أشرف أبو الريش
الدرع والسيف والردع
من طباعى التي لا تتغير أننى أحب الاستماع إلى الناس البسيطة المتواضعة، الذين تعلموا فى مدرسة الحياة.
فى بداية تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد بعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات المصرية، رسميًا فوز المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسي بمنصب رئيس الجمهورية، وذلك بعد اكتساحه نتائج التصويت فى الانتخابات الرئاسية ضد منافسه المرشح الرئاسى حمدين صباحي، وذلك بإجمالى 96% من مجموع الأصوات، أتذكر جيدًا الأحاديث الجانبية فى المواصلات العامة وخاصة فى قطار 534 طنطا / منوف / القاهرة والذي ينطلق يوميًا من طنطا الساعة 05:10 صباحًا ويصل القاهرة الساعة 08:45 صباحًا، هذا القطار يعتبر من وجهة نظرى أحد المنتديات السياسية والثقافية والإعلامية اليومية، حيث يناقش فيه المسافرون وهم من مختلف الطوائف والأعمار والمهن أحوال الدولة بداية من أساتذة الجامعات، والأطباء والصحفيين وموظفى الدولة بدرجات مختلفة من وكلاء الوزارات ومديرى مكاتب المسؤولين الكبار وبعض من رجال الجيش والشرطة وانتهاءً بالعاملين فى المهن الحرة فى العتبة والفجالة.
الجميع استبشروا خيرًا بغروب عصر جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية التي انتشرت بعد ثورة ٣٠ يونيو.. كنت أحب أن أستمع إلى آراء الجميع خصوصًا بعد مرور عدة شهور من حكم الرئيس السيسي، دون أن أدخل فى نقاشات جانبية طوال الطريق ونحن فى القطار، غير أننى تدخلت فى حوار لمدة أسبوع كامل ونحن مسافرون، حول قضيتين إحداهما: توفير السلع الأساسية للمواطنين بأسعار معتدلة، إلى جانب الخدمات الصحية والكهرباء دون انقطاع، والمشتقات البترولية التي كانت معاناة للكثيرين من أبناء الشعب فى المدن والريف على السواء، بسبب انخفاض الاحتياطى النقدى الذي وصل إلى مايقرب من ١٦ مليار دولار.. ظروف البلاد فى هذا التوقيت كانت صعبة بالفعل، على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الأمور التي يجب أن يجلس خبراء فى شتى العلوم حتى يحللوا الشخصية المصرية متقلبة الأحوال والمزاج.
القضية الثانية والتي تحدثنا فيها بنقاشات واسعة بين شد وجذب وموافقة فى الرأي، واختلاف مع آخرين وكانوا الأكثر رفضًا فى هذا التوقيت، وهى قضية «تسليح الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة» هذا القرار الصعب فى التوقيت الأصعب للدولة المصرية.. الكل كان يرفض أن يسلح الرئيس عبد الفتاح السيسي الجيش فى ٢٠١٤ على حساب الطعام والشراب والخدمات اللوجستية لمعظم أبناء الشعب المصري.
كنت على يقين أن ما يفعله الرئيس هو عين العقل وكان يوافقنى الرأى كبار السن، كانت وجهة نظرى أن الطعام والشراب مقدور عليه، ولكن الأمن والاستقرار وحماية حدود الدولة بالطبع فى المقام الأول، وكان يوافقنى فى الرأى أيضًا، رفيق السفر الأستاذ عبد الله دويدار المدير العام بالهيئة العامة للاستعلامات، كنا نتجادل مع الأصدقاء وبعض المعارف يوميًا لمدة تقترب من الساعتين قبل وصول القطار إلى محطة رمسيس، ووصلنا مع الناس من نقاشات فى هذه القضية إلى طريق مسدود، وصل إلى حد القطيعة مع البعض، هم يريدون الأكل والشرب ونحن نريد جيشًا قويًا قادرًا على حماية الأرض والشعب وقت الشدائد.
مرت عدة سنوات لم أركب القطار وخرج أ.عبد الله دويدار على المعاش منذ ٤ سنوات على الأقل وتفرقت بنا السبل أنا وأصدقاء القطار ٥٣٤، وفى بداية العام الماضى جمعتنى الصدفة مع صديق قديم التقيته فى شبين الكوم، كان من الرافضين على طول الخط لفكرة تسليح الجيش.. وأتذكر جيدًا قوله: «إيه الفايدة إللى هتعود علينا من التسليح» أنا عاوز آكل وأشرب أنا وعيالى وخلاص؟.
تجاذبنا الحديث مرة أخرى وكان المدخل أحداث غزة والاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى الأعزل وذلك بعد مرور خمسة أشهر بداية من ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، ضحكت بمحبة فى وجهه.. بادرته بقولى إيه؟.. الأكل والشرب، ولا الجيش قال: الحمد لله «الجيش طبعًا» أنت كنت صح.. ضحكنا وتصافحنا وانطلق كل واحد منا فى طريقه.
هنا أشير إلى أن الفترة الزمنية لحديث الرفض والموافقة والاقتناع من الصديق لقضية تسليح الجيش المصري كانت حوالى ١٠ سنوات من ٢٠١٤ وحتى بداية ٢٠٢٤.
الظروف صعبة، علينا أن نتحمل، هناك مخاطر تهدد مصر.. نعم هناك مخاطر وما يحدث حولنا على الأصعدة والمحاور الاستراتيجية للدولة لا يحتاج إلى دليل أو برهان.. التصريحات العنترية الحمد لله تشاهدونها يوميًا الآن.. جيشنا الآن قوي.. نعم قوى ويمثل رعبًا للأعداء ولكل من يحاول المساس بأمن واستقرار مصر.
تحيا مصر