عاجل
السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

محمد الفقي يكتب: الأصدق هو الأكثر تأثيرًا

محمد الفقى
محمد الفقى

لم أكن يوما قارئا نهما شغوفا بما أقرأ بشدة إلا عندما أكون مصدقا لما أقرأ بنسبة تفوق التسعين بالمائة، وما دون ذلك قد يمر مروراً ربما يذوب خلال أيام وأحيانا تذوب السطور الأولى من المقروء عند قراءة السطور الأخيرة.



 

ومنذ حوالي ثلاثة أعوام اقتحم الدكتور جمال ياقوت كل ما لدي من إمكانات تلقي ضئيلة لقارئ ليس نهما كما أوضحت سلفاً بسرد لم يسبق لي قراءته أو ما يشبهه من قبل لمجموعة من أصدق وأقسى وأألم وأبدع ما يمكن لقارئ أن يقرأه.

 

كانت تلك هي مجموعة القصص الحقيقية التي عاشها بنفسه المخرج المسرحي الكبير وكاتبنا المبدع أثناء وجوده ضمن مجموعة كبيرة من مبدعي المسرح المصري في حريق مسرح قصر ثقافة بني سويف، فأوجب عليه فنه وإبداعه وإيمانه به توثيق ما رأته عيناه وما شعر به وما عاشه من آلام ليخرج علينا بـ "رحيق النار" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

 

هذا الكتاب الذي لم يسبق لي التأثر بهذا الحد بقراءةٍ ما كما تأثرت به، ولم يسبق لي أن أكون مشدودا أو بمعنى أدق مندوها للقراءة بهذه الطريقة من قبل كما كان حالي مع هذا الكتاب.

 

كانت البداية في يوم ما عندما نشر الدكتور جمال ياقوت الذي أتشرف بأنني أحد متابعي صفحته على الفيس بوك قصة أحد ضحايا مسرح بني سويف فوجدت نفسي بمجرد أن بدأت في قراءة الكلمات الأولى، وقد أبحرت في القراءة بدرجة أنني تقريبا كنت معهم في الحادث بكل تفاصيله المؤلمة وفجأة "قطع" - بلغة السيناريو - فأجد نفسي منتظراً بمنتهى التشوق الجزء المتبقي من القصة، أو القصة التالية الذي حرص كاتبنا على تنبيهنا من خلال كلمات قليلة توضح ما هو قادم علينا في القصة التالية لتكون بمثابة تشويق أكثر مما سبق لانتظار القادم.

 

وتمر قصة تلو الأخرى لأجد نفسي كلما استيقظت منتصف الليل أسرع بفتح الموبايل ربما أجد بقية القصة قد نشرت.

وهكذا حتى وجدت أنني قرأت أحد أهم وأصدق ما مر بي في حياتي من مكتوب في العموم.

وكنت حريصا على إبداء الرأي من خلال تقديم الشكر يوميا للكاتب المبدع الكبير في محاولة لرد بعض من جميله على قارئ مثلي.

واليوم وجدت الدكتور جمال يعيد نشر بعض هذه القصص على صفحته لأجد نفسي أقرأها للمرة الرابعة إن لم تكن الخامسة . ولكن الغريب في الأمر أنني شعرت وكأنها القراءة الأولى وهنا لم أجد تفسير لهذا. واندهشت لدرجة أنني عندما وجدت دكتور جمال (أونلاين) أرسلت له رسالة أستأذنه في اتصال لو سمح وقته وبكرمه المعتاد رحب وكانت المكالمة في الخامسة صباحا بما يلي:

- يا دكتور أنا قرأت هذه القصص فرادى وقرأتها كتابا، والآن تعيدها علينا مرة أخرى فإذا بي أجد نفسي أقرأها للمرة الأولى، هل لديك تفسير لهذا؟

فكان رده عليّ "والله العظيم أنا نفسي حاسس بكده"، وزادني من الشعر بيتا فيما يخص بعض تفاصيل قصة تلقي أمه العظيمة رحمها الله لخبر إصابة ابنها الغالي كما وأيضاً كيف مر عليه آخر شهرين في حياتها -كما وصف لي- انه كان ينهل من النظر لها ظنا منه أن يشبع منها لما نقلته له هواجسه بأنها تقترب من النهاية، وكان البكاء من صدق ما سمعت هو نهاية المكالمة.

شكرا دكتور جمال ياقوت شكرا للصدق المؤثر. الخامسة صباحا من يوم الأربعاء 26 يونيو 2024

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز