عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. إيمان ضاهر تكتب: شهر رمضان فرصة العمر.. فكيف نفوز به؟

د. إيمان ضاهر
د. إيمان ضاهر

لقد أتى شهر رمضان إلينا وهمس بشوقه نحونا، شذا من الرحمن إلى الدنيا يعود،  بحجم أحلامنا  وتصوراتنا، فتنتعش الأنفاس وتلتئم الجروح بأعمال التقوى والتكاتف، الإحسان والعطف، المغفرة ورقة القلب.. أليس شهر البركة والعطية؟



أيام قليلة، ويدل عليه كلام الله عز وجل: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس  وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه". 

يغمرنا الله تعالى بالسلامة وينعم علينا بالرحمة، يفرج عن المؤمن عيوبه ويستجيب لطلباته.. إن الله عز وجل يراقبنا  ونحن في السعي لتحقيق هذا الهدف الروحي فيحمدنا لدى ملائكته، عباد الله المكرمون.. أليس شهر رمضان أهم السبل التي تفتح أبواب الجنة؟

 

شهر رمضان انطلاقة المؤمن لاجئا لخالقه حتى  لا ينسى أن المعنى الحقيقي للحياة يكمن في تعزيز القوة الروحية واستجابتها لمعالم  الخلق والخطوات على طريق الجنة.  

وفي هذا الاتحاد القوي الذي هو الصوم والصلاة يكون  الله عز وجل والنفس الكريمة الطاهرة مثل  قطعتين من الشمع منصهرتين معا.. فماذا  يحدث في أول ليلة من شهر رمضان؟

يأمر الله عز وجل جنته "اعدوا أنفسكم وتزينوا لعبادي الذين يوشكون أن يأتوا داري وفضلي ليستريحوا من أحزان الدنيا ".

أليست الحياة وردية في شهر رمضان؟  شهر رمضان كالربيع، حيث ينمو إيمان جميع  المسلمين ليصوموا عالمين بأحكام الصيام  ومحافظين عليها ليغفر الله عز وجل ما مضى  من ذنوبهم.

وهل يدرك العباد قدر شهر رمضان؟  أليس هو البحث عن المغفرة والتأمل الذاتي؟ شهر رمضان فرصة ثمينة لتجدد الروح والجسد والعقل، حان الوقت للتوبة إلى الله عز وجل والاجتهاد في الطاعات والارتقاء في تجديد العهد مع خالقك سبحانه وجل جلاله واحذر    أن تكون من المتعثرين!!

"إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، "اللهم  إني أسألك الهدى والتقوى والعفاف  برحمتك يا رب العالمين، استغيث يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام ".

ومن أين يبدأ الصيام؟ من القلب يبدأ، صمام الأمان ومركز التقوى

أعظم أهداف الصائم.. القلب ركيزة الخيروالصلاح وليس الشر والعمل الفاسد.

شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنان لتنير طريق المؤمن وقد اشتاقت نفسه إليها، وتغلق منافذ النار وها هي الروح مطمئنة لعدم الولوج إليها. وعي، وعي، الصيام دفعة للأمام.. ورفعة  للأعلى لينجز العزم على التغيير.. ولكن من أين يبدأ النمو النموذجي؟ اليس هو التفاني لدفع شعلة الإيمان في هذا الشهر الفضيل؟ الصوم تجربة تحويلية من خلال الابتعاد عن  شهوات العالم، وذلك بامتحان تطوير النفس  وضبطها بالصبر والامتنان والتعاطف مع كل الفقراء والمحتاجين.

  الصوم، تنقية الجسم والجهاز الهضمي من الطفيليات، فلتكن كلماتنا دعوة وصمتنا ونظراتنا عبرة ، لأن صيامنا معلق بين السماء والأرض ولا يقبل إلا بإخراج الزكاة إذ إن لكل مسلم صدقة، قدر الاستطاعة،  تبرعات من قلب هادئ وسليم.

شهر رمضان المبارك، وما دمت في الصلاة فأنت تقرع باب الملك، ومن يقرع باب الملك يفتح له.  شهر رمضان حيث يلتقي الإنسان في مواجهة مع نفسه، أليست الصلاة أجمل غذاء روحي للقلب والعقل معا، حيث يندهش المؤمنون من زينتهم الروحية، وإذ بالروح التي كانت زهرة بالية، تستيقظ لتنعم بسعادة مقدسة في معاني الدنيا وفي الآخرة؟

أليس هذا الشهر الفضيل مدرسة روحانية  وتقاليد نقية لبناء الروح بالصلوات والعبادة؟ "واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع  الراكعين." ( سورة البقرة ٤٣). "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلوات وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم  يحزنون" (سورة البقرة ٢٧٧).

 

شهر رمضان والصوم والصلاة وتلاوة القرآن ألا يشفعان لي ولكم؟ صلاة التراويح والقيام  جماعة في المسجد والاعتكاف في إحياء  ليلة القدر.. للتقرب من الله عز وجل وكسب مكانة رفيعة وغالية، "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".

في الختام.. يمنحنا شهر رمضان فرصة فريدة للاستمتاع بالفوائد الروحية في  هذا الشهر الكريم، بدءًا من الصيام والانضباط الذاتي وتقوية الروابط الأسرية والمجتمعية،    على نهج شمولي للروحانية. 

فمن خلال احتضان الممارسات والطقوس الرمضانية، يمكن للأفراد أن تغذي عقولهم وجسدهم وروحهم، مما يسمح لهم بتعميق إحساسهم بالهدف والوفاء والاتصال بالله  عز وجل، انطلق في هذه الرحلة المتجلية بالبركات الروحية العميقة بالرحمة والكرم. 

 وتذكر أن رمضان ليس مجرد الامتناع عن  الأكل والشراب، إنما باحتضان الروح الكاملة. 

أليس رمضان الشمس الساطعة التي لا تترك مكانا مظلما في حياتنا إلا وأنارته، وطهرته، وجددته، ليسوق الروح إلى ديار الكمال والنور والرجاء؟

 

أستاذة متخصصة في الأدب الفرنسي واللغات والفن الدرامي من جامعات السوربون في  باريس.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز