أسوشيتد برس: أوامر الإخلاء الإسرائيلية تحاصر الفلسطينيين في منطقة إنسانية متضائلة وسط شح الغذاء
أ ش أ
دفعت أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي بلغت وتيرة غير مسبوقة خلال شهر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى التكدس في "منطقة إنسانية" يتضاءل نطاقها أكثر فأكثر ويسودها شح في الغذاء والماء.
ورصدت مراسلة "أسوشيتد برس" في القدس في تقرير لها اليوم السبت ملامح الجوع واليأس في مخيم الخيام على شاطئ دير البلح، بعد شهر شهد أوامر إخلاء متتالية دفعت آلاف الفلسطينيين إلى المنطقة التي يطلق عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي "منطقة إنسانية".
ولطالما كانت المنطقة مكتظة بالفلسطينيين الباحثين عن ملاذ من القصف ، لكن الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، مع وصول موجات النازحين وتزايد شح الغذاء والماء. وعلى مدار الشهر الماضي، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لجنوب غزة بوتيرة غير مسبوقة، بحسب التقرير.
ووفقًا للأمم المتحدة، بات الآن ما لا يقل عن 84% من مساحة غزة واقعًا في نطاق منطقة الإخلاء، وتشير تقديرات المنظمة أيضًا إلى أن 90% من سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة نزحوا خلال الحرب.
وصدر منذ 22 يوليو الماضي 13 أمر إخلاء، بحسب إحصاء "أسوشيتد برس"، مما أدى إلى تقلص حجم المنطقة الإنسانية التي حددتها إسرائيل في بداية الحرب بينما يُدفع في الوقت نفسه بالمزيد من الفلسطينيين إليها أكثر من أي وقت مضى. ويبدو اكتظاظ النازحين المتزايد واضحًا في صور الأقمار الصناعية .
ويزعم جيش الاحتلال إن عمليات الإخلاء ضرورية لأن حماس أطلقت صواريخ من داخل المنطقة الإنسانية.
وفي منشورات عبر منصة "إكس"، أصدر المتحدث باسم الجيش باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، تعليمات للفلسطينيين بالفرار على الفور، قائلاً إن الجيش سيعمل قريبًا "بقوة" ضد نشطاء حماس في المنطقة.
وذكرت الأمم المتحدة أن أوامر الإخلاء تصدر في أغسطس وحده كل يومين تقريبًا، وأدت إلى تشريد ما يقرب من 250 ألف شخص.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة: "نزح العديد من الأشخاص هنا أكثر من 10 مرات. إنهم مرهقون ومفلسون".
وفي 19 أغسطس، غطت الخيام كل رقعة متاحة تقريبًا من رمال شاطئ دير البلح واقتربت أكثر من البحر، بحسب ما أظهرت صور أقمار صناعية اطلعت عليها "أسوشيتد برس".
وحتى الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة الإنسانية التي أعلنتها إسرائيل في بداية الحرب اضطروا إلى الرحيل. ففي 22 يوليو، أمر الجيش الإسرائلية بإخلاء معظم الحافة الشرقية للمنطقة، قائلاً إن حماس أطلقت صواريخ على إسرائيل. ثم في 16 أغسطس قلص الجيش المنطقة مرة أخرى، داعياً الفلسطينيين الذين يعيشون في وسطها إلى الفرار.
وأشار التقرير إلى أن عمليات الإخلاء تأتي في وقت يعمل فيه الوسطاء الدوليون جاهدين لتسوية الخلافات بين إسرائيل وحماس بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يوقف القتال في غزة ويشهد مبادلة عشرات المحتجزين الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين.
وذكر التقرير أن المياه كانت ضحية أخرى لعمليات الإخلاء. وتقول الأمم المتحدة إن إمدادات المياه في دير البلح انخفضت بنسبة 70% على الأقل منذ بدء موجة الإخلاء الأخيرة، حيث أصبحت المضخات ومحطات تحلية المياه محاصرة داخل مناطق الإخلاء.
ويتسبب نقص المياه النظيفة في أمراض جلدية وتفشي أمراض أخرى. وأكدت منظمة الصحة العالمية أول حالة إصابة بشلل الأطفال في غزة لطفل يبلغ من العمر 10 أشهر في دير البلح، وهو الآن مصاب بشلل في أسفل ساقه اليسرى.
وفي الوقت نفسه، تقول هيئات الإغاثة إن تقديم المساعدة أصبح أكثر صعوبة. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، يوم الخميس، إن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة فقد القدرة على الوصول إلى مستودعاته في وسط دير البلح بسبب أمر الإخلاء الأخير.