عاجل
السبت 29 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فن الدبلوماسية.. الإتيكيت الحكومي والإتيكيت الاجتماعي

فن الدبلوماسية.. الإتيكيت الحكومي والإتيكيت الاجتماعي

يتساءل الكثيرون عن قوَّة اليابان الفكريَّة والإبداعيَّة والتكنولوجيَّة بعد الحرب العالَميَّة الثانية بالرغم من عدم وجود الموارد النفطيَّة الَّتي تدعم ميزانيَّة البلد والصندوق السِّيادي لها؟ هذه القوَّة جاءت من اعتماد وتطبيق الإتيكيت الحكومي والإتيكيت الاجتماعي لجميع شرائح المُجتمع بعد انتهاء الحرب.



 

تشكَّلت غرفة عمليَّات ـ إن صحَّ التعبير ـ من خبراء (علماء عِلْم النَّفس، عِلْم الاجتماع، علماء العلاقات الدوليَّة والعلوم السياسيَّة، والدبلوماسيِّين من السفراء المخضرمين، بالإضافة إلى علماء الإدارة بكافَّة تقسيماتها) لغرضِ بدءِ الحياة الجديدة بعد الانكسار الكارثي للمُجتمع الياباني، خصوصًا بعدما قامت الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة بقصفِ مدينتَي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذريَّة والنهوض من جديد بكُلِّ مُقوِّمات وسِمات الحياة الحديثة والعصريَّة مستندين إلى فنِّ الدبلوماسيَّة وتقسيماته الجوهريَّة وهما: (الإتيكيت الحكومي والإتيكيت الاجتماعي). من الصعب جدًّا أن يبدعَ الإنسان في عمله وحياته وهو مكسور نفسيًّا وبلده ينزف من جروح الحرب المدمِّرة الَّتي أكلَت الأخضر واليابس؛ لذا فإنَّ غرفة العمليَّات وخبراءها الَّتي تشكَّلت ووضعوا الأولويَّة لفنِّ وعِلْمِ الإتيكيت الاجتماعي الَّذي يُعَدُّ هو حجر الأساس للتميُّز وإثراء الإتيكيت الحكومي ابتداء من الفرد والأُسرة والَّتي هي من أغلى مُقوِّمات الموارد البَشَريَّة المبدعة في كُلِّ جواهر الحياة العصريَّة؛ لأنَّ الموظف بجميع شرائح ومناصب الوظيفة لا يستطيع أبدًا أن يلتزمَ وينتجَ بكفاءةٍ عالية ما لم يكُنْ بأفضل حالته النَّفسيَّة والَّتي هي مفتاحه السحري لكُلِّ أنواع الكفاءة بالعمل الحكومي أو الحياة الاجتماعيَّة الشخصيَّة.

 

الإتيكيت ـ كما هو معروف ـ فنُّ التعامل والسلوك الراقي والأخلاقي والذَّوق الرفيع واحترام الذَّات والآخرين، وهو عِلْم بآداب السلوك الشخصي بفنِّ الحياة، بالإضافة إلى أنَّه سلوك الفرد المتَّزن أمام الجميع، ويتدرج من الشخص إلى العائلة إلى الأصدقاء ثمَّ بيئة العمل ليصلَ إلى مستوى العالَم من خلال إنجازات وإبداعات الفرد لنَفْسِه، لذلك أصبح الإتيكيت بمثابة قوانين وإرشادات لكُلِّ المواقف الاجتماعيَّة والرسميَّة، حيث يفتح قواعد وسِمات المخاطبة وإدارة الحديث وفنَّ المجاملة، وصولًا إلى عِلْم الإتيكيت الحكومي والدبلوماسي، ومِنْها القيادة والقيادة الرشيقة والحوكمة، ويصبح من العيب عدم الالتزام بعِلْم الإتيكيت الاجتماعي وتطبيقه بأفضلِ ما يكُونُ من حُسن التعامل والانضباط العالي والسلوك المُهذَّب الراقي بأصالة الأخلاق الكريمة؛ لكَيْ يكُونَ مواطنًا وفيًّا ومضحيًّا لعائلتِه أوَّلًا ولبلدِه ثانيًا. وهذا ما ركَّز عَلَيْه الخبراء الدبلوماسيون في إثراء الإتيكيت الاجتماعي. نحتاج إلى مقالات طويلة ومعمَّقة لتغطيةِ عِلْم الإتيكيت الاجتماعي الدبلوماسي، ولكنَّني سوف أختصر أهمَّ النقاط والتفرُّعات ذات العلاقة بالحياة اليوميَّة الشخصيَّة والرسميَّة ومِنْها: مفاهيم البروتوكول والإتيكيت المحلِّي والدّولي، إتيكيت الحياة الزوجيَّة والعائلة المتماسكة المبنيَّة على الاحترام المتبادل، والتضحية والإخلاص والوفاء، واحترام الرأي الآخر، وتقديم الدَّعم والمسانَدة لغرضِ الوصول إلى الأهداف المرجوَّة، إتيكيت فنِّ المجاملة واختيار الكلمة وإدارة الحديث من ناحية نبرة الصوت ولباقة وتسلسل الأفكار البسيطة والواضحة بعيدًا عن الغرور وحُب الذَّات والتمسُّك بـ(الأنا)، إتيكيت المخاطبة ونظام الأسبقيَّة، إتيكيت المصافحة والتحيَّة والزيارة وإدارة الوقت والبشاشة والاستئذان، إتيكيت حضور الدَّعوات الاجتماعيَّة والشخصيَّة وآداب الطعام والشراب والموائد واحترام توقيتات الحضور والانصراف، إتيكيت الأناقة والهندام الخارجي، سواء داخل البيت أو مع الأصدقاء أو بالعمل استنادًا إلى الأوقات النهاريَّة أو الليليَّة، إتيكيت زيارة الأصدقاء والأقارب والمرضى وكبار الشخصيَّات ورجال الدِّين، إتيكيت الغضب والتواضع والتسامح ورحابة الصدر واحترام الطرف الآخر وعدم التسرع باتِّخاذ القرارات، إتيكيت آداب السلوك بالهاتف بالأماكن العامَّة، الفندق، الأسواق، السفر، الأماكن العامَّة، زيارة الأقارب.. وغيرها من المناسبات، إتيكيت تقديم الهدايا والزهور، إتيكيت التعامل مع الوالدين، أفراد العائلة، الجيران، المدرسة والجامعة وعامَّة النَّاس وزملاء العمل، إتيكيت الحديث على المائدة وطريقة الجلوس وكيفيَّة البدء واستخدام أدوات الأكل وقواعدها، سواء مائدة المنزل أو موائد الدَّعوات الرسميَّة، إتيكيت حضور حفلات الشَّاي الصباحي والمسائي ونَوع الملابس وحفلات الغداء والعشاء وقواعد الحضور والانصراف، إتيكيت إرسال بطاقات الدَّعوات بنظام الأسبقيَّة والإعراب عن الشكر والتقدير بعد الانتهاء من المناسبة، إتيكيت المراسلات المميزة بالعمل، إتيكيت التحيَّة عند الدخول إلى مقر العمل على الجميع بابتسامة وبشاشة الوَجْه ومساعدة الآخرين بعيدًا عن النفاق الإداري المَقيت، إتيكيت التعامل مع ذوي الإعاقة الجسديَّة، السمعيَّة، البصريَّة، العقليَّة، إتيكيت التعامل مع الأطفال، إتيكيت التعامل مع المرأة في مقرِّ العمل أو في المؤتمرات والفعاليَّات الرسميَّة، إتيكيت أصول التقديم والتعارف بالنسبة للمرأة في مجال العمل أو الأصدقاء والأقارب.. وغيرها من المفردات.

 

وفي الختام، جميع هذه المفردات وغيرها تُعطى على شكل حلقات تدريبيَّة أو دروس تفاضليَّة لغرضِ الوصول إلى الإبداع والعصف الذهني بمجال العمل، وتطوير مهارات الاختراعات والتميُّز بالظفر بما هو جديد في جميع المجالات.

 

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز