عاجل
الثلاثاء 9 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مهندسو الإبادة الجماعية

مهندسو الإبادة الجماعية

أحد الجوانب الأكثر إلهامًا في تاريخ العالم هو إرث المناضلين من أجل الحرية ضد القمع والظلم لتأمين حقوق وكرامة أوطانهم، استخدموا أساليب مختلفة للمقاومة، من احتجاجات ودعاوى قضائية إلى قتال وصراع مسلح، بأساليب واستراتيجيات مختلفة بقيادة قادة مختلفين.



 

 

 

قد يفشلون أو يواجهون انتكاسات في نضالهم، وفي كلتا الحالتين، فإنهم يتركون وراءهم أثرًا وإرثًا دائمًا يشكل تاريخ ومستقبل بلادهم والعالم.. وفي غزة يتواصل الحصار بمختلف أشكاله منذ عام 2006 مسفراً عن وفاة المئات من الفلسطينيين، متعرضةً بعدها لثلاث حروب مدمرة 2009، 2012، 2014 أودت بحياة الآلاف ومن بينهم الأطفال، ثم جاءت المواجهة القاسية التي يمر بها أهل غزة منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، فمرضت غزة وزادت أوجاعها  ليسقط أبناء غزة وأرواحهم تهوي بين ركام بيوتهم العابقة، والأمهات تتلمس أشلاء أطفالها كمدا وتهذي، وتضع بقاياه فى أكياس لتدفن فؤادها.  والمحتل الغاصب يتربص بأعين زائقة، والعالم يأسر الفلسطينيين، وإجراءات محكمة العدل الدولية بطيئة وأحكامها لا تنفذ وقرارها الكامل قد يستغرق سنوات، لكن بقي من يؤمن بالحرية والوضع الإنساني في غزة وحقوق الإنسان في "حياة كريمة"، أطلق نشطاء في أكثر من 30 مدينة حول العالم حراكاً جماعياً للتنديد بالعدوان، والمطالبة بحذر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وفي لندن  انطلقت المظاهرات بشكل مستمر أثناء عطلة الأسبوع، وشاهدت محاصرة النشطاء بمشاركة أعضاء النقابات العمالية، بدعوة من منظمة "عمال من أجل فلسطين" لشركات تصنيع الأسلحة في بريطانيا، شركة  BAE  لإنتاج الأسلحة والذخيرة الذي يضم 14 آلة، و340 عاملاً ويوفّر عتادا لسلاح الطيران الحربي الإسرائيلي، فأقاموا حائطاً بشرياً لمنع دخول الموظفين والتقنيين، الذين وصفوهم بـ"مهندسي الإبادة الجماعية"، ووضعوا ركاما أمام بوابة الشركة في إشارة للدمار التي تسببه منتجات تلك الشركات، والحيلولة دون خروج أسلحة من المصنع، كما حاصر تحرك ثان لمصنع "أنسترو بريسيجن"، وأغلقوا بوابته ومنعوا دخول وخروج الشاحنات. 

 

 

 

وصعد نشطاء في مدينة شيبلي على سطح مصنع تملكه شركة Teledyne يصنع مكونات الصواريخ والطائرات المقاتلة، التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، وهي شركة مقرها الرئيسي بالولايات المتحدة تدعم إسرائيل وبدأوا بتحطيم السطح باستخدام المطارق الكبيرة، واحتلوا السطح لوقف إنتاج المصنع.  

 

وقد شهدت فعاليات كان السينمائي الأسبوع الماضي  حضورًا مميزًا للنجمة الأسترالية كيت بلانشيت، حيث أثارت الكثير من التكهنات والتساؤلات حول فستانها الذي بدت عليه خلال مشاركتها في الحدث يوم الاثنين. وفي لحظة أثناء تصويرها على السجادة الحمراء، قامت بلانشيت برفع الجزء الخلفي من فستانها لتكشف عن البطانة الخضراء، مما دفع البعض إلى تساؤل عما إذا كان  هذا يشكل رسالة مبطنة للتضامن مع الفلسطينيين.

 

 

 

وظهرت تكهنات على منصات التواصل الاجتماعي حول إمكانية أن تكون إطلالة بلانشيت تعبيرًا عن الدعم لفلسطين وغزة، مما دفع بعض الناشطين والمتابعين إلى التعبير عن إعجابهم وتقديرهم لها. وعلى صعيد الردود، وصفت الناشطة والنائبة بالجمعية الوطنية الفرنسية دانييل أوبونو إطلالة بلانشيت بكلمات مقتضبة قائلة: "كيت فريكينغ بلانشيت، أيها السيدات والسادة" مع رمز التاج الملكي.  ومن جهته، علق أحد رواد تطبيق التواصل الاجتماعي (إكس) على منشور لصحيفة (ليبراسيون) الفرنسية بالقول: "أحسنت يا كيت، في ظل هذا السيناريو البائس لعالم الثقافة والترفيه، فإن لفتتك جديرة بالتقدير".  إن بلانشيت لها سجل حافل بالنشاطات الإنسانية والدعم لقضايا العدالة الاجتماعية، ويعتبر مشاركتها في هذا المهرجان واحدة من الفعاليات التي تبرز دورها كشخصية عالمية مؤثرة في عالم الفن والثقافة.

 

لم تكن آن بلانشيت وحدها المؤمنة بحق الفلسطينيين في حياة أفضل، وقعت أكثر من 3 آلاف شخصية من العاملين في مجال الفن والثقافة بالمملكة المتحدة رسالة مفتوحة تدعو إلى الوقف الفوري للقصف الإسرائيلي على غزة، واصفين الوضع بالجريمة والكارثة. 

 

وجاء في الرسالة "لقد حولت إسرائيل جزءا كبيرا من غزة إلى أنقاض، وقطعت إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والدواء عن 2.3 مليون فلسطيني".    وذكرت الرسالة بأن "شبح الموت" يخيم على المنطقة،  وبعد تعرض مئات الآلاف منهم للقصف من الجو والبحر والأرض، يُطلب من الفلسطينيين مرة أخرى، الذين أجبر أجدادهم على ترك منازلهم تحت فوهة البندقية، أن يهربوا أو يواجهوا عقابا جماعيا على نطاق لا يمكن تصوره.  لقد جردوا من حقوقهم، ووصفهم وزير الدفاع الإسرائيلي بجرذان بشرية، وأصبحوا أشخاصا يمكن فعل أي شيء لهم تقريبا.

 

ومن بين الموقعين نجوم التمثيل تيلدا سوينتون، وتشارلز دانس، وبيتر مولان، وستيف كوجان، وميريام مارجوليس، وماكسين بيك والممثل البريطاني ذو الأصول المصرية  خالد عبد الله، الذي نشر  عبر حسابه على منصة X جزءا من تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة، واستخدام إسرائيل الغذاء والتجويع كسلاح ضد الشعب الفلسطيني. 

 

وأشار التقرير إلى أن الفلسطينيين يتضورون جوعا، ويكافحون من أجل العثور على الغذاء والمياه. كما  وقع على الرسالة المخرجون مايكل وينتربوتوم، ومايك لي واصف كاباديا، والكوميديان فرانكي بويل وجوزي لونغ، والكتاب المسرحيون تانيكا غوبتا وأبي سبالين، والشاعر أنتوني أناكساغورو، بالإضافة إلى الفنانين التشكيليين تاي شاني، وأوريت عشري، ولاريسا صنصور، وروزاليند النشاشيبي، وفلورنس بيك، وجورجينا ستار، والمؤلفين مارينا وارنر، وجاكلين روز، وجيليان سلوفو، وكورتيا نيولاند.

 

كذلك طالب المشرفون على تصدير السلاح البريطاني لإسرائيل، بوقف عملهم خشية ضلوعهم بجرائم حرب في غزة ، وفقا لما ذكرته شبكة سكاي نيوز البريطانية. وفي وقت سابق، انضم 3 قضاة سابقين بالمحكمة العليا إلى أكثر من 600 من المشتغلين بالقانون في بريطانيا بمطالبة الحكومة بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل معتبرين أن ذلك قد يجعل بلادهم متواطئة في إبادة جماعية فى قطاع غزة. وانضم عمدة لندن صادق خان إلى شخصيات بارزة في حزب العمال البريطانية بدعوة الحكومة البريطانية إلى اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، ومن بينها وقف تصدير السلاح. فقد نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن عمدة لندن قوله، إن مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل يجب أن تتوقف. وتأتي تعليقات صادق خان، في الوقت الذي تدعو فيه شخصيات بارزة أخرى في حزب العمال، الحكومة إلى اتخاذ إجراءات بعد مقتل عمال الإغاثة في قطاع غزة  وعلى المستوى الملكي، فقد أقر الأمير وليام ولي العهد البريطاني، بالمعاناة الإنسانية في قطاع غزة الذي يشهد عدواناً إسرائيلياً مدمراً منذ أكثر من 6 أشهر. وأعلن مكتب الأمير وليام، أنه سيجري عدداً من الأنشطة لتجسيد "إقراره بالمعاناة الإنسانية" الناجمة عن الصراع في غزة والشرق الأوسط ولفت الانتباه إلى تصاعد معاداة السامية على مستوى العالم. 

 

وقال قصر كنسنجتون إن وليام (41 عاماً) سيلتقي المشاركين في تقديم الدعم الإنساني في المنطقة ويستمع إلى روايات الوضع على الأرض. كما سيزور أمير ويلز كنيساً للاستماع إلى الشبان المشاركين في معالجة الكراهية ومعاداة السامية.

 

 وأصبح وليام في عام 2018 الأول بين كبار أفراد العائلة المالكة البريطانية الذي يُجري زيارة رسمية لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. ومع غياب والده الملك تشارلز حالياً عن الواجبات العامة الرسمية في أثناء خضوعه للعلاج من مرض السرطان، من المتوقع أن ينجز وليام بعض الارتباطات رفيعة المستوى.  ويأتي ذلك في الوقت الذي تتعافى فيه زوجته كيت أيضاً من جراحة في البطن.  وقال مكتب وليام في بيان: "الأمير والأميرة يشعران بقلق عميق إزاء الأحداث التي وقعت في أواخر 2023، وما زالا يحملان جميع الضحايا وعائلاتهم وأصدقائهم في قلوبهم وعقولهم". 

 

والآن بعد استعراض القليل من المشاعر الإنسانية ومظاهر الغضب البشري لما يحدث من إبادة جماعية لـ 5.8 مليون فلسطيني، لا أعلم كم تبقي منهم، هل تكفى عبارات المناهضة، الاعتراض، الشجب، الاستنكار، الإدانة، والتضامن والدعم.. إلى آخره امام مشهد إراقة الدماء لأطفال وأمهات.. ليبقى السؤال الذي يحيرني.. من يحكم العالم؟ من يملك القدرة على وقف المجاذر؟، وفرض وتنفيذ الأحكام ضد مجرمي البشرية وسفاحي الدماء؟

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز