عاجل
الثلاثاء 17 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا: يتعين على أمريكا التعاون مع الصين بدلا من منافستها للحفاظ على نفوذها في أفريقيا

معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا
معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا

قال معهد الدراسات الأمنية، ومقره بريتوريا في جنوب أفريقيا، إن التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين سيدخل قارة أفريقيا في حقبة جديدة من التوترات التي لا تنذر بالخير، مؤكدا أن واشنطن يتعين عليها البحث عن طرق للتعاون مع بكين بدلا من التنافس معها إذا أرادت الحفاظ على نفوذها في القارة السمراء .



وأوضح أنه على الرغم من أن معظم دول القارة السمراء ليست جزءا من سلاسل القيمة العالمية؛ إلا أن التحديات والتوترات الاقتصادية الخارجية تؤثر عليها بشدة.

واستند المعهد في تحليله هذا إلى الحقبة التي سبقت سقوط جدار برلين عام 1989 حيث عاشت القارة أكثر فتراتها عنفا منذ استقلال دولها بسبب التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق والتي أدت إلى اندلاع حروب مكثفة بالوكالة في منطقة القرن الأفريقي وأنجولا.

ويرى معهد الدراسات الأمنية أنه لم يعد بإمكان أفريقيا أن تكون ساحة للصراعات بالوكالة، ولا ساحة معركة لبلدين متنافسين، هما الولايات المتحدة والصين هذه المرة ، علاوة على ذلك، فإن روسيا، وليس الصين، هي التي تلعب الآن دور مثير الشغب في أفريقيا. فتصاعد الانقلابات العسكرية في دول الساحل، التي تستفيد أنظمتها من حماية فيلق أفريقيا (فاجنر سابقا)، لا يبشر بالخير لمستقبل القارة.

والأهم من ذلك، يواجه الغرب سلسلة كاملة من المنتقدين الأكثر عددا وقوة، وهي مواجهة يمكن النظر إليها على أنها مواجهة بين مجموعة السبع ومجموعة البريكس. فقد عزز الإفلات من العقاب الذي منحه الغرب لإسرائيل فيما يتعلق بالحرب في غزة وغيرها وجهة نظر دول الجنوب بأن نفس المعايير لا تنطبق على الجنوب والشمال .

وأشار المعهد إلى أن قارة أفريقيا على الرغم من حجم سكانها إلا أنها تعد لاعبا عالميا صغيرا. ففي الواقع يمثل الاقتصاد المشترك للقارة أقل 3% من الاقتصاد العالمي، كما أن تباين مواقفها السياسية يجعل من الصعب عليها تقديم جبهة مشتركة بشأن القضايا المثيرة للجدل مثل ملف الصين وتايوان أو الحرب في أوكرانيا.

وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية على مدى القرن الماضي كانت أقوى دولة في العالم وتمكنت من الترويج لسرد يساوي بين التنمية والاستقرار والتقدم على نطاق عالمي والقيم والمصالح الأمريكية. ولجأ العديد من الأفارقة إلى الولايات المتحدة بسبب الحريات والفرص التي توفرها، على الرغم من تراجع الآراء الإيجابية بشأنها.

لكن صورة حشد عنيف ينزل إلى مبنى الكابيتول في يناير 2021؛ حطمت أسطورة الاستثناء الأمريكي، وكشفت عن بلد مزقته الانقسامات السياسية. وأضر صعود الشعبوية بالقوة الناعمة للولايات المتحدة. واتضح، في الوقت ذاته، تضاؤل قدرتها على العمل كرادع في منطقة الشرق الأوسط التي أصبح الوضع فيها غير مستقر.

ووفقا لدراسة متعمقة أجرتها مجلة "إيكونوميست" البريطانية في مايو 2022، فإنه "لا توجد دولة أخرى تقترب من حجم وعمق مشاركة الصين في قارة أفريقيا" هذا من جانب. ومن جانب آخر، فإن التجارة الأمريكية والاستثمار مع أفريقيا آخذة في الانخفاض وإذا أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على نفوذها في القارة، فعليها إيجاد طرق للتعاون مع الصين بدلا من التنافس معها.

وقال معهد الدراسات الأمنية إن الصين تعد مصنع العالم فهي تصنع بثمن بخس وبكميات أكبر من أي دولة آخرى، وقد أغرقت العالم بمعدات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بأسعار معقولة؛ مما يغذي التحول الأخضر. وبالنسبة لكثيرين، تعتبر الصين وجهة التجارة العالمية كما أنها تتولى عملية بناء الكثير من البنية التحتية في قارة أفريقيا.

ويرى المعهد أن مشروع القانون الذي قدمته مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين لتجديد مبادرة "قانون النمو والفرص الاقتصادية في أفريقيا" لمدة ستة عشر عاما أخرى يظهر أن هناك مجموعة أمريكية مؤثرة تتطلع للتعاون مع أفريقيا لفترة زمنية طويلة. لكن المعهد نبه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية يتعين عليها استخدام "قانون النمو والفرص الاقتصادية في أفريقيا " في تحفيز الصادرات الأفريقية وليس كأداة للضغط الاقتصادي من أجل تحقيق أهداف سياسية.

وأوضح أن العديد من النخب الحاكمة في أفريقيا تهتم بنموذج التنمية الاقتصادية الصيني رغم عدد السكان الهائل كوسيلة للحد من الفقر والبطالة؛ فيما يرى هؤلاء أن الديمقراطية واقتصاد السوق الحر لم تجلب التنمية.

وأشار معهد الدراسات الأمنية إلى أن مستقبل التنافس لن يكون على النفط الأفريقي وإنما على المعادن الأفريقية لاسيما المستخدمة بشكل أساسي في تصنيع السيارات الكهربائية. وقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية في وضع سيئ؛ نظرا لأن الصين قد حصلت بالفعل على الكثير من احتياطيات المعادن الأفريقية الأساسية. 

واختتم المعهد بأن موقع الصين المهيمن يُظهر كيف أنها تلعب في نفس الملعب (مع الولايات المتحدة) لكن بطريقة مغايرة للاتحاد السوفيتي السابق، كما أن نفوذها في أفريقيا آخذ في التنامي وباتت العديد من دول القارة تيمم وجهها نحو الشرق.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز