مؤتمر التعليم الهندسي يشهد تعديد أسباب الضعف وتقديم حلول للنهوض
محسن عبدالستار
شهد مؤتمر التعليم الهندسي والذي نظمته نقابة المهندسين المصرية عددًا من الندوات تناولت إلقاء الضوء على أسباب تراجع التعليم الهندسي ومستوى الخريجين، وذلك بحضور المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، وأعضاء هيئة مكتب النقابة والمجلس الأعلى وعدد كبير من خبراء التعليم الهندسي.
خلال كلمته التي حملت عنوان "التعليم الهندسي.. أفكار وتحديات" أكد الدكتور المهندس عبدالفتاح هاشم– الأستاذ المتفرغ بكلية الهندسة بقنا، وعميد كلية الهندسة ونائب رئيس جامعة جنوب الوادي الأسبق، أن التعليم الهندسي يجب أن تتوافر فيه عدة صفات أساسية، وهي أن يكون تعلم فاعل مبني على المشروع (project based)، وتكامل تطوير مفاهيم الرياضيات والفيزياء والكيمياء ضمن المحتوى التطبيقي، والتفاعل الكبير مع الصناعة، والاستخدام الواسع لتقنية المعلومات، مع تكريس جهود أعضاء هيئة التدريس نحو تطوير مهنة الهندسة كمرشدين وموجهين أكثر من أن يكونوا مصدرًا لتزويد المعلومات. وأشار "هاشم" إلى ضرورة الاهتمام بالرسم الهندسي والرسم التخصصي والهندسة الوصفية، ومبادئ الرياضة الهندسية والفيزياء الهندسية والكيمياء الصناعية، مشددًا على ضرورة الالتزام بشروط القبول بالتعليم الهندسي، وعلى رأسها ألا يقل مجموع درجات طالب الثانوية في الرياضيات والكيمياء والفيزياء عن 80%.
وقال "هاشم": "يجب البدء الفوري في الاستعداد لعقد امتحان قبول بالنقابة لجميع خريجي التعليم الهندسي لمزاولة المهنة".
وفي محاضرته أكد الدكتور المهندس محمد عبدالغني، أنه لا نهضة للتعليم الهندسي في مصر دون تطوير المنظومة التعليمية، منوهًا أن عدد المقيدين في كليات الهندسة على مستوى الجمهورية وصل إلى 200 ألف في عام 2023، ومتوسط النسبة العالمية لعدد الطلاب لكل عضو هيئة تدريس 1 -18 ، فيما تبلغ متوسط النسبة في مصر لعدد الطلاب لكل عضو هيئة تدريس 1 – 25.
وأوضح "عبدالغني" أن الزيادة المتسارعة في زيادة أعداد الطلاب المقبولين بالالتحاق بكلية الهندسة أدت إلى أولى خطوات انهيار التعليم الهندسي في مصر، وأن تخريج طالب هندسة غير مؤهل أمر شديد الخطورة، وعدم تلقي الطلاب لتعليم مناسب وتدريب جيد يعد كارثة ناتجة عن عدم وجود الكفاءات الكافية من أعضاء هيئة التدريس. وقال: "انحدار الحد الأدنى للقبول بالجامعات الحكومية، والجامعات الخاصة ومعاهد الهندسة، إضافة إلى زيادة الفارق بين النسب المقررة للكليات المختلفة بأكثر من 20 % أمر يتعارض مع قرار لجنة قطاع الدراسات الهندسية بعدم زيادة النسبة على 10%.
كما أوضح أن من بين أسباب ضعف التعليم الهندسي في بعض المعاهد الهندسية يرجع إلى ضعف الإمكانات في المعامل والورش والتي تُشكِّل محورًا أساسيًّا في تكوين الطالب وتجهيزه لسوق العمل لمواكبة التكنولوجيا والأبحاث العلمية المتطورة.
من جانبه استعرض الدكتور هيثم نور الدين، مفهوم الجودة والاعتماد وشروطه، ومناقشة مفهوم الجدارات، وطرق تصميم البرامج التعليمية ومراحل إعداد توصيف البرنامج ودور الصناعة في المشاركة من مرحلة اقتراح البرنامج وتحديد مواصفات الخريج، ثم متابعة تنفيذ البرنامج وتقييم خريجي البرنامج واقتراح خطط التطوير والتحسين في البرنامج.
وقدَّم "نور الدين" بعض التوصيات لتحسين جودة التعليم الهندسي، منها تطوير المناهج الدراسية من خلال تحديث المناهج لتواكب التطورات التكنولوجية والعلمية الحديثة بمشاركة ممثلي الصناعة، وتدريب وتطوير أعضاء هيئة التدريس من خلال توفير برامج تدريبية مستمرة لأعضاء هيئة التدريس لتعزيز مهاراتهم التعليمية والتطوير المهني، وكذا الالتزام بمعايير الجودة العالمية والمحلية في التعليم الهندسي، وإقامة شراكات مع الشركات والمؤسسات الصناعية لتوفير فرص تدريبية للطلاب، وتضمين مشاريع واقعية في المناهج الدراسية لتعزيز الخبرة العملية، بالإضافة إلى تشجيع الطلاب على المشاركة الفعّالة في الأنشطة الأكاديمية والبحثية، وتقييم وتحسين الأداء بشكل مستمر عن طريق إجراء تقييمات دورية للأداء الأكاديمي والإداري واستخدام نتائج التقييم لتحسين البرامج والمناهج، وتعزيز التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد عن طريق تطوير منصات تعليمية إلكترونية تدعم التعلم عن بُعد وتوفير موارد تعليمية رقمية تفاعلية. وفي محاضرتها بيَّنت الأستاذة الدكتور إيمان المحلاوي، أهمية تكامل المؤسسات والجمعيات المهنية في النظم التعليمية المختلفة من خلال وضع معايير جودة خاصة بالممارسة المهنية.
وقالت "المحلاوي": السؤال المطروح على الجميع هو ماذا تريد النقابة وغير محقق في الواقع، ولا بد من الوقوف خلفها لتنفيذه.. مجيبة (أخلاقيات المهنة والممارسة، والقدرة على التصميم كل في مجاله، والتدريب الميداني الإلزامي). كما قدَّمت عدة توصيات، من بينها ضرورة تمثيل نقابي في أعمال الجودة، متمثلًا في دور نقابي واضح في صياغة معيار أو أكثر يضمن قدرة الخريج على القيام بدوره المهني، وضرورة تمثيل نقابي في مراجعة البرامج المقدَّمة للاعتماد، متمثلًا في دور نقابي واضح مشارك للمجلس الأعلى للجامعات، ووضع امتحان ممارسة المهنة بنظام التصحيح التلقائي والحصول على نقاط.
من جانبه أوضح الأستاذ الدكتور حمدي الليثي، أن مشاكل التعليم الهندسي والمهنة تتجلى في تدني مجموع القبول بالتعليم الهندسي والتوسع في قبول خريجي التعليم الفني، وعدم تطبيق معايير الجودة العالمية طبقًا للدستور وضعف الإمكانات البشرية والمادية لبعض مؤسسات التعليم الهندسي وافتقادنا إلى تقييم جودة مخرجاته، بالإضافة إلى عدم توافر قاعدة بيانات دقيقة ومتكاملة عن المهندسين في مصر وسوق العمل واحتياجات المجتمع ومتطلباته للتعرف على فرص العمل في كل مجال هندسي، وضبط توجهات سوق العمل الهندسي وفتح أسواق جديدة للمهندس المصري، خاصة فى أفريقيا وجنوب أوروبا، وكذا عدم تطوير مسار مهني يضمن حث المهندس على استدامة التعلم والتطوير والبحث والابتكار.
وأوصى "الليثي" بضرورة وضع اشتراطات خاصة للقبول بالتعليم الهندسي بجانب مجموع الثانوية العامة على ألا تقل درجات النجاح بالمواد العلمية، مثل الفيزياء والرياضيات والكيمياء عن 80 %، وعدم قبول خريجي التعليم الفني إلا بعد الحصول على شهادة المعادلة بالثانوية العامة، بالإضافة إلى تحديد أعداد المقبولين بما لا يزيد على 25 ألف سنويًّا، طبقًا للدراسة المقدَّمة سابقًا، وإعادة النظر في الأُطر المرجعية لمنح درجة البكالوريوس في الهندسة، حيث يسمح الإصدار الجديد بتخرُّج الطالب في مدة قصيرة قد تقل عن 4 سنوات، وذلك على حساب حذف برامج تعليمية أساسية، وتحديد دور النقابة في ربط الجامعات بالصناعة وسوق العمل وفتح وحدات لتوطين التكنولوجيا وريادة الأعمال وتهيئة الطلاب لسوق العمل في كل جامعة.
وخلال محاضرته التي حملت عنوان" قابلية التوظيف الهندسي" استعرض الأستاذ الدكتور خالد خورشيد، المهارات الهندسية التي يتطلبها سوق العمل، ومهارات التوظيف، وطرق تعزيز مهارات قابلية التوظيف، منها مهارات المبادرة وإدارة المشاريع، ومهارة اتخاذ القرار. كما تطرق "خورشيد" إلى متطلبات تعزيز مهارات قابلية التوظيف في التعليم الهندسي، وأهمها تكوين لجان استشارية لتطوير المناهج الدراسية، مختتمًا محاضرته بعرض التحديات التي تواجه التعليم الهندسي لتعزيز مهارات قابلية التوظيف.