د. أحمد عبدالمنعم يكتب: احترس من الاحتراق النفسي
لا تكتمل الصحة العامة إلا بالسلامة النفسية، وصحتنا النفسية تتأثر بما نمُر به من مشكلات وضغوط حياتية، وكنتاج لهذه الضغوط ظهر ما يُسمى بالاحتراق النفسي Burnout، وهو يُشير لحالة من الإرهاق العاطفي والعقلي والجسدي بسبب التعرض للإجهاد المتواصل، وبما يُضعف قدرة الشخص على الرعاية الذاتية.
والجميع مُعرض للاحتراق النفسي، إلا أنه يُوجد بعض الأشخاص أكثر قابلية للاحتراق النفسي من غيرهم وهم: أصحاب المسؤوليات "الآباء والأمهات والمديرين والقادة"، وأصحاب الطموح والتطلعات والمهن التي تتعرض لضغوط التعامل مع الجمهور، والموظفين الذين لا يشعرون بالتقدير المعنوي أو المادي، والأشخاص الذين يحصرون نجاحهم في الحياه المهنية فقط.
وإليك العلامات التحذيرية للاحتراق النفسي:
انخفاض الطاقة والقدرة على بذل المجهود" طوال الوقت مُجهد وتعبان".
مشكلات في النوم (زيادة، نقصان) أو جودة النوم.
تغير في الشهية للطعام ( زيادة، نقصان).
تراكم من المشاعر السلبية "غياب الأمل والشعور بالإحباط".
الانسحاب التدريجي من العلاقات الاجتماعية وتلاشي الهوايات.
إهمال الجوانب الصحية بالرغم من ظهور بعض الشكاوى الجسدية كسرعة ضربات القلب، وآلام في عضلات الجسم أو اضطرابات في المعدة.
تقلبات مزاجية سريعة.
زيادة استخدام المنبهات أو المسكنات أو التدخين بشراهة.
مراحل ظهور الإحتراق النفسي:
لا يظهر الإحتراق النفسي بشكل مفاجئ، ولكنه يمر بمراحل مُتدرجة هى:
مرحلة الخداع النفسي:
وفيها يظهر النشاط المُفرط سواء من خلال العمل لساعات طويلة، أو بذل مجهود بدني أو ذهني زائد عن الحد المطلوب، ويغلب على هذه المرحلة عدم التوازن، فالشخص يعتقد أنه يحقق نجاحات حياتية ولكنه في الواقع يُبدد طاقته النفسية في جانب واحد مما يؤدي إلى الاستهلاك النفسي.
مرحلة خلل الاتزان:
يظهر فيها بعض المشكلات كاضطراب في النوم والشهية للطعام، وخلل في ترتيب أولويات الحياه وإهمال جوانب أساسية فيها رعاية الذات، الأسرة، الأبناء، الاجتماعيات، ويكسوها الشعور بعدم الراحة والخواء النفسي الداخلي.
مرحلة الانهيار:
ويغلب عليها "ضعف القدرة على إكمال الحياه"، والإجهاد النفسي والعقلي، والميل للحزن، وشكاوى جسدية متكررة، وغياب المعنى عن الحياه، وتُعد هذه المرحلة بوابة للدخول للاضطرابات النفسية مثل القلق، والاكتئاب.
وقبل الدخول إلى بعض الإرشادات التي قد تُساعد في التغلب على الإحتراق النفسي، فإننا نؤكد على أهمية الوقاية النفسية، ومراعاه التوازن بين جوانب الحياه، وزيادة الوعي باحتياجاتنا النفسية وكيفية تلبيتها.
ومن الإرشادات التي تُساعد على مواجهة الاحتراق النفسي:
الاهتمام بالصحة الجسدية: حيث الأكل المتوازن، والكشف الطبي وعلاج المشكلات الصحية إن وجدت، وممارسة الرياضة حتى لو بصورة مُبسطة كالمشي أو تدريبات داخل المنزل، فضلاً عن النوم المتوازن وهو من أهم الجوانب التي تتأثر بالإحتراق النفسي لذا فعليك وضع نظام للدخول في النوم أو القيام منه حتى لو لم تنم شكل كافي، قُم في الموعد المحدد، وخلال أيام بسيطة ستنتظم ساعة الاستيقاظ، كذلك تجنب المنبهات أو تناولها في الصباح فقط، والتأكد من مناسبة مكان النوم حيث التهوية، المرتبة، المخدة فهي تؤثر في عملية النوم والأرق، وعدم تناول الأكل قبل النوم بأربع ساعات على الأقل، "فلا نوم بمعدة فارغة أو ممتلئة"، وإيقاف شرب المياه قبل النوم بساعتين، وأخيراً وضع الهاتف الجوال بعيداً عن مكان النوم.
التخطيط للنظام اليومي: ضع أهدافاً يومية تُراعي فيها الجوانب الروحانية والمهنية والأسرية والاجتماعية والصحية.
الاندماج الاجتماعي: قم بإعادة التواصل مع الأصدقاء القدامي، وشارك بالحضور في المناسبات الاجتماعية وقد تشعر في البداية بعدم الراحة، لكن ما الاستمرارية سيختفي هذا الشعور.
خطط للعطلات والإجازات: خطط مسبقاً لعطلات نهاية الأسبوع أو الإجازات، لأن التخطيط المسبق يجعلك مُهيأ نفسياً وعقلياً للتغيير، ولا يشترط أن يكون التخطيط للعطلات مثالي أو يتطلب السفر أو جهد كبير، فقط ما نريده أن نكتسب مهارة الفصل بين حياتنا المهنية والشخصية.
أنشطة ومهارات جديدة: حدد مجموعة من المهارات التي تُريد تنميتها "شخصية أو مهنية أو اجتماعية" وأبحث عن مصادر لتنمية هذه المهارات كمشاهدة فيديوهات تعليمية، أو حضور دورات تدريبية.
استشر متخصصين: إذا واجهتك مشكلات في إدارة المشكلات المترتبة على الاحتراق النفسي، فلا تتردد في استشارة المتخصصين، فقد تكون بحاجة إلى بعض الوصفات الطبية لمساعدتك في التغلب على بعض الأعراض، أو تدريبات لاكتساب مهارات لإدارة الضغوط أو مواجهة المشكلات وتنظيم المشاعر.