؤوف رحيم (بالمؤمنين رؤوف رحيم)، عفو جواد كريم (خذ العفو)، طيب الخاطر عظيم السجايا رقيق القلب يبكي لبكاء طفل ويحن لحنين الجزع، أمين ولم لا وقد استئمن على أمة بحالها، رحيم يرحم الكبير ويحمل عنه ولنا في المرأة التي حمل عنها حملها ولا تعلمه فقالت له يا ولدي أنصحك ألا تتبع شاب يدعى محمد قال لها أنا محمد فآمنت به وبرسالته ويعطف على الصغير (ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا).
عزيز النفس طيبها عزته من عزة الإسلام ورفعته خاطب الملوك بسمو وشموخ، فتح القلاع الحصينة بكلمة السلام ولم لا ودعوته السلام، نشر الأمن والأمان. محبا لآل بيته ولأزواجه ولأبنائه وأحفاده ولأصحابه ولأحبابه الذين آمنوا به ولم يروه.
متعاونا متسامحا محبا للإنسانية كارها للعنصرية (كلكم لآدم وآدم من تراب)، الناس عنده سواء كأسنان المشط)، تمثلت فيه المواطنة في أروع صورها في حبه لمكه ولموطنه الثاني المدينة المنورة ولموطنه الأخير، الرفيق الأعلى واختياره إياه، والفردوس الأعلى. نعم إنه النبي لا كذب، إنه ابن عبد المطلب.
القائل: "إنَّ مَثَلي ومثلَ الأنبياء منْ قَبلي، كَمَثَلِ رجلٍ بنى بَيْتًا، فأحْسَنَهُ وأجْمَلَهُ، إلا مَوْضعَ لَبِنَةٍ من زاوية، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفونَ بِهِ، ويَعْجَبونَ له، ويقُولونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هذه اللَّبِنَة؟!، قال: فأنا اللَّبِنَة، وأنا خاتمُ النَّبيِّينَ".. ﷺ وبارك على آله الطيبين.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان