د. أحمد عبدالمنعم يكتب: خلي بالك من مناعتك النفسية
خلقنا الله عز وجل ولدينا مناعة فطرية جُسمانية تُساعدنا في محاربة الأمراض والفيروسات، والمناعة الجُسمانية الفطرية موجودة طوال الوقت لحماية الإنسان وإذا حدث أي خلل في جهاز المناعة يبدأ جسم الإنسان في الإنهيار، وهناك أيضاً مناعة جُسمانية مكتسبة طبيعياً من خلال البيئة التي نعيش فيها وتُساعد في التأقلم مع الظروف المُناخية والحياتية المُحيطة بنا، فضلاً عن المناعة الجُسمانية الصناعية وفيها تُستخدم بعض الأمصال واللقاحات لرفع جهاز المناعة في جوانب محددة.
ولا تختلف المناعة الجُسمانية عن المناعة النفسية كثيراً، فالإنسان يُولد ولديه استعداد وراثي نفسي فطري، وفائدة جهاز المناعة النفسية حمايتنا نفسياً وجعلنا قادرين على مقاومة المؤثرات الخارجية التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى إصابتنا باضطرابات نفسية.
وبالرغم من أن مفهوم المناعة النفسية مُركب ومتداخل إلا أننا يمكننا تعريفه في قدرة الإنسان على التكيف والتوافق مع ضغوط وأحداث الحياة، ويُعتبر حالياً ضعف المناعة النفسية حالة عامة، وذلك بسبب التغييرات الحياتية السريعة والتطور التكنولوجي الكبير، فقديماً كان نمط الحياة يتسم بنوعاً ما من الاستقرار ولم يكن التغير سريع، والحياة كانت تتطلب المواجهات والمقابلات المباشرة بين الناس وبعضها البعض مما يُساعد على تنمية المهارات الشخصية وتناقلها بين الناس ويُزيد من المناعة النفسية، وهذا بخلاف الآن فالواقع الافتراضي أصبح أكثر استحواذاً على حياتنا الاجتماعية وقل التواصل المباشر في الحياة الاجتماعية، وارتفع سقف التوقعات بشكل مُخيف في كافة جوانب الحياة، وتناقص الوقت الذي تقضيه الأسر مع أبنائها، وأصبحت ساعات العمل أو الدراسة في تزايد كبير مما يُعرضنا للإنهاك الجسدي الشديد ويُؤثر بشكل مباشر على مناعتنا النفسية.
ويوجد ثلاثة أنواع للمناعة النفسية:
مناعة نفسية طبيعية: وهى موجودة عند الإنسان بالفطرة، وتساعد على التأقلم مع الحياة والتعايش معها.
مناعة نفسية مُكتسبة تلقائياً: وهى المناعة التي يكتسبها الإنسان من الخبرات والمهارات التي تعلمها من مواجهة التجارب الحياتية والأزمات.
مناعة نفسية مُكتسبة نوعية: وهى تشبه اللقاح الذي نأخذه عمداً للوقاية من مرض أو فيروس ما، وهذا النوع من المناعة نعمل على تقويته وتنشيطه من خلال برامج التنمية الشخصية والاجتماعية.
أما عن عناصر تقوية المناعة النفسية فتتمثل في:
تمسك بجذور المناعة النفسية:
تمر مناعتنا النفسية بتغيرات من الوقت للآخر وهذا أمراً طبيعياً، ولكن هناك بعض الجذور التي تجعل هذه التغيرات غير حادة، وتضعف التأثير السلبي في حال انخفاضها، ومن هذه الجذور الممارسات الدينية فهي تُزيد من الشعور بالأمان والراحة والثقة والأمل " لكن مارسها بيقين"، ومن الجذور أيضاً البيئة الأسرية السوية، والأصدقاء، والهوايات.
تخلص من أفكارك الهدامة:
لكل منا معتقدات وتوجهات وآراء تكونت من البيئات التي نشأنا فيها، وكذلك من الخبرات الحياتية التي مررنا بها، فهناك خبرات من الطفولة كونت لدينا معتقدات عن الحياة وحين نكبر نستخدم هذه المعتقدات في علاقتنا بالآخر، والخطورة هنا أن تكون هذه المعتقدات قائمة على الخوف من الآخر والمبالغة في التهديد وهذا يترتب عليه قلق وخوف دائم وسلوك عدائي غير مبرر تجاه الآخر، وقد تكون هذه المعتقدات أيضاً قائمة على تسطيح الحياة وتحدياتها وهذا يترتب عليه سلوك سلبي مستمر من الإتكالية والخنوع والتسبب في الضرر للمحيطين به، فعليك الآن أن تراجع الأفكار الهدامة وتحددها.
قوي عضلة المرونة النفسية لديك:
كلما زادت مرونتك النفسية كلما ارتفعت المناعة النفسية لديك، والمرونة النفسية تتمثل في قدرتك على التأقلم مع الظروف التي لا تسير بالشكل الذي تُريده، فحزنك وقلقك وخوفك لن يُغير من الآمر شيء، والمرونة النفسية لا تُعني الخنوع والاستسلام بل هى قدرة عقلية تجعلك تفكر في الحلول بشكل فعال، فما عليك سوى التركيز على التحدي أو المشكلة التي تواجهها، وشارك المشكلة مع أحبائك" فلا خاب من استشار" وستجد أبواباً للحلول أمامك، فأفعل منها ما يتناسب مع إمكانياتك حالياً وتستطيع فعله فقط.
أعد التفكير في البيئة التي تعيش فيها:
في بعض الآحيان تكون البيئة التي تعيش فيها أو تعمل بها سبباً لنقص المناعة النفسية، فقد تكون بيئة سامة وغير صحية قائمة على التقبل المشروط ويسودها التحقير والنقد الدائم أو الصراعات، هذه البيئة ذات تأثير مباشر على مناعتك النفسية" أعتزل ما يؤذيك إن كان بإمكانك أو ابحث عن الدعم النفسي المتخصص لمساعدتك.
نظم أسلوب حياتك:
قد يكون أسلوب حياتك سبباً في ضعف المناعة النفسية، فأسلوب الحياة المتوازن" روحانية، اجتماعية، أسرية، تعليمية، ترفيهية.."دعامة أساسية للحفاظ على المناعة النفسية، فالمطلوب منك فقط التوازن، وستجد أفكاراً سلبية تطرأ على ذهنك لتبرر أسباب هذا النمط كضغوط الحياة المادية، والسعي لتوفير عائد مادي لتأمين الحياة، ولكن ما الذي سيحدث لو حدث لك أزمة صحية كبيرة؟ هل عندها سيتغير الوعي وتُعيد التفكير من جديد؟