عاجل
السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
أيام الانفعال والغضب!!

أيام الانفعال والغضب!!

 فى تلك اللحظات التي نعيشها جميعا كعرب، وتحت وطأة ما نتابعه من قتل ودمار ودموية وسادية تمارسه إسرائيل ضد أهلنا فى غزة، قد تنفلت بعض الكلمات هنا أو هناك، وفى مثل هذه المواقف نرى تجاوزًا، وخاصة فى ساحة (السوشيال ميديا)، فهو وسيط إعلامى بطبيعة تكوينه متطرف، يميل لاستخدام اللفظ الجارح والخادش، منتهكًا ببساطة الأعراض، أنه أشبه بمظاهرة افتراضية مباح فيها استخدام كل الأسلحة (الحنجورية)، على رأى عمنا الكاتب الكبير محمود السعدنى، وينساق إليها أغلب المتابعين غير مدركين أبعادها، الإحساس الجماعى فى العادة يوفر لك قدرًا من الحماية الأدبية، كما أنه فى نفس الوقت يستلب تماما العقول.



وإذا كان علينا فى الظروف العادية عندما نحلل أى خطاب أو رأى، ألا ننزعه من سياقه الأدبى، فإن واجبنا هذه المرة، صار مضاعفًا، أن ندرك تماما أن ما تفعله الحالة الزمنية الآنية فينا جميعًا أشد ضراوة، اللحظة التي نعيشها إذا لم نمتلك فيها القدرة على الضبط والربط، تنذر بخطر داهم يلاحقنا جميعًا.

تابعت بعض التصريحات التي لا تكتفى بالدفاع عن موقف اتخذته، وعن قناعة ولكنها تتجاوز إلى اتهام من يخالفهم الرأى بخروجه أساسا عن حدود الآدمية، أغلبنا صار هو فقط (ترمومتر) الضمير العالمى، ولا يعتبر ما يذكره صوابًا يحتمل الخطأ، بل فقط هو عين الصواب، الذي لا صواب قبله ولا بعده.

صارت أسئلة الإعلاميين فى معظمها تنتظر إجابة واحدة، هى تلك التي يريدها الإعلامى وهى أيضا الإجابة الوحيدة، المقتنع بها صاحب السؤال، يريدها قاطعة (يا أبيض يا أسود)، لا يعترف أبدًا بالرمادى، يعتبره نوعًا من الهروب المقنع، عادة يسألك ليستمع إلى الإجابة التي قررها هو، وإذا قلت ردًا آخر حتى لو كان قريبًا من قناعته، إلا أنه لا يتطابق بالضرورة معه، يضعك فورًا فى جبهة الأعداء الخونة.

كل إنسان حر فى اتخاذ موقفه الذي يتوافق نفسيًا وفكريًا معه، ولا توجد إجابة واحدة فقط هى الصحيحة، جميعها تحتمل شيئًا من الخطأ.

أغلب الفنانين مثلًا قرروا استمرار أعمالهم، خاصة أن رمضان على الأبواب، هم لم ينتقوا من البداية قطعًا نوع العمل وطني أو اجتماعى أو كوميدى، وبديهى أن ممثلى الكوميديا، سوف يواصلون الوقوف أمام الكاميرا أو الصعود إلى خشبة المسرح، ربما يشعر بعضهم أنه لا يستطيع، ويعتبرها خيانة لإحساسه ومشاعره، من حقه طبعًا أن يعتذر، ولكن زملاءه الذين يواصلون تصوير هذه الأعمال الكوميدية، ويقفون يوميًا على المسرح، لا نشكك فى ضمائرهم ولا مشاعرهم، ولا نعتبرهم من عبدة الأموال.

مع الأسف فى تلك الأوقات العصيبة التي تتلون فيها الحياة بالعنف والدماء، نفقد فى ثوانٍ القدرة على الحياد، ولا نطيق أن نستمع إلا فقط لأصواتنا.

تلك هى أيام  الانفلات والغضب، علينا لكى نعبرها بسلام وبأقل الخسائر، أن نمتلك الثبات الانفعالى وألا نكتفى بترديدها أقصد مقولة الإمام الشافعى ولكن  نطبقها حرفيًّا (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب)!!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز