طارق مرسي
أحمد سعد مشاكل
لا أعرف سِرَّ أنّ كل أصحاب المَواهب والشعبية الكبيرة هم الأكثر شغبًا وتورطًا وخروجًا عن النص والإساءة فى بعض الأحيان لأنفسهم مجانًا.
هذا ما حدث بالضبط فى الآونة مع «ثلاثى أضواء التريند» شيرين عبدالوهاب ومحمد رمضان وثالثهم الآن «أحمد سعد»، ولا ينكر أحدٌ موهبتهم الاستثنائية وقدراتهم الخاصة وجماهيرتهم الكبيرة؛ فشيرين أصبحت فى كتاب المحفوظات صاحبة الرقم القياسى فى الوقوع فى مصيدة الأزمات التافهة، ومثلها «محمد رمضان» ببوستاته المُستفزة، أمّا آخر المنضمين للقائمة فهو «أحمد سعد» بطل موقعة بحر الرمال بمدينة بنزرت فى رابع أيام عيد الأضحى بعد اشتعال معركة مع «زكية المنصورى» مديرة المهرجان الدولى للتخييم والفنون والرياضة «فى نسخته الثانية» ونقلتها عدسات الموبايلات الأندوريد والهواتف الذكية من كل الزوايا.. هذه المعركة التي أفسدت حضوره الأول فى تونس للغناء فى الافتتاح رُغْمَ الحفاوة البالغة التي قوبل بها والسعادة العارمة لضيوف المهرجان وإدارته قبل الحفل بوجوده، وبدلاً من الاستمتاع بما قدّمه على المسرح وتجاوب الجمهور معه انهالت الفيديوهات اللايف بوابل من الهجوم المتبادل.
هذا الوابل كل الشواهد تقول أنه جاء على خلفية نظرية «الزّن على الودان»، فمديرة المهرجان رُغْمَ وجود عقود وعهود استجابت لمَن حولها بأن يتحول العَقد إلى إذعان وإنها اشترت «سعد»؛ خصوصًا أن هذا المهرجان البسيط دفع له أجرًا بالنسبة لميزانيته كبيرًا رُغْمَ أن قيمة «أحمد» التسويقية فى الفترة الأخيرة تجاوزه بمَراحل وأن قبوله من واقع حُبّه لتونس وشعبها؛ لكن مطرب «وسّع وسّع» ذهب محتقنًا ومتخوفًا من إجراءات السلامة الفنية والتجهيزات التي تتناسب مع قيمته ونقلها له مقربون من تونس نفسها وهم من حزب أعداء النجاح ويريدون التشويش على المهرجان والتقليل من مديرته التي فى الأساس تجاهد من أجل ترك بصمة فى أچندة المهرجانات التونسية وإثبات نفسها ولخص كل هذا انفجار «سعد» أمام الصحفيين.
أعرف بحُكم حضورى نسخة المهرجان الأولى مدَى الجهد الكبير الذي تبذله مديرة المهرجان والأجهزة الرسمية بدولة تونس لخروجه بشكل مشرّف، ويعتبرون الحضور المصري من ثوابت المهرجان، وفى العام الماضى شارك عازف الأورچ الأول فى العالم العربى مجدى الحسينى تشجيعًا للمهرجان وساهم فى تقديم وصلة موسيقية استعاد فيها ذكرَى حفلاته فى تونس مع العندليب عبدالحليم حافظ إلى جانب مشاركة مطرب الأوبرا «سعيد عثمان» الذي يذهب للغناء من دون شروط حُبًا فى شعب تونس لتقديم وصلة غناء فى حب العندليب معشوق التوانسة وتقديرًا لمديرة المهرجان وتشجيعًا لمشروعها الفريد من نوعه فى الوطن العربى على خلفية أن أغلب فعالياته تقام فى الهواء الطلق بشاطئ الرمال ببنزرت «زهرة الشواطئ» على مدار أسبوع كامل،بهدف الحفاظ على التراث والبيئة والطبيعة كما خلقها الله، ورفع شعار «الأرض الخضراء للجميع».
الشعب التونسى يعشق «حقًا وصدقًا» كل ماهو مصري، وإذا أسعدك الحظ وزرت تونس ستلمس كل هذا وأكثر، فهناك فى الصباح تستيقظ على صوت أم كلثوم (يا صباح الخير يلى معانا)، وفى الظهيرة صوت عبدالوهاب وروائعه، ويحلو المساء على صوت العندليب ونجاة ووردة، والأطفال هناك وحتى كبار السّن مفتونون بأساطير الغناء المصري ويحفظون كل الأغنيات الشهيرة؛ بل يعتبرون نجاح «سعد» امتدادًا للمشاهير وشجرة المبدعين.
أحمد سعد رُغْمَ - ثلاثية «القميص الشيفون» والتحرُّش بـ«وائل جسّار» - وموقعة الهواء الطلق فإنه أعاد الاتزان والوقار للأغنية الشعبية فى الفترة الأخيرة وصاحب أفضل التريندات الغنائية المستحقة فى العامين الأخيرين وضع النقاط فوق الحروف وكلها كشفت بوضوح وجود سوء تفاهم واحتقان متبادل أشعله متربصون من بين صفوف الطرفين وكان من الممكن احتواء كل ذلك بتحكيم العقل.
أخيرًا؛ فقد أزاح «سعد» و«زكية» الستار عن المفارقات التي شوّهت المشهد ولكنها لن تفسد للودّ قضية «فإن الحَسَنات يُذهبن السّيئات».