عاجل
الأحد 14 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر - غزة - بالقطار "5"

ترويقة مناقيش بالزعتر

مصر - غزة - بالقطار "5"

في صباح اليوم الثاني لي في غزة، التقيت مع ثلاثي الفن والشعر الغزاوية، شموط وبسيسو والحلاج لنتوجه إلى مطعم أبو زهير للمعجنات ومناقيش الزعتر في أحد أزقة وشوارع غزة القديمة لنشتري من طيبات المطعم "ترويقة" الصباح، ونحمل إفطارنا لأحد المقاهي الشهيرة، إلى مقهى أبو رفيق من أقدم المقاهي الشعبية ليس في مدينة غزة فقط بل في كل قطاع غزة وتتميز هذه القهوة بكراسي القش القديمة وبصغر حجم المقهى أيضا مما يضفي عليه طابعا مميزا وغريبا لا تتمتع به المقاهي الحديثة، كما أن زبائن هذا المقهى يأتون اليه من أقصى شمال القطاع إلى أقصى جنوبه يتجمع فيه الكل الفلسطيني من جميع التنظيمات والفئات، وخاصة كبار السن من المثقفين والمتعلمين والمتقاعدين". تجمعهم يشير إلى الروابط "الوطيدة" ما بين مالك المقهى وزوراه الدائمين، حيث يفتقدهم إذا ما تخلفوا عن زيارته. يجتمع فيه الفنانين والأدباء والشعراء، داخل المقهى كي يتبادلوا الآراء والخبرات ويستمتعوا بالحوارات. المقهى يحتفظ بنمطه القديم بناءً على رغبة رواده الذين فضلوا النمط الأثري الذي يخلد ذكرياتهم.



المقهى يقع في أول شارع فهمي بك الشهير في وسط مدينة غزة. تناولنا أحلى مناقيش يعلوها زيت الزيتون بالزعتر والسماق، وكذا فطائر السبانخ والجبن مع المشروبات الساخنة، ومشروب القينر الذي يختص به المقهي، وهو عبارة عن مجموعة من الأعشاب".

ومع فنجان القهوة الفلسطينية المنتجة فى أريحا ومصنوعة من تمور أشجار النخيل، أخرج معين بسيسو من ملف يحمله رسوما تقاسمها مع رفقاء دربه في مصر أثناء إقامته، فقد عاش في مصر حيث خاض تجربة المسرح الشعري، والتحق عام 1948 بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتخرج عام 1952 فى قسم الصحافة ثم انخرط بالعمل السياسي والنضالي، وعمل فى الصحافة والتدريس، ونشر ديوانه الأول "المعركة".

سجن في المعتقلات المصرية في فترتين من 1955 لمدة عامين، وأربع سنوات من 1959، كان من اصدقائه الفنانين جورج البهجوري، عبد المنعم القصاص، حسن التلمساني، وعلى ضوء الصداقة التي ربطت بينه وبينهم، ليكون وجهه الملهم موضوعاً لجلسات تصوير خاطفة منفذة بخطوط بسيطة، وأحياناً متأنية ومتأنقة.

تتمتع بالقيمة المعنوية للحظات الحميمة التي تقاسمها بسيسو مع رفقاء دربه في مصر . وبقوة التعبير بالكلمة والشعر والفن سبيلاً للمقاومة بدلاً من البندقية، تحمل عصب الارتجال في التقاط الملامح البارزة من وجه بسيسو وما يرتسم عليه من إشارات عميقة هي بمنزلة نافذة للروح.. يومها أهداني بعض  من أعماله الشعرية قصائد مصرية وفلسطين في القلب (1960)، الأشجار تمـــوت واقفة (1964) كرّاسة فلسطين (1966) استمتعنا بترويقة الإفطار مع حبات الزيتون، وعدنا لشارع عمر المختار الذي يقع في ثلاثة أحياء الرمال والزيتون والدرج  لنزور الأحياء الواقعة على جنباته وباقي شوارع غزة.

 

  دلفنا إلى حي الدرج وقمنا باللف في الازقه الصغيره، شاهدنا آثار  الأيام الجميله الرائعه ومن كان يسكن في هذه البيوت، ليستذكر الأصدقاء جيرانهم الذين كانوا يعرفونهم، مروراً بشارع حي الدرج وسمي لطبيعة المكان الجغرافيّ وكيفية إنشاء تلك البيوت على تلال رملية مرتفعة تأخذ شكل أدراج فسميت تلك المنطقة بحي الدرج نسبة لطبيعة البناء والشكل.

وحين دخلنا سباط المفتي بمنطقة يقال لها حارة الخرابا تذكر اصدقائي استفزازهم لبعض الأهل والاصدقاء من سكان المنطقة، كصديق أحدهم الدكتور ذهني الوحيدي حين كان يمر بسيسو ويقول له حارة الخرابا فقد كانت عائلته تسكن تلك المنطقه بعد الهجرة من فلسطين فوالدته من عائلة الحسيني المعروفة، وكانت تلك العائلة تسكن سباط المفتي وكان دائما يقول هناك كانت غرفتنا وهنا كان خالي يسكن وكان دائما يترحم على هذه المنطقه الجميله.

وحارة الخرابا مصطلح أصبح تداوله لبيوت وقصور قديما ما كانت تشكل معلم من معالم مدينة غزه وأصبحت بعد ذلك خرابات أي بيوت متروكة لم يبعها أصحابها ولم يستغلوها ونشأ خلفها حي من أحياء الدرج عاش فيها عائلات وأناس مناضلون.

وأجمل تلك المناطق حين تمر بالمنطقة المجاورة لمسجد السيد هاشم والبيوت والمنازل المحيطة به وتلف من حوله وترى الشوارع الضيقة التي لاتمر بها السيارات وتشاهد تلك البيوت.

  مررنا بمسجد السيد هاشم جد الرسول، كم كان جميلاً بجدرانه وحيطانه من الحجر  القديم وبلاطه المزخرف حين تدخل الى هذا المسجد و بالونته الخارجيه تشعر بعبق التاريخ.

أما حي الزيتون الجميل الرائع، فنمر في سوق السروجيه أو سوق الخياطين  ومن جنب حمام السمره الجميل الرائع، دخلنا  منطقة الكنيسة القديمة ومسجد كاتب ولايه ، وشاهدت على  التسامح المسيحي الاسلامي والجيرة الجميلة بين المسلمين والنصارى، فهناك نعرف الوطنيه بعيدا عن الانتماء الديني، استمتعت حقاً بأن أمر واستمتع بتلك المناطق واقف واتامل وأشاهد جماليات غزة الرائعة.

من شارع عمر المختار انطلقنا لشارع  الثلاثيني. وتعلمت أن ما يعتقده البعض غير حقيقي، بأن شارع الثلاثيني سمي نسباً لعائلة هناك في مدينة غزة، لكن حقيقة الأمر كان عرض الشارع قديماً 30 متراً، وعلى حسب القياسات سمي بهذا الاسم كما غيره من الشوارع الأخرى، كشارع ثمانية.

ثم كانت وجهتنا لشارع الثورة فعند قيام ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر وجماعة الضباط الأحرار، وتخليداً للثورة التي قام بها ومروره من هذا الشارع، وكون عبد الناصر كان له امتداد في غزة عندما حوصر في قرية الفالوجة وهي قضاء غزة، سمي الشارع باسم المعركة.

ومع بداية القومية العربية على يد  الناصريين وبداية التفكير في نضوج الوحدة العربية ما بين سوريا ومصر 1958-1961م، فكانت أول وحدة عربية بعد زوال الاستعمار عن المنطقة العربية، فكانت غزة سباقة بالإعلان رسمياً عن تلك الاتفاقية وأطلقت على أحد شوارعها شارع الوحدة، الذي لا يزال شامخاً يمثل جسد ومنطق الوحدة العربية التي بقيت راسخة على أرض غزة.

   ثم مررنا بشارع النفق، وكان الناس يعتقدون قديماً بأن هذا الشارع نفق خاص بالمقاومة، لكن هذا الشارع يوجد تحته نفق خاص لتجمع مياه الأمطار والراكدة ومياه الصرف الصحي فيه، وفي أوائل الستينيات بعد ترميمه هندسياً أطلق عليه شارع النفق. 

وصلنا فى جولتنا لشارع صلاح الدين هو شارع منذ عصر الفراعنة، وكان يطلق عليه قبل الميلاد، وحتى مجيء الفتح الإسلامي باسم حورس أو حوريس الذي ألهه الفراعنة، وكان باعتقاد الفراعنة بعدما هيمنوا على منطقة الأجسام أن حوريس وصلت بعد معركة مجدو على غزة وظل الاسم شائعاً حتى لغي، وبعد مجيء الحكم المصري أطلق عليه شارع صلاح الدين. إن شارع صلاح الدين في غزة واحد من أكثر الشوارع أهمية في القطاع، وذلك لأنه يربط الشمال بالجنوب، ويمتد هذا الشارع على عشرات الكيلومترات عابرًا العديد من المدن، وينتهي عند معبر رفح الحدودي الذي يربط قطاع غزة مع العالم الخارجي، ويبدأ من مدينة بيت حانون شمالًا بالفعل، ويمتد إلى جنوب القطاع، وعُرفت المدينة بهذا الاسم نسبةً للملك حانون الذي وضع بيتًا لعبادة أحد التماثيل داخل المنطقة.

يعمل سكان هذه القرية بعدة من المجالات، وأبرزها: الزراعة،  ويعتبر  مركزاً تجارياً رئيسياً في غزة، حيث يضم العديد من المحال التجارية والمطاعم والمقاهي والفنادق والمراكز التجارية. يشهد الشارع حركة مرور مزدحمة طوال اليوم، وتوجد به محطات للحافلات ومواقف للسيارات.

كما يعتبر معلماً سياحياً مهماً في غزة، حيث يوجد على طوله العديد من المعالم السياحية والثقافية، من ضمنها المساجد والكنائس والمتاحف والأماكن الترفيهية. 

شعرت فى تجوالي لمدينة غزة في شوارعها وأحيائها بأنى أسير  بين صفحات التاريخ ماضيه وحاضره، فحي الدرج الذي يقبع في قلب المدينة القديمة ما زالت أزقته تحتفظ بمعالمه القديمة، وحجارته التي أنهكتها السنين، بينما يشعرك حي الرمال الذي يقع تقريبا في وسط غزة بحداثة الحاضر بسبب ازدحام شوارعه بالمواطنين والمحال التجارية الحديثة.

ومع اقتراب نهاية رحلتي إلى غزة الحبيبة ، كان لابد من التصعلك مرة أخري امام المحلات المغرية ببضائعها، والمنشرة بالمنطقة للتبضع وتحقيق رغبة الوالده الحبيبة فى شراء ما تحتاجه. 

ثم أكملنا جولتنا.. قبل أن نذهب للبحر لتناول وجبتنا الرئيسية من الطعام، الوجبة الأخيرة قبل الرحيل.

….ولها حكاية.

 

اقرأ أيضاً 

مصر - غزة.. بالقطار (3)

مصر.. غزة.. بالقطار "4"  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز