عاجل
الأحد 28 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

حكاية قرية احتلتها إسرائيل في حرب النكسة

عاجل| مفاجأة.. أصول سكان "مجدل شمس" مصرية

قرية مجدل شمس
قرية مجدل شمس

فجأة أصبحت محط أنظار العالم، بعدما تطايرت أخبار واقعة سقوط قيفة صاروخية على ملعب كرة قدم في مجدل شمس أو "برج الشمس" وهي قرية سورية تقع على السفح الجنوبي لجبل الشيخ ”حرمون” بإقليم البلان في هضبة الجولان السورية، عند مثلث الحدود بين سوريا ولبنان وفلسطين، وأسفر الحادث عن مقتل 11 شخصًا عن الطائفة الدورزية.



 

تعد “مجدل شمس” من كبرى قرى الجولان الخمس المحتلة، أغلبية سكانها من الطائفة الدرزية، اشتهر أهلها بمقاومة الاحتلال لتطويعهم سياسيا وثقافيا.

 

 

السكان والاقتصاد

 

ويبلغ عدد سكان مجدل شمس 11.533 نسمة، أغلبهم من الطائفتين الدورزية والعلوية، وفقًا لبيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية حتى نهاية مايو 2024، ويعد مصدر الرزق الرئيسي للسكان هو الزراعة ، وخاصة زراعة التفاح والكرز ، في البساتين الواقعة على سفوح القرية، وخاصة "سهل اليعفوري" الواقع بينها وبين قرية "مسعدة" وتعد أقدم منطقة زراعية شمالي الجولان .

 

وفي الشتاء، يكسب بعض القرويين أيضًا لقمة عيشهم من خلال استئجار معدات ركوب الأمواج للسياح.

 

تاريخ قرية مجدل شمس:

يعود تسميتها إلى العهد الفينيقي، و مصدر التسمية هو "الآراميّة" وتعني بالعربية "برج الشمس"، كما وجد في مجدل شمس آثار لمعبد فينيقي لتقديس إله الشمس ومعصرة زيتون.

 

 ويعتقد بأن الملك حيرام ملك صور هو من أمر ببناء معبد للشمس في هذا المكان بعد أن كان في رحلة صيد على جبل حرمون.

وبعد العهد الفينيقي تحولت إلى خربة وبقيت مهجورة حتى أواخر القرن الثالث عشر الميلادي حيث وصل إليها عبر فلسطين ثلاثة إخوة من آل فرحات وهم من أصول مصرية، وبعد دخول المماليك بقيادة الظاهر بيبرس إلى مدينة صفد هاجرت بعض العائلات الأخرى من الدروز والمسيحيين الأرثوذكس إلى مجدل شمس وأكبر هذه العائلات.

 

كانت عائلتا صفدي وشحاذه، وفي منتصف القرن الثامن عشر وصلت إلى مجدل شمس عشائر أخرى قادمة من جبل لبنان بعد خسارتها في معركة عين دارا والحرب الأهلية الدامية بين الشهابيين والمعنيين من دروز لبنان، وكان من أكبر تلك العشائر آل أبو صالح التي تعود أصولهم إلى حلب والقبائل الحمدانية، والآن عائلة أبوصالح هي أكبر العائلات في مجدل شمس.

 

وهناك رواية أخرى ما زالت متوارثة على ألسنة السكان المحليين، وهي أن ثلاثة أخوة من آل فرحات لجأوا إلى جبل حرمون وسكنوا خربة مجدل شمس هاربين من منطقة الجليل في فلسطين بسبب قتل أحدهم رجلاً عن طريق الخطأ مما أجبرهم على الرحيل لتدارك ردة فعل أهل القتيل الذين سيسعون للثأر منهم.

وبحسب الرواية الشّعبيّة للسّكان المحليين فإن شجارًا حدث بين آل فرحات وآل أبوصالح، وبعد هذا الشّجار وتجنباً للمشاكل قام آل فرحات وعلى رأسهم إسماعيل فرحات واولاده بترك قرية مجدل الشمس وذهبوا هم ومؤيديهم إلى قرية بقعاثا الآن.

كيف ومتي قام الكيان الصهيوني باحتلال القرية؟

بعد حرب 1967 احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان -بما فيها مجدل شمس- التي ما زالت خاضعة للاحتلال، وحاولت عام 1982 فرض الجنسية الإسرائيلية بالقوة على سكانها وسكان الجولان عموما، لكنها فشلت بسبب التفاف السكان حول قيادتهم الدينية التي أصدرت "فتوى" بتكفير ومقاطعة كل من يقبل الجنسية الإسرائيلية.

 

وفي 20 يونيو 2011 أقامت حكومة الاحتلال الإسرائيلية جدارا شائكا يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار وطوله أربعة كيلومترات قرب مجدل شمس وتحديدا عند "تل الصيحات" أو "تل الصراخ"، وهي المنطقة التي يتبادل فيها أهالي الجولان الحديث عبر مكبرات الصوت مع أقربائهم داخل سوريا.

 

واكتمل بناء الجدار في عام 2012 وربط بنظيره على الحدود مع لبنان، ووفقا للقانون القانون الدولي تعد مجدل شمس قرية سورية محتلة.

كبرى المجتمعات الدرزية في الجولان المحتل

على الرغم من أن المجتمع الدولي يعترف بقرية مجدل شمس، إلى جانب بقية مرتفعات الجولان، كجزء من سوريا، ولكن مازالت أسرائيل تصر علي الاحتلال منذ عام 1967.

ومن بين المجتمعات الدرزية السورية الأربعة المتبقية في الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل، تُعد مجدل شمس الأكبر، بجانب عين قينيا، مسعدة، وبقعاثا.

 

علاقة الدروز في الجولان بسوريا وإسرائيل

 

 

تقول صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن الدروز في مرتفعات الجولان حافظوا على علاقات وثيقة مع سوريا حتى بعد أن استولت إسرائيل على المنطقة في عام 1967 وضمّتها فعلياً في عام 1981.

 

 

وتشير الصحيفة إلى أن من بين 21 ألف درزي يعيشون في أربع بلدات في الجولان الإسرائيلي، تُظهر أرقام وزارة الداخلية أن نحو 4300 منهم مواطنون إسرائيليون، بما في ذلك بعض الذين ورثوا "وضعهم القانوني" من آبائهم الذين قبلوا الجنسية سابقًا.

 

في تقرير سابق، وصفت الصحيفة "دروز الجولان" بأنهم "غير مكترثين" بإسرائيل، ففي عام 2018، لم يصوّت سوى 272 شخصاً في مجدل شمس، التي يبلغ عدد سكانها نحو 12 ألف نسمة، في الانتخابات المحلية، وهو ما يُنظَر إليه هناك على أنه إضفاء شرعية على الحكم الإسرائيلي.

 

الجولان سورية مش ناقصها هوية

 

في عام 2018، قدّم محامون دروز شكوى لدى المحكمة العليا الإسرائيلية للمطالبة بحق اختيار الدروز لممثليهم في المجالس البلدية عبر الانتخابات، بدلاً من نظام التعيين المعمول به سابقاً.

 

قبلت المحكمة الشكوى، وقررت إسرائيل إشراك الدروز في هضبة الجولان في الانتخابات البلدية لأول مرة منذ احتلالها في عام 1967.

 

أثار هذا القرار جدلاً بين الدروز، حيث عبّر الكثيرون عن خشيتهم من أن تسعى إسرائيل لإضفاء الشرعية على سيطرتها على الهضبة من خلال إدماجهم في العملية الانتخابية.

 

ومن بين من أثار القرار حفيظتهم، أهالي قرية مجدل شمس، حيث تجمّع المئات منهم، بعضهم يحمل الأعلام السورية، خارج بوابات مراكز الاقتراع في محاولة لمنع سكان البلدة من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية.

 

 

وفتح أفراد الشرطة الإسرائيلية، مرتدين الخوذات ومجهزين بقاذفات قنابل الغاز المسيل للدموع، ممراً للناخبين خارج مركز الاقتراع في مجدل شمس، ومع استمرار المحتجين في منع الناس من الدخول، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد.

 

 

ردد المحتجون، حينها، هتافات مثل "سوريين بحُكم الدم، أسقطنا قرار الضم"، وحملوا لافتات كتب عليها "الجولان سورية مش ناقصها هوية" و"لا للانتخابات نعم للسلم الأهلي".

 

 

 

حوادث في مجدل شمس :

 

 

إبان الحرب السورية، وتحديداً في يونيو من عام 2015، هاجم قرويون في مجدل شمس سيارتي إسعاف عسكرية اسرائيلية قالوا إنها كانت تقل مسلحي جماعة تحارب ضد حكومة الرئيس بشار الأسد.

 

 

وقال الجيش الاسرائيلي حينها، إن أحد المصابين اللذين كانا في سيارة الإسعاف قتل نتيجة الهجوم الذي وصفه بأنه كان "إعداماً عشوائيا."

 

 

ويمكن القول بأن الحادث عبّر حينها عن الغضب الذي شعر به دروز الجولان عما اعتبروه فشل إسرائيل في مساعدة أبناء جلدتهم من دروز سوريا في حين توفر العناية الطبية للمسلحين الذين يحاربون ضد الحكومة السورية.

 

 

وفي شهر مارس من عام 2019 تظاهر مئات الدروز في مجدل شمس ضد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على منطقة الجولان المحتلة.

 

واحتشد متظاهرون في سوريا على الحدود، حيث تم وضع قوى الأمن الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى تحسبا لاندلاع أعمال عنف.

 

في شهر سبتمبر من عام 2019، أعلنت الشرطة الإسرائيلية منعها العشرات من المواطنين الدروز اجتياز الحدود إلى داخل سوريا للقاء ممثلين حكوميين.

 

وقالت الشرطة، وفق ما نشرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، إنها اعتقلت أفراد المجموعة بعد تحقيق استمر لأشهر مشيرة إلى أنها حذرت منظمي الوفد الدرزي من أن أنشطتهم قد تعرض أمن إسرائيل ومواطنيها للخطر.

 

في شهر أبريل من عام 2023، شهدت البلدة، حراكا قال سكانها إنه ضد "مخطط يستهدف مصادرة ما تبقى من الأراضي المعدة للأزواج الشابة"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

وقالت الوكالة، إنّ العشرات من أبناء مجدل شمس تظاهروا أمام بناية المجلس المحلي ضد الخارطة الهيكلية الجديدة، والتي تصادر مئات الدونمات من أراضي وقف القرية لصالح "دائرة أملاك الغائبين" الإسرائيلية بادعاء أنها "أراض للدولة"، والتي هي في الأساس مملوكة للسكان منذ مئات السنين.

في شهر يونيو من عام 2023، أوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشروع إقامة مزرعة تعمل بطاقة الرياح بعد احتجاجات قادها الدروز واشتبكت في بعضها مع شرطة مكافحة الشغب.

ورأى الدروز حينها بأن السلطات الإسرائيلية تنتهك أراضيهم وتهدد مواردهم الزراعية وترسخ الاحتلال في المنطقة.

 

 

الوثيقة الوطنيّة

 

قامت القوات الصهيةني بمحاصرة قرى الجولان بهدف قمع الانتفاضة، وبشكل خاص قامت بمحاصرة قرية مجدل شمس، كونها أكبر القرى. 

 

سياسة التجويع:

 

 

ودام الحصار مدة تزيد على ستة أشهر حيث منع دخول الغذاء والدواء للمواطنين، بهدف التجويع وكسر الإرادة الشّعبيّة. وعلى الرّغم من الحصار، واصل سكّان مجدل شمس برفض مطالب الاحتلال ورفع العلم السّوري وإصدار وثيقة رسمية باسم جميع السكان يعلنون فيها تمسكهم بجنسيتهم العربية السورية ورفضهم للاحتلال. سميت هذه الوثيقة "الوثيقة الوطنية للمواطنين السّوريين في مرتفات الجولان السوريّة المحتلّة".

 

 

و تاتي نص الوثيقة في السطور التالية:

 

"نحن المواطنين السوريين في المرتفعات السورية المحتلة، نرى لزامًا علينا أن نعلن لكل الجهات الرسمية والشعبية في العالم أجمع، ولمنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وللرأي العام العالميّ وكذلك الإسرائيليّ، ومن أجل الحقيقة والتّاريخ، بصراحة ووضوح تامين عن حقيقة موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي ودأبه المستمر على ابتلاع شخصيتنا الوطنية، ومحاولته ضم الهضبة السورية المحتلة حينا وتطبيق القانوني علينا حينًا آخر، وجرّنا بطرق مختلفة للاندماج بالكيان الصّهيوني والانصهار في بوتقته، ولتجريدنا من جنسيّتنا العربيّة السّورية التي نعتز ونتشرف بالانتساب اليها ولا نريد عنها بديلاً، والتي ورثناها عن أجدادنا الكرام الذين تحدّرنا من أصلابهم وأخذنا عنهم لغتنا العربيّة التي نتكلّمها بكل فخر واعتزاز وليس لنا لغة قوميّة سواها. وأخذنا عنهم أراضينا الغزيزة على قلوبنا وورثناها أبًا عن جد منذ وجد الإنسان العربيّ في هذه البلاد قبل آلاف السّنين - أراضينا المجبولة بعرقنا وبدماء أهلنا وأسلافنا. حيث لم يقصّروا يومًا في الذود عنها وتحريرها من كل الغزاة والغاصبين على مرّ التّاريخ. والتي نقطع الوعد على أنفسنا أن نبقى ما حيينا أوفياء ومخلصين لما خلفوه لنا منها وأن لا نفرّط منها بشيء منه مهما طال زمن الاحتلال الإسرائيلي، ومهما قريت الضّغط علينا من السّلطة المحتلّة لاكراهنا أو اغرائنا لسلب جنسيتنا ولو كلّفنا ذلك أغلى التّضحيات.

قرية مجدل شمس
قرية مجدل شمس

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز