عاجل
السبت 14 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

بمناسبة صدور الطبعة الرابعة:

الروائي مصطفى عبيد يتتبع مسيرة "جاسوس في الكعبة" وباحث عن العلم وقع في غرام الشرق

بصدور الطبعة الرابعة من رواية "جاسوس في الكعبة" مؤخرا للكاتب والروائي مصطفى عبيد، نكون إزاء رواية مختلفة تمزج بين وقائع تاريخية حقيقية، وأحداث متخيلة استطاعت أن تحظى بثقة القارئ المصري. 



 

 

والرواية التي صمم غلافها الفنان كريم آدم وبدا فيه صورة متخيلة لبطل الرواية، تدور حول حكاية الرحالة الأوروبي الشهير السويسري لويس بوركهارت الذي تنكر في شخصية تاجر هندي مسلم وتجول في الشام ومصر الحجاز زمن حكم محمد علي.

 

 

وتقدم الرواية إطلالة على الحياة الاجتماعية والسياسية للمصريين والعرب نهايات القرن الثامن عشر، وحتى الربع الأول من القرن التاسع عشر، كما ترصد من خلال شخصيات حقيقية طبيعة الصراع السياسي الدائر في ذلك الزمن وآثاره على المصريين والشوام في حياتهم العادية.

 

 

ويمكن القول إن "جاسوس في الكعبة" رواية تستند على أحداث حقيقية، تتشابك مساحات الخيال فيها مع الواقع، لتلتقط سيرة رحالة  استثنائي غفلت عنه كتب الأدب، زُرع زرعًا في قلب الشرق والقاهرة زمن محمد علي، وشهد حروبه مع المماليك والوهابيين والأتراك، واحتك بالناس في الشام، ومصر، والحجاز، فهي حكاية صراع أزلي، مُعلن، ومستتر، دموي، ومعرفي، حضاري، وعقائدي بين الشرق والغرب في زمن الغدر والفتك والخيانات.

 قصة الرواية:

يحكي مصطفى عبيد أن وراء هذه الرواية قصة غريبة عندما كان يتجول في مقابر القاهرة التاريخية، ووجد شاهد قبر لرحالة أوروبي مسلم يأتيه الزائرون ويزدحمون حوله، فقرر أن يتعرف علي قصة هذا الرحالة وحكايته التي استهوته وقرر تقديمها للقارئ، وقد كتب روايته خلال عامين.

ورغم أن عبيد كان ينوي الكشف عما وراء هذا الرحالة،.وقدومه الي الشرق، واكتشافاته الأثرية والعلمية المعروف بها وأشهرها اكتشاف مدينة البتراء الأثرية، لكنه بدأ معنا روايته بطفولة وشباب بوركهارت بطل روايته، ونشأته وقصة حبه الأولى، ثم رصد التحول الذي حدث له عندما توارى دور أسرته بسبب الاحتلال الفرنسي لبلده ، واستغلال العلم الذي حصله ليذهب الي لندن، ويتمكن من موافقة الجمعية العلمية هناك بالسفر الي الشرق، والتخفي في صورة رحالة هندي مسلم جاء لأهداف علمية وأثرية، وإن كان وراء دوره ومجيئه إلى الشرق أهداف استخباراتية واستعمارية.

 

ولهذا لم يكتف عبيد برصد الرحلة العلمية واكتشافات بوركهارت الأثرية فقط، وإنما تناول بذكاء طبيعة الحياة الاجتماعية والسياسية، وقدم لنا الرواية المكتوبة بأسلوب جذاب، وبشخصيات عديدة تأثر وأثر فيها بطل الرواية من خادمه ومرشده، مرورا بشخصيات مصرية وعربية وأجنبية عديدة، بعضها من خيال المؤلف وأغلبها من شخصيات معروفة كمحمد علي والجبرتي وغيره.

محمد علي حاكمًا: 

 

ومكنت أحداث الرواية التي مزجت كما قلنا بين الوقائع والتخيل أن يقدم لنا عبيد شهادة على حكم محمد علي باشا وأسرته وقادته، والصراع الدامي في دوائر الحكم، وبدا في أكثر من موضع بالرواية ضد محمد علي واستبداده وجبروته ضد أعدائه حتى استتب له حكم مصر، فيقول على لسان البطل في

روايته:   

   "يبدو الرجل أمامك مريضا بمحبتها،  تلك البلاد الغريبة التي تستفزك تناقضاتها. تسأل ذاتك سريعا إن كان صادقا، فتلمح عينيه تجاوبان بتلقائية وكأنهما يسمعان سؤالك بالإيجاب، فهي دُرة القلب، حبيبة الروح، منحته أكثر مما منحوه الزوجة والأبناء والأصدقاء.  الخلود. أن تحكم مصر فأنت خالد، وإن قالوا عنك ما شاءوا".  وتجده يقول رأيه في محمد علي على لسان بوركهارت الذي قابل محمد علي من أجل تجسير العلاقة بين مصر وبريطانيا، وتخيل أنه يقول له: "لو قدر له مواجهته في العالم الآخر لسأله عن سر "شر قتلة" ما يضيره أن يقتل ضحاياه بهدوء وسلام؟ ما يزعجه أن يمنح أعداءه موتا رحيما؟ أن يخرجهم من دائرة الصراع بهدوء وشرف ودون عذاب يطول؟".

 

وتشعر في سياق الرواية أن  عبيد مشغول دائما بتجربة محمد علي كحاكم، ونجده يقول على لسان الأخير : "أنا سيد المكر، وملك الحيل، لا حدود لطموحي، ولا رادع لتقدمي. أؤمن بنفسي قبل إيماني بأي عقيدة، وأثق في كوني أدهى من يسير على اثتين. مَن يُعاديني ميت وإن ظن أن لديه منعة، ومن يلامس خلايا الشك عندي، مُنته، ولو اعتقد أنه له خاطر. لا خواطر لأحد".

آمال وطموحات لم تكتمل: 

 

لأن بوركهارت هو بطل رواية جاسوس في الكعبة يعود عبيد لمسيرة بطله، وينتقل به في عدة أماكن من الشام إلى مصر، داخل القاهرة ثم الصعيد ثم الحجاز، والقيام بطقوس الحج كرحالة مسلم، وتسجيل كل ذلك في كتاباته، ويرصد مشاعره وآماله وطموحاته وحلمه بالعودة إلى حبيبته الأولى حتى ينهي الرواية بموت بوركهارت بالقاهرة ليموت فيها فجاءة بعمر  33 عاما بعد مرض ألم به، ليغسل على الطريقة الإسلامية، ويدفن في مقابر المسلمين كما أوصى في وصيته.

 

مصطفى عبيد كاتب وصحفي مصري، تخرج في كلية الآثار قسم الآثار الإسلامية جامعة القاهرة سنة 1998، عمل بالصحافة وكتب فى عدة صحف مصرية وعربية وله مقالات أسبوعية فى عدد منها، بدأ حياته الأدبية بكتابة الشعر قبل أن يتجه إلى الرواية والدراسات التاريخية، حصل على عدة جوائز في الكتابة من نقابة الصحفيين المصريين أبرزها جائزتا مصطفى شردي في المقال السياسي، ومجدي مهنا في العمود الصحفي، فضلا عن جائزة سيمنس في الصحافة الاقتصادية، وأصدر خلال مشواره الأدبي نحو 20 كتابا يتنوع بين الأدب والدراسات التاريخية والسير والشعر.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز