يحظى بوزن قانوني وعواقب أوسع على الساحة الدولية
واشنطن بوست: الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية "غير ملزم"
أ.ش.أ
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية أمس الجمعة وطالبت فيه إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وإخلاء المستوطنات القائمة ووقف بناء مستوطنات جديدة ودفع تعويضات للفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم وممتلكاتهم، "بالرغم من أنه غير ملزم، لكنه يتمتع بوزن قانوني ويمكن أن يكون له عواقب أوسع على الساحة الدولية بما في ذلك التجارة والدبلوماسية".
وأشارت الصحيفة في هذا الصدد إلى قول المحكمة وهي أعلى هيئة قضائية للأمم المتحدة "إنه لا ينبغي للدول الأعضاء أن تعترف بالوضع الناشئ عن الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة على أنه شرعي، ولا ينبغي لها تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ عليه".
ونقلت عن شانتال ميلوني كبيرة المستشارين القانونيين للجرائم الدولية والمساءلة في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان إن مثل هذا الحكم قد يجبر الشركات والدول الأعضاء على التمييز بين إسرائيل والأراضي المحتلة عندما يتعلق الأمر بالتجارة.
وكانت إسرائيل قد رفضت المشاركة في الجلسات ووصفت الإجراءات بأنها منحازة و”إساءة استخدام للقانون الدولي والعملية القضائية”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على منصة "إكس" بعد الإعلان: "إن الشعب اليهودي ليس غازيا في أرضه.. لن يؤدي أي قرار خاطئ في لاهاي إلى تشويه هذه الحقيقة التاريخية، وكذلك لا يمكن الطعن في شرعية الاستيطان الإسرائيلي في جميع أراضي وطننا" (حسب زعمه).
ووصف مكتب محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية هذا الرأي بأنه "تاريخي"، وقال إنه يجب إجبار إسرائيل على تنفيذه.
وجاء هذا الرأي الذي صدر أمس الجمعة في المرة الأولى التي تنظر فيها محكمة دولية في القضايا الأساسية المتعلقة بشرعية احتلال إسرائيل للأراضي التي استولت عليها خلال حرب عام 1967 . وبدأت القضية بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2022، لكنها اكتسبت منذ ذلك الحين أهمية أكبر مع دخول الصراع المستمر منذ عقود إلى فترة غير مسبوقة من إراقة الدماء.
وواجهت إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة بشأن الحرب، بما في ذلك في قضية منفصلة رفعتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. وفي الوقت نفسه، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقال فيليب ساندز، المحامي الدولي وعضو الفريق القانوني الفلسطيني: "هذا حكم واضح وبعيد الأثر كما عرفته من هذه المحكمة". ووصف رأي أمس الجمعة بأنه "ذو أهمية كبيرة" وربما أكثر تأثيرا من قضية الإبادة الجماعية، لأنه يتناول "جوهر سياسة إسرائيل".
وأضاف "إن عواقبه القانونية لا لبس فيها على الإطلاق، وعواقبه السياسية بعيدة المدى"، مضيفا أن المحكمة "أوضحت وجهة نظرها، بأغلبية ساحقة" بأن نقل السفارات الأمريكية وغيرها من السفارات إلى القدس "غير قانوني ويجب إزالتها من أجل احترام القانون الدولي".
وتقول إسرائيل إن الأراضي التي احتلتها عام 1967 – بما في ذلك القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة – كانت أراض متنازع عليها وبالتالي فهي غير محتلة وفقا للشروط القانونية. لكن الأمم المتحدة ومعظم المجتمع الدولي يعتبرونها أرضا محتلة.
وقالت المحكمة أيضًا إن إسرائيل مسؤولة عن "التعويض الكامل" عن الأضرار الناجمة عن "أفعالها غير المشروعة دوليًا" لجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين".
وقال نواف سلام رئيس محكمة العدل الدولية أمس الجمعة من على منصة المحكمة إن "إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن .. وأن المحكمة تعتبر استمرار الوجود الإسرائيلي غير قانوني وعملا غير مشروع". وأشار إلى أنه تم هدم نحو 11 ألف مبنى فلسطيني في الأراضي المحتلة منذ عام 2009، إما بسبب عدم وجود تراخيص بناء أو لأسباب عقابية.
وقالت الصحيفة إن هذا الرأي من المحكمة اتهم إسرائيل بـ"الفشل المنهجي" في منع هجمات المستوطنين اليهود في الضفة الغربية أو المعاقبة عليها، مما خلق "بيئة قسرية" للفلسطينيين لا تتفق مع مسؤوليات إسرائيل كقوة احتلال.
وقال الرأي الاستشاري للمحكمة إن سياسات إسرائيل وممارساتها "ترسخ" سيطرتها على الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني، مما ينشئ "آثارًا لا رجعة فيها على الأرض" ترقى في الأساس إلى ضم "أجزاء كبيرة" من الأراضي الفلسطينية. وقدمت أكثر من 50 دولة آراءها خلال جلسات الاستماع في لاهاي في وقت سابق من هذا العام، وحث معظمها المحكمة على إعلان أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني. وحذرت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، من الدعوة إلى "انسحاب أحادي وفوري وغير مشروط لا يأخذ في الاعتبار احتياجات إسرائيل الأمنية المشروعة".
وقالت شانتال ميلوني كبيرة المستشارين القانونيين للجرائم الدولية والمساءلة في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان: "محتوى رأي المحكمة ضخم، بل إنه يتجاوز ما كنا نتوقعه من حيث الوضوح الشديد". وأضافت: "بالطبع هذا ليس حكما، بل هو رأي استشاري.. لكنه يأتي من أعلى هيئة قضائية، وأكثر هيئة قضائية احتراما في الأمم المتحدة."
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في عام 1967. ومنذ التسعينيات، دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها حل الدولتين للصراع، على أساس حدود ما قبل عام 1967. لكن إسرائيل قامت بشكل مطرد بتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما أدى إلى تغيير جذري في المنطقة.