عاجل
الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
القدس عربية
البنك الاهلي

مسؤول أمني إسرائيلي سابق: اعتمدنا على التكنولوجيا ونسينا أن الفرد هو أساس الأمن "فكانت كارثة غزة"

المدير السابق لجهاز أمن الدولة الإسرائيلي
المدير السابق لجهاز أمن الدولة الإسرائيلي

اعترف المدير السابق لجهاز أمن الدولة الإسرائيلي " شين بيت" بأن الدرس الأهم المستفاد من المعارك الدائرة حاليا فى غزة هو فشل نظرية الاعتماد الكامل على التكنولوجيا المتقدمة من جانب اسرائيل لتحقيق الأمن على حساب تقزيم دور العنصر البشري و تجاهل أجهزة الأمن الإسرائيلية المنبهرة بالتكنولوجيا دائما لحقيقة ان الفرد هو أساس الأمن . 



جاء ذلك فى مقابلة خاصة اجراها مدير شين بيت السابق مع منصة " ذى جلوبز الإخبارية " التي تصدر في تل ابيب دعا فيها إلى تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة أوجه القصور التي شابت نظرية الأمن الاسرائيلية و تطبيقاتها على الأرض بعدما تبين الآن فشلها في الحفاظ على أمن إسرائيل ضد الهجمات المعادية . 

وقال افنير بارنيا الذي يعمل حاليا خبيرا و محاضرا في معهد الأمن القومي الإسرائيلي و كذلك في معهد الاستخبارات الاقتصادية بجامعة بار ايلان العبرية بعد تركه " شين بيت " إن تغليب التكنولوجيا على الإنسان لتحقيق الأمن هو الخطأ الأفدح الذي وقعت فيه اسرائيل وهى تسعى لتأمين وجودها و حدودها ضد الاعداء . 

وأكد مدير شين بيت السابق في حديث على ان كل ما استثمرته اسرائيل فى التكنولوجيا المتقدمة للتأمين و المراقبة وصولا الى الروبوتات الذكية و المسيرات لم يجد نفعا أمام الفلسطينيين الذين استطاعوا بمهارة تعطيل نوابض اكتشاف التسلل و كاميرات المراقبة و كذلك استهدفوا بالاعطاء منظومة أبراج إطلاق النار الألية و مراكز تحكمها و التي صارت ابراجا عمياء وصماء ، كما استطاعت العناصر الفلسطينية اعطاء و استهداف مناطيد المراقبة البالونية الطائرة و إخراج عدد كبير منها من الخدمة قبل هجوم السابع من اكتوبر بأيام و تم سحب المتبقى منها تباعا لاسباب غير معلومة . 

و كشف المسؤول الأمنى الاسرائيلى السابق انه اعتبارا من العام 2014 بدأت أجهزة الأمن الاسرائيلية تقليل الاعتماد على"العملاء الفلسطينيين " بعدما تبين قيامهم بالتضليل المتعمد لمشغليهم من الضباط الاسرائيليين ، و من ثم اتجهت اسرائيل في المقابل إلى تعظيم الاعتماد على التكنولوجيا العالية كسياج أمان على الأرض و على القبة الحديدية كسياج أمان فى الجو ضد التهديدات المعادية ، معتقده ان ذلك هو الخيار الافضل لها مع تقليل الاعتماد على العنصر البشرى فكانت الصدمة الكبرى فى السابع من اكتوبر الماضى . 

و تحدث المسؤول الأمنى الاسرائيلى السابق عن تشابه تجربة الجدار العازل فى اسرائيل مع تجربة حائط برلين الذي فصل شرق المانيا عن غربها بدءا من العام 1961 لمنع تسلل الالمان من جانب إلى اخر و كيف أن كلاهما لم يحقق أمنا الأمن الكامل برغم تكنولوجيتهما العالية . 

و قال إن حائط برلين هو حائط خرساني امتد بناؤه حتى أخر السبعينيات وروعى فى بنائه الممتد على مسافة 127 كيلومترا اقامة سلسلة من الموانع المكهربة و ابراج الحراسة و الاسلاك الشائكة جنبا الى جنب مع دوريات المراقبة الراجلة و الراكبة و خنادق منع تسلل العربات و استخدام الكلاب المدربة على التحرى لتعقب اى متسلل و برغم ذلك لم يحل جدار برلين دون وقوع عمليات التسلل بين شطرى المانيا الشرقى و الغربى . 

و استطرد المسؤول الأمنى السابق أن الجدار الإسرائيلي الذي يعزلها عن المناطق الفلسطينية يطوق غزة و يحول دون اتصالها بغلافها و قد اكتمل بناؤه في ديسمبر 2021 اى بعد مرور 60 عاما على بدء بناء جدار برلين لكننا فى اسرائيل "لم نستخلص العبر من سور برلين" الى أن جاءت تجربة الصراع الناشب منذ السابع من اكتوبر فى غزة لتثبت ان اسراف اسرائيل فى الاعتماد على التكنولوجيا العالية فقط فى تأمين نفسها ضد ما وراء الجدار العازل كان تجربة فاشله و كان السابع من اكتوبر شاهدا على هذا الفشل . 

و اضاف "لقد غابت أعين الرقابة البشرية عن جدار اسرائيل العازل غيابا شبه تام و اكتفت اسرائيل بأجهزة الاستشعار و النوابض الحساسة و كاميرات المراقبة و الدوريات الراكبة بين الحين و الآخر كبديل عن عناصر التأمين البشرى و الخدمة الراجلة لمراقبة هذا الجدار العازل لاسرائيل و ما يدور خلفه " . 

و اعترف مدير شين بيت السابق ان الجدار العازل بكل ما به من تكنولوجيا مراقبة و استشعار قد تعرض لعمليات اختراق ناجحة فى العام 2014 من عناصر تتبع حماس التي حفرت انفاقا تحت الجدار العازل ودخلت من خلالها الى المستوطنات المتاخمه له . 

وقال انه فى العام 2016 فطنت اسرائيل الى ضرورة تطوير الجدار العازل لكى يكون مضادا للانفاق اذا حاولت حماس بناءها اسفله وهو ما تم فى مشروع سرى اطلق عليه جهاز شين بيت " عملية المزولة – sand clock" حيث صار للجدار العازل الاسرائيلى امتداداته تحت الارض وفوق الارض ايضا . 

و كشف كذلك عن ان تصميم هذا الجدار العازل بصورته الجديدة قد تكلف 5ر3 مليار شيكل ، و ان خبراء هندسة امريكيين قد ساهموا فى تصميمه ، كما ابدى رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب اعجابا بفكرته ، و اراد ان يحاكيها لتأمين الحدود الامريكية الجنوبية مع المكسيك ضد عمليات التسلل للمهاجرين غير الشرعيين . 

وقال مدير شين بيت السابق ان حجم الخرسانة المسلحة التي استعملتها اسرائيل لبناء جدارها العازل فوق الأرض و تحت الارض حول غزة يكفى لتعبيد طريق من " اسرائل الى بلغاريا " على سبيل المثال ، كما ان اسياخ الفولاذ التي استعملتها اسرائيل فى بناء الجدار العازل تكفى للوصل بين " اسرائيل و استراليا " . 

و بحسب المسؤول الاسرائيلى السابق " عبثا ظن مخططوا الأمن الاسرائيليين ان الجدار العازل بتصميمه الجديد و المعتمد على التكنولوجيا العالية سيحميهم من اية تهديدات قادمة من غزة على الأرض فى وقت تعمل فيه منظومة القبة الحديدية على حماية اسرائيل من اية تهديدات صاروخية معادية قادمة من غزة عبر الجو " . 

وأضاف " و حيث يرى الأمن الاسرائيلى فى شمال غزة نقطة التهديد الاكبر ، شرعت وزارة الدفاع و الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية فى تعزيز الجدار العازل لشمال غزه بتكنولوجيا فائقة التقدم اذ استخدمت روبوتات ذكية و متحركة للقيام بعمليات التمشيط و المراقبة المتحركة " كبديل عن استخدام افراد الجيش فى تلك المهام " و استحدثت الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية منظومة مراقبة جوية استطلاعية بالمسيرات " كبديل عن قوات المراقبة و الاستطلاع فى افراد الجيش الاسرائيلى " وذلك بقصد عدم تعريض حياة الجنود الى الخطر . 

و بحسب كلام مدير شين بيت السابق .. كانت المفاجأة فى السابع من اكتوبر الماضى لاجهزة الأمن الاسرائيلية و الجيش ان كافة تلك الاستحكامات الاضافية عالية التقنية للجدار الخرسانى العازل المعزز بكافة اشكال التكنولوجيا المتقدمة لم تجعله الجهة الاكثر أمنا ضد الهجمات المعادية بل كان الثغرة الاضعف انكشافا بما سمح بتسلل عناصر حماس الى عمق غلاف غزة ، ثم حدث ما حدث بعد ذلك . 

و استطرد " الفلسطينيون لم يلتفوا على الجدار العازل من خلال بناء خنادق اسفله بل اخترقوا جسم الجدار ذاته بكل ما فيه من تكنولوجيا متطورة للمراقبة واكتشاف المتسللين ، كما ان ارتفاع الجدار لم يقف حائلا امام الرشقات الصاروخية القادمة من غزة جوا " . 

و بالنسبة لاسطول الطيران المسير الاسرائيلى الذي يتسم بقدرته على التشويش الاشارى على المسيرات المعادية و اثبت قدرة على التصدى للبالونات الحارقة التي سبق للفلسطينيين استخدامها ضد القوات الاسرائيلية ، فقد تعطلت قدرة الاسطول الجوى المسير لاسرائيل لاسباب غير مفهومة حتى الآن عن اداء هذا الدور . 

كذلك منظومات التشويش الاشارى التي تستهدف اعاقة عمل مسيرات حماس الاستطلاعية و الانتحارية هى الاخرى " تعطلت " لاسباب غير واضحة بدءا من السابع من اكتوبر الماضى تاركة السماء الاسرائيلية مرتعا للمسيرات الفلسطينية الانتحارية ، و قال ان المعلومات الاولية فى هذا الشأن هو قيام عناصر حماس بعملية تسلل ناجحة لقواعد التشغيل الارضى للطيران الاسرائيلى المسير الواقعة فى غلاف غزة و تعطيل منظومة الاتصال و التوجيه الخاصة بها و فك شفرة التشغيل الخاصة بها و من ثم تعطيل عملها . 

وحول عمليات الإغارة التي يقوم بها الطيران الحربي الاسرائيلي لتحويل غزة الى ارض محروقة ، قال مدير شين بين السابق " لقد حاولت الولايات المتحدة عبثا فعل نفس الشىء فى فيتنام فى الفترة من 1965 و حتى 1968 وفى نهاية الأمر فشلت و انتصر المقاتلون الفيتناميون المتشبثين بالارض و بأسلحتهم العتيقة و بنفس سيناريوهات ما يفعله الفلسطينيون اليوم حيث حفر الفيتناميون انفاقا تشبه تلك التي لدى حماس الآن ، و كانت الخسائر الامريكية كبيرة للغاية و اضطرت معها الولايات المتحدة الى الخروج من فيتنام بعد فشل قاذفات بى – 52 الامريكية الثقيلة فى حسم المعارك من الجو . 

وأشارت المنصة الاخبارية الإسرائيلية إلى ما كشفه مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق اهارون زائيف قبل يومين عن وجود جهاز أمني اسرائيلي خاص بالتنسيق بين جيش الدفاع الاسرائيلى كقوات و تشكيلات و أركان و بين وزارة الدفاع الاسرائيلية ذات الطابع السياسى ، وقال ان هذا الجهاز المستحدث يسمى وحدة " شيلوح – Shiloh " و تحددت اختصاصاتها بأنها التنسيق بين فرع البحوث و التطوير فى وزارة الدفاع الاسرائيلية و بين رئاسة اركان الجيش و الاستخبارات العسكرية .   

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز