إسهامات نقابية وصحفية غيرت نظرة المجتمع للمرأة في مصر والعالم العربي
بحروف من ذهب .. قيادات نسائية حفرن أسماءهن في بلاط صاحبة الجلالة
هند عزام
في إطار دعم وتمكين المرأة والقيادات الشابة في قطاع الصحافة داخل منظومة "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" التي تمتلك وتدير الحصة الأكبر من وسائل الإعلام في السوق المصرية تم إسناد رئاسة تحرير جريدة "اليوم السابع"، للكاتبة الصحفية علا الشافعي، لتصبح أول سيدة تشغل هذا المنصب منذ تأسيس "اليوم السابع".
تدرجت علا الشافعي في المناصب داخل المؤسسة، إلى أن شغلت منصب "رئيس تحرير تنفيذي" للجريدة، منذ مشاركتها في تأسيس "اليوم السابع" عام 2008.
وكلفت "الشافعي" بهذه المهمة الدقيقة، ورئاسة تحرير جريدة يومية، إيمانًا بكفاءتها المهنية، وتتويجًا لمشوارها المميز في بلاط صاحبة الجلالة.
وكانت للمرأة إسهامات في المناصب القيادية الصحافية والنقابية، حيث زخرت الصحافة المصرية بكفاح ونضال المرأة وسطر عدد منهن أسماءهن بحروف من نور وتاريخ نضالي ومهني حافل، سواء بتواجدهن النقابي أو معاركهن الصحفية في مقدمتهن أمينة السعيد، وفاطمة اليوسف، وأمينة شفيق، فتاريخ نقابة الصحفيين مزخرف بمشاركة المرأة الصحفية على مدار تاريخ النقابة الممتد طوال أكثر من 82 عامًا؛ حيث كانت أربع سيدات وهن: نبوية موسى، وفاطمة نعمت راشد، وفاطمة اليوسف، ومنيرة عبد الحكيم، ضمن المئة المؤسسين للنقابة، وشاركن في أول جمعية عمومية لها عام 1941.
نبوية موسى
نبوية موسى التي ولدت عام 1886 والتي كانت أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا وأول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية، كما اتجهت إلى الكتابة ونشر عدة مقالات في الصحافة المصرية وخاضت معارك من أجل تعليم الفتيات والمساواة بالرجل، حيث عينت معلمة في مدرسة عباس الأميرية الابتدائية بنات بنصف مرتب الرجال، فاعترضت لدى وزارة المعارف التي بررت أن الفرق شهادة البكالوريا، فتقدمت للامتحان بمدرسة المعلمين العليا لعدم وجود مدارس ثانوية للبنات، وحصلت على البكالوريا عام 1907م رغم اعتراض الوزارة؛ لأنها أول فتاة تحصل عليها، ثم حصلت على دبلوم المعلمات عام 1908.
اتفقت مع جمعية ترقية الفتاة بالإسكندرية في تأسيس مدرسة ابتدائية للبنات وتولت إدارتها، ونشرت كتابها "المرأة والعمل" عام 1920 تدافع فيه عن حقوق المرأة.
وأنشأت مطبعة ومجلة أسبوعية باسم "الفتاة" عام 1937 واستمرت لخمس سنوات، تعرضت للمؤامرات التي قدمتها للمحاكمة والاعتقال وغلق مدارسها ومجلتها.
أمينة السعيد
وكانت أمينة السعيد أول صحفية تفوز بعضوية مجلس نقابة الصحفيين عام 1956 واستمرت حتى عام 1962، وشغلت منصب وكيل النقابة لثلاث دورات متتالية من عام 1959 إلى عام 1961 .
مع أول انتخابات تجري وفقا لقانون 76 لسنة 70 الذي استحدث انتخاب النقيب مباشرة من بين أعضاء الجمعية العمومية، وانتخاب أعضاء المجلس في قائمة منفصلة وجرى انتخاب المجلس كل أربع سنوات وانتخاب النقيب لمدة عامين مع التجديد النصفي كل عامين لأعضاء المجلس.
كانت أمينة شفيق أحد الأعضاء بالمجلس السابع والعشرين من مارس 1971 إلى مارس 1973 واستمرت حتى عام 1983 ليعود مجددًا تمثيل الصحفيات بالمجلس عدد من الدورات المتتالية، وهن أمينة شفيق، بهيرة مختار وفاطمة سعيد التي تولت منصب أمين الصندوق ثلاث دورات من عام 1975 إلى 1983 واستمرت مشاركات الصحفيات المصريات بمجلس النقابة على مدى السنوات التالية من بينهن القديرة سناء البيسي.
ومن النضال النقابي إلى النضال المهني والتي خاضت فيه المرأة المصرية معارك ولم تتوان لحظة عن التمسك بقناعتها وفي مقدمتهن نضال أمينة السعيد وحربها مع المتطرفين وقصة المرأة الحديدية وملهمة الصحافة النسائية جميعا السيدة فاطمة اليوسف والتي سطرت اسمها بخط من ذهب لتكون نموذجا لأول امرأة مصرية تستطيع أن تطلق مطبوعة صحفية وكانت "روزاليوسف" الملقبة "سارة برنارد الشرق" نموذجا غير عادي استطاعت أن تحقق نجاحات وسط فطاحلة المهن في عهدها بل نافستهم بضراوة لتؤسس مطبوعة صحفية أخرجت العديد من أبرز الكتاب لنرى مؤسسة ضخمه تضم عددا من المطبوعات المتميزه على مر السنوات.
وكانت أمينة السعيد ضمن أول دفعة من الفتيات التي التحقت بالجامعة عام 1931 وكانت إحدى عضوات الاتحاد النسائي في عمر صغير قبل الالتحاق بالجامعة.
وخاضت أمينة السعيد معارك ضد المتطرفين في السبعينيات وناضلت من أجل حقوق المرأة وتولت السعيد رئاسة تحرير دار الهلال وأطلقت بجرأة حملة من أجل المرأة المصرية ضد المد الأصولي الإسلامي في السبعينيات، وذلك إلى جانب نضالها النقابي باعتبارها أول سيده تشغل منصب وكيل نقابة الصحفيين.
فاطمة اليوسف
فاطمة اليوسف قصة ملهمة حيث ولدت في لبنان عام1897 لأب من أصول سورية وأم توفيت بعد ولاتها، ترك الأب ابنته عقب ولادتها في رعاية أسرة مسيحية لقبتها باسم "روز"، عندما انقطعت أخبار الأب تبنت العائلة الطفلة الصغيرة وأخفت عنها حقيقة عائلتها.
وعلمت بالحقيقة عندما أكملت عامها العاشر وأن اسمها هو فاطمة وليس روز. فوافقت على السفر مع صديق العائلة وفي الإسكندرية كانت بدايتها الفنية حيث سافرت مع عائلتها بالتبني إلى مدينة الفن العربي وقتها، واختارت أن تستقر فيها، اكتشفها الفنان عزيز عيد.
عملت الفنانة فاطمة اليوسف "روز اليوسف" بفرقة جورج أبيض وعملت مع يوسف وهبي فكانت بطلة فرقة رمسيس وتألقت عام 1923 في دور غادة الكاميليا، وبعد خلاف مع يوسف وهبي اعتزلت التمثيل واتجهت إلى الصحافة حيث أصدرت مجلة "روز اليوسف" كمجلة فنية أولاً ثم تحولت إلى سياسية في أكتوبر 1935، وقد وهبتها لخدمة قضايا الوطن فخاضت في سبيل ذلك معارك طاحنة ضد الملك والإنجليز.
ولدت فكرة إصدار مجلة "روزاليوسف" في محل «حلواني كساب»؛ حيث كانت تجلس «فاطمة اليوسف» مع مجموعة من أصدقائها عندما جاء بائع الصحف بالعدد الجديد من مجلة "الحاوى"، وأبدت استياءها من الحملات الجائرة التي تشن ضد الفن والفنانين ومن الأخبار الكاذبة وهنا بدرت في ذهنها فكرة إنشاء المجلة وصدر العدد الأول من مجلة "روزاليوسف" يوم الاثنين 26 أكتوبر 1925، وصنعت فاطمة اليوسف تاريخًا مجيدًا في الصحافة والفن والثقافة والسياسة في مصر.
وخاضت "روزاليوسف" معارك طاحنة ومحاولات لإنهاء مسيرتها، إلا أنها ناضلت وعانت من الأزمات المالية وكانت معركتها مع حزب الوفد من أشهر المعارك الصحفية بعد انتشار مجلة "روزاليوسف" الفنية وتحولها للشأن السياسي، وكان أول تحقيق صحفي لها أثناء محاكمة محمود فهمي النقراشي وأحمد ماهر في إحدى القضايا السياسية. انضمت "فاطمة اليوسف" ومجلتها إلى حزب الوفد.
ولكن تحولت العلاقة إلى عداء بعد انتقاد رئيس الوزراء نسيم باشا ومطالبته بعودة دستور 1923 وإجراء انتخابات نزيهة فقام حزب الوفد بفصل "فاطمة اليوسف" ومجلتها من الحزب، ليكون رد "روزاليوسف" هو تأسيس صحيفة "روزاليوسف" اليومية التي صدرت في 25 مارس عام 1935 والتي رفض باعة الصحف بيعها بعد أزمة مؤسستها مع حزب الوفد، فتراكمت الديون عليها وتعرضت لأزمة مالية خانقة.
ونجحت حملتها واستقالت حكومة نسيم باشا وعاد دستور 1923 وعندما عاد الوفد إلى الوزارة من جديد كان أول قرار اتخذه هو إلغاء ترخيص صحيفة "روزاليوسف" اليومية فكانت الحكومة والحزب ضد "روزاليوسف".
وخاضت المجلة برئاستها معارك ضد الاحتلال الإنجليزي والاعتداء على فلسطين، وعقب الحرب كشف نجلها إحسان عبد القدوس على صفحات المجلة فضيحة الأسلحة الفاسدة وخاضت معارك ضد الملك والإنجليز حتى قيام ثورة يوليو 1952 وبعد أن بدأت تلتقط المجلة أنفاسها وهدأت إلا أنه عام 1958 شهد رحيل السيدة فاطمة اليوسف.
من فاطمة اليوسف إلى دكتورة فاطمة سيد أحمد
دكتورة فاطمة سيد أحمد أول سيدة تترأس رئاسة تحرير صحفية روزاليوسف اليومية، وهي كاتبة صحفية لامعة ومخضرمة شغلت عدة مناصب ومنها الآن عضوية الهيئة الوطنية للصحافة، بالإضافة إلى كتابتها اللامعة الجريئة خلال مسيرتها الصحفية.
وكرمتها السيدة انتصار السيسي قرينة رئيس الجمهورية في احتفالية "يوم المرأة المصرية أيقونة النجاح" ليكلل مشوارها المهني في مجال الصحافة وكونها أول سيدة مصرية تعمل مراسلة عسكرية.
أمينة شفيق
كرمها الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية أثناء الاحتفال بيوم المرأة والذي قام فيه الرئيس بتكريم عدد من الأمهات المثاليات والسيدات الرائدات في مجالاتهن.
إلى جانب دورها النقابي كانت أمينة شفيق إحدى الصحفيات اللامعات والتي حفرت علامة بارزة في التصدي للقضايا السياسية وحقوق العمال والمرأة والطفل واشتهرت بكتابتها في بدايتها عن العدوان الثلاثي على مصر والمقاومة الشعبية، وكان انضمامها إلى جريدة الأهرام بطلب من محمد حسنين هيكل.
إسهامات المرأة المصرية في الملف الصحفي، استمرت لعقود من بينهن أمينة شفيق وسناء البيسي وإقبال بركة وفريدة الشوباشي ومعاركها مع جماعة الإخوان الإرهابية، والتي وصلت إلى تهديدها بالقتل قبل ثورة 30 يونيو 2013 وكانت لكل منهن اهتمامات ومعارك صحفية وسياسية.