عاجل
الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
أبناء النيل مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي

أمن الملاحة

مخاطر التصعيد في البحر الاحمر وتأثيراتها الأمنية والإستراتيجية والاقتصادية .. والتعاطي المصري مع جبهاته المختلفة

حذرت الدولة المصرية، منذ بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، من مخاطر اتساع دائرة الصراع إلى المنطقة وتحوله لصراع إقليمى يطال دول أخرى بالشرق الأوسط، وهو ما يفاقم ويضاعف من فاتورة الحرب والصراع على دول المنطقة أولا، ثم يمتد ليطال مصالح الدول الكبرى والقوى الدولية.



 

من هذا المنطلق، تأتى خطورة التطورات التي تشهدها المنطقة فى ضوء استمرار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وامتدادات هذا الصراع إلى الجنوب اللبنانى وإلى منطقة البحر الأحمر مع الحوثيين فى اليمن وفى العراق، وإذا أضفنا إلى ذلك التطورات التي تشهدها السودان فى ضوء الصراع الداخلى الممتد منذ نحو عشرة أشهر، نجد أن هناك حالة من عدم الاستقرار فى منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية، والتي تتداخل فيها مصالح عديدة لدول إقليمية وقوى دولية، والتعاطى مع تلك التطورات أشبه بالمشى على الأشواك، بحكم تداخلات تلك الأزمات المعقدة.

 

المشهد فى منطقة البحر الأحمر شديد التعقيد، بداية من ارتدادات العدوان على قطاع غزة، بقيام جماعة الحوثيين فى اليمن بتهديد السفن الإسرائيلية والأمريكية المارة بالبحر الأحمر، مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية بتشكيل تحالف دولى لمهاجمة الحوثيين فى اليمن وتوجيه ضربات عسكرية لجماعة الحوثيين، وفى نفس الوقت مازالت تداعيات النزاع المسلح بالسودان تلقى بظلالها وتأثيراتها على منطقة القرن الإفريقى المطلة على البحر الأحمر.

 

وفى ظل هذه الحالة زادت إثيوبيا الوضع تعقيدًا بإبرام اتفاقية مع «إقليم أرض الصومال»، غير معترف به دوليا، لاستغلال الموانىء البحرية على البحر الأحمر لمدة 50 عامًا، بالمخالفة للوائح الاتحاد الإفريقي، وهو ما تسبب فى خروج احتجاجات عديدة داخل الصومال، وإعلان التصعيد من الجانب الصومالى تجاه أديس أبابا، حيث شهدت مناطق عديدة فى الصومال تظاهرات ضد أطماع الحكومة الإثيوبية، وتندد بالاتفاق البحرى غير القانونى الذي تم توقيعه.

 

التحذيرات المصرية

 

هذه التطورات كان التقدير المصري لمخاطرها حاضرا باستمرار، بل كان سابقا لتصعيدها، ففى الوقت الذي تتعاطى فيه الدولة المصرية مع تطورات العدوان فى قطاع غزة، وتسعى لوقف نهائى لإطلاق النار، والسير فى اتجاه حل شامل للقضية الفلسطينية، حذرت من التطورات الإقليمية لهذا الصراع وتحديدًا فى لبنان واليمن والعراق، وطالبت المجتمع الدولى بالسعى لعدم اتساع دائرة الصراع للمنطقة.

 

 

 

فى نفس الوقت أعربت الدولة المصرية عن قلقها البالغ من تصاعد العمليات العسكرية فى منطقة البحر الأحمر والغارات الجوية التي تم توجييها لعدد من المناطق فى اليمن، ودعت فى بيان لوزارة الخارجية لضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار فى المنطقة، بما فى ذلك أمن الملاحة  فى البحر الأحمر، وأكدت مصر على حتمية الوقف الشامل لإطلاق النار فى غزة وإنهاء الحرب القائمة ضد المدنيين الفلسطينيين، لتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار والصراعات والتهديد للسلم والأمن الدوليين.

 

وفيما يتعلق بالتطورات الخاصة بإبرام الجانب الإثيوبى اتفاقا مع إقليم أرض الصومال بالمخالفة للوائح الاتحاد الإفريقي، أكدت الدولة المصرية على معارضتها لأى إجراءات من شأنها تؤثر على سيادة الدولة الصومالية، وأكدت على حق الصومال وشعبه دون غيره فى الانتفاع بموارده.

وأكدت الدولة المصرية على خطورة تزايد التحركات والاجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول فى المنطقة وخارجها، التي تقوض من عوامل الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى، وتزيد من حدة التوترات بين دولها، فى الوقت الذي تشهد فيه القارة الإفريقية زيادةً فى الصراعات والنزاعات التي تقتضى تكاتف الجهود من أجل احتوائها والتعامل مع تداعياتها، بدلاً من تأجيجها على نحو غير مسؤول، وشددت مصر على ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، ومبادئ الاتحاد التي تنص على ضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال وعدم تدخل أى دولة عضو فى الشؤون الداخلية لدولة أخرى. 

 

اتصالات دبلوماسية

 

وفى ضوء هذه التطورات، كثفت الدولة المصرية من اتصالاتها مع دول القرن الإفريقى، للتعاطى مع التطورات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، حيث أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن الدول المطلة على البحر الأحمر تتحمل مسؤولية لحمايته، وقال على هامش لقائه وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرن بالقاهرة نهاية ديسمبر الماضي، إن مصر تواصل التعاون مع العديد من شركائها لتوفير الظروف المناسبة لحرية الملاحة فى البحر الأحمر.

 

فى هذا الإطار تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى بداية شهر يناير، اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطوير التعاون المشترك، واستمرار التنسيق وتعميقه فى مختلف المجالات، بما يتفق والطبيعة التاريخية للعلاقات بين البلدين، كما تطرق الاتصال للأوضاع الإقليمية، حيث أكد الرئيس السيسي موقف مصر الثابت بالوقوف بجانب الصومال الشقيق، ودعم أمنه واستقراره. 

 

فى نفس الوقت زار وزير الخارجية سامح شكرى إريتريا، حيث التقى الرئيس الإريترى أسياس أفورقي، وسلمه رسالة من الرئيس السيسي تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطورات الأوضاع الإقليمية، وخلال اللقاء تمت مناقشة قضايا القارة الإفريقية والتطورات فى منطقة القرن الإفريقي، حيث أكد وزير الخارجية على حرص مصر الكامل على دعم عوامل الاستقرار والأمن والسلام فى المنطقة، الأمر الذي يتطلب تعزيز آليات التعاون والتنسيق الإقليمى من منظور شامل يحقق مصالح الجميع، وتم فى هذا الإطار تناول التحديات الراهنة فى كل من الصومال والسودان، وتأثيرها على استقرار والسلامة الإقليمية لدول المنطقة.

 

وتطرق لقاء وزير الخارجية مع الرئيس الإريترى إلى التحديات المرتبطة بأمن البحر الأحمر، حيث أكد وزير الخارجية على أهمية تعزيز التعاون بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر باعتبارها صاحبة مصلحة رئيسية فى استقرار الإقليم وسلامة الملاحة البحرية فى هذا المرفق التجاري الدولى الاستراتيجى، وأعاد سامح شكرى التذكير بتحذير مصر أكثر من مرة من مخاطر اتساع رقعة الصراع نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما بدأت شواهده تظهر بجلاء مع امتداد فترة الأزمة دون القدرة على التوصل لوقف لإطلاق النار.

 

وسبق لقاء وزير الخارجية بالرئيس الإريتري، مباحثات مع نظيريه الإريترى عثمان صالح، تناولت العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية، ومن بينها تطورات الوضع الراهن فى السودان وخطورته على استقرار السودان ومصالح الشعب السودانى، وأكد شكرى على الدور المهم والمحورى الذي تضطلع به آلية دول جوار السودان فى التعامل مع الأزمة وبحث سبل الخروج منها وإمكانية التوصل لتسوية تضمن الحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان وشعبه الشقيق.

 

فى نفس الوقت كانت هناك زيارة الأسبوع الماضى للرئيس الصومالى حسن شيخ محمود لدولة إريتريا، لعقد لقاء قمة مع الرئيس أفورقى، للتنسيق بين البلدين فى ضوء تحديات المنطقة، وسط تقارير تتحدث عن دعوات قدمتها مصر لرئيسى الصومال وإريتريا لزيارة القاهرة قريبًا.

 

وإذا كانت هذه التطورات من شأنها تسعى للتعاطى مع التطورات المعقدة التي تحيط بمنطقة القرن الإفريقى وتأثيراتها على أمن البحر الأحمر، فإن الدولة المصرية تتعاطى مع ما يحدث فى ضوء ثوابت سياستها الخارجية، وأهمها الحفاظ على الدولة الوطنية وسيادة تلك الدول، وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية، وتعزيز الشراكة معها لتأمين المصالح الاستراتيجية المشتركة بمنطقة البحر الأحمر. 

 

نقلاً عن صحيفة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز