عاجل
الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الإمام الأكبر وتجديد الخطاب الثقافي

الإمام الأكبر وتجديد الخطاب الثقافي

إنه عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا في مصر وعلى أمتنا العربية والإسلامية وعلى إنسانيتنا المشتركة بخير وسعادة، وشفاء من جرح الإبادة الجماعية في غزة، والذي شكل جرحاً وألماً وإساءة لحضارة القرن الحادي والعشرين بأكملها.



 

وإذ يأتي العيد، وفي قلبي وعقلي أثر لا يغيب من كلمة فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أ.د أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر الشريف، في ليلة القدر وفي احتفال مصر بها. وفي حضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار رجال الدولة المصريـــــــــة.

وإذ توجه الإمام بالتهنئة لسيادته على أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثالثة، وهي تهنئة عطرة لسيادته مشمولة بدعاء حفظه الله، اللهم أحفظ مصر وأحفظه بكل الخير.

بدت لي فضيلة الإمام الأكبر كدليل حي على ثبات أركان مؤسسات الدولة المصرية، عبر فصاحة البيان وخشوع العلماء وقوة ورفعة الطرح الفكري الذي طرحه الإمام مشخصاُ حالة الأزمة محدداً خطط الحل وإصلاح حالة الفرقة والارتباك.

وإذ يمثل حديث الشيخ الطيب نموذجاً للعلاقة بين السلطة السياسية والقوة الناعمة، وهي علاقة تقوم على التكامل عبر التضاد.

ولذلك وإن بدا حديثه مختلفاً ومضاداً لأحاديث أخرى رسمية ذات طابع دبلوماسي أو سياسي يلتزم بضبط النفس وبمنهج يقرأ الواقع والظروف العربية والإقليمية والدولية، ويقبض على الجمر سعياً وأملاً وتحركاً يستهدف حل مشكلة الإبادة الجماعية في غزة، واستعادة مسار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينـــي.

ولقضية مصر والعرب المركزية في فلسطين، فإنه تضاد يؤدي إلى حالة من التكامل. ويشكل نوعاً من الوجدان الجمعي المصري العام ويؤسس تأسيساً استيعادياً نتمناه ممتداً لتعدد الخطاب المصري الرسمي وفقاً لاختلاف طبيعة المؤسسات، وهو اختلاف يستهدف الإنسجــــــام ويحقـــــــق تكامليـــــــة الرؤية المصرية. وهو ما نتمناه ممتداً لمؤسسات أخرى ذات صلة بالقوة الناعمة المصرية.

ولا شك أن سطوري هذه، وهي صادرة من أستاذ للدراما والنقد المسرحي بأكاديمية الفنون المصرية وكاتب بروزاليوسف ومخرج وناقد ممارس مشتبك مع عالم الفنون التعبيرية، لهي سطور تعبرُ عن الفخر والاعتزاز بكلمة شيخ الجامع الأزهر الشريف. 

وهي محاولة بسيطة لتأكيد ضرورة استعادة وحدة الخطاب الثقافي والفني فى إطار متسق مع خطاب مؤسسة الأزهر الشريــف.

وإذا حاولت سنوات طوال من التفتيت التاريخي تمزيق خطاب القوة الناعمة المصرية لتجعل ما هو ثقافي وإبداعي متناقضاً نسبياً، بل وفي بعض الأحيان متضاد مع خطاب القلب في القوة الناعمة المصرية وهو خطاب الأزهــــــر الشريــــــــــــف.

فإن التنسيق والفهم والانسجام مع خطاب الأزهر الشريف هو جوهر عافية القوة الناعمة المصرية كلها.

وإذ تمتعت ببيان واضح ولغة عربية ذات طابع أدبي رفيع المستوى يفهمها كل من يسمعها من شعبنا المصري الأبي، وشعوب العالم الإسلامي والعربي وكل من يتحدث لغتنا الجميلة في أنحاء العالم. 

فإن كلمة الإمام الأكبر تدخلنا جميعنا في حالة من الإشهار والإعلان لوعينا العام ولإرادتنا الجماعية إذ تعبر بضمير حي يسمى الأشياء بأسمائها ويحدد المسؤولية ويشكل إعلاناً مصرياً عاماً لموقفنا مما يحدث.

وحتى لا أكرر ما قال الإمام الأكبر وهو معلن ومسموع ومكتوب، وأشهد به الله والإنسانية كلها، محدداً المسؤوليات، موصفاً لحالة الفرقة العربية، والموقف العربي والإسلامي تجاه الحرب في غزة، والذي كما وصفه لا يعبر عن الإمكانيات الكبرى والقوة الحقيقية لعالمنا العربي والإسلامي، ولا يعبر عن حضارة القرن الحادي والعشرين، ولا عن المؤسسات الدولية الكبرى المنوط بها التدخل لإيقاف المأساة الكبرى في فلسطيـــــــن.

فهو خطاب ديني يشير للقرآن الكريم ويعترف بالكتب السماوية الأخرى التي تؤكد على حق العيش الإنساني المشترك الكريم، وهو خطاب أمل يحمل طابعاً استيعادياً يطلب مبادرة لعلماء الأمة من أهل السنة والشيعة وكل من يولي وجهه شطر القبلة الواحدة.

كي يجتمعوا من أجل فتح مسار مستقبلي يمهد الطريق لاستعادة الوحدة العربية والإسلامية معاً، وهو يحددها بشكل يعبر عن فهم عميق بأن تبدأ بالوحدة الاقتصادية المشتركة، وهي الطريق الأمثل للتعاون المتكامل في كافة المجالات.

إنها أحاديث الخيال الإنساني السياسي المستند إلى جوهر الدين وإلى دروس التاريخ.

والخيال هنا ليس صفقة دالة على مفارقة الواقع، بل هي خيال سياسي يفهم جوهر الواقع ويطلب فرصة لعلماء الأمة لفتح طرقا واقعية لاستعادة الوحدة العربية والإسلامية، بعيداً عن أحاديث الفرقة والتنازع والتي تؤدي إلى ذهاب ريح الأمم.

إن الإمام الأكبر يؤكد مجدداً أنه يعرف دور القوة الناعمة المصرية، وفي القلب منها المؤسسات الدينية وكيف يكون خطابها، وما هو دورها، وفي ذلك مثال يحتذى للقوة الناعمة المصرية في عالم الثقافة والفنون والتعليم والجامعات المصرية.

لأن مسألة فلسطين والوحدة العربية والإسلامية ودور مصر المحوري والقيادي في هذا الشأن، مسألة يجب أن نشرحها بوضوح، ونضعها في قلب وعقل الأجيال الجديدة في مصر وعالمنا العربي والإسلامي. 

ولعل الأجيال الجديدة من الشباب بل ومن الأطفال والناشئة هم أهم مستهدفات مؤسسات القوة الناعمة المصرية الرسمية والعاملة في المجتمع المصري، لأن الأفعال والسلوك والاختيارات على أرض الواقع تبدأ أولاً بالأفكار وبالوعي الحقيقي.

وفيما ذكره الإمام الأكبر، أفكارا وتاريخا ورؤية للماضي والحاضر والمستقبل يجب أن تعمل عليها مؤسسات الثقافة والإبداع تجديدا للخطاب الثقافي المصري، وفي كلمة الإمام الأكبر في حضور سيادة الرئيس، أملا ووعيا بأدوار مؤسسات الدولة المصرية، وبهاء رائعاً يمنح الخطاب ديني الرسمي صلة بالقضايا الوطنية بشكل بالغ العمق والثقة.

 وفي هذا إشارة ودعوة يجب أن تراها بوضوح وتفهمها كل القوى الفاعلة في القوة الناعمة المصرية.

وكل عام ومصر الإنسانية بخير وسعادة.. عيد سعيد

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز