عاجل
الإثنين 14 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حكايات من زمن فات
البنك الاهلي

عاجل| تفاصيل واقعة انتقام في الزنزانة.. أيام "عبد العظيم فهمي"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عالم الجريمة له أحكامه وقوانينه، التي تسري على المنتمين إليه دون سواهم، ما يفرض سلوكًا مُغايرًا، يتنافى مع طبيعة النفس السوية، التي فطرها الله في بداية خلقه لنسل آدم، قبل أن يلوثهم الشيطان بنزغاته ووساوسه الدنية.



 

عالم تحركه المادة والشهوات، وتتدرج رتب ساكنيه وفقًا لقسوة قلوبهم، وما تحمله نفوسهم من جحود ونكران للجميل، فلا موضع هناك للرحمة أو اللين والغفران.

 

تطالعنا أخباره، فتدهشنا أحيانًا.. وتفزعنا أحايين.. فنحمد الله شكرًا على رتابه حياتنا اليومية، ونتضرع إليه ألا تسوقنا الأقدار يومًا إلى تلك المنطقة المظلمة، وندعوه خوفًا وطمعًا أن يحفظنا من شرور المنتمين إليها.

 

عالم الجريمة

قصة الأشقياء الخمسة

قصتنا اليوم تدور حول خمسة من الأشقياء، تلاقت طموحاتهم واتفقت رغباتهم، حول إيجاد وسيلة سريعة للثراء، أيًا كان مصدرها ومآلها، دون الوقوف على مشروعيتها من عدمه.

 

وفي لياليهم الموحلة وسهراتهم الحمراء، كانوا يتجمعون حول مائدتهم التي يتوسطها الشيطان ذاته، ليلقي كلٍ منهم ما في جعبته من أفكار مارقة، ويقدح زناد فكره الوضيع، لعله يهتدي بقبس ينير دربه المقفر الموحش، ويرشده إلى طريق العلا وطيب المهاد.  

 

تفتقت أذهانهم عن فكرة شيطانية، تحقق لهم مآربهم، وتوفر لهم رغد العيش الذي يحلمون به، ليجمعوا أمرهم على أمر قد قدر، ويتفقون على جلب وتهريب المواد المخدرة.

 

بدأت مغامراتهم في حدود المعارف والأصدقاء، ليلقون لهم بسمومهم وبضاعتهم الفاسدة، مقابل ما في حوزتهم من أموال، ولا ضير إن كانت مسروقة أو سفكت من أجلها دماء أقرب الأقربين. 

 

بمرور الوقت اكتسب أصدقاء السوء الخمسة، كافة الخبرات اللازمة للتوغل أكثر داخل هذا العالم، وشيئًا فشيئًا توسعت تجارتهم، ليكون لزامًا عليهم توسيع نطاق عملهم، والانتقال لمناطق أكثر رحابةً ومجونًا.

 

الوسيلة الأسرع للثراء

كان خيار "التهريب" هو الأمثل لطموحاتهم التي لا يحدها سقف، وهي النقطة الفاصلة التي تؤمن لهم الدخول إلى منطقة الحيتان، والابتعاد لمسافة كافية عن شاطئ الهواة والمبتدئين المحفوف بالمخاطر.

 

بدأت اللعبة الجديدة وانهالت معها المكاسب "الملوثة"، ليتضاعف معها جشعهم وتزداد قلوبهم غلظة وقسوة، لتتفكك معها الروابط التي وحدت خطواتهم الأولى نحو عالم الشيطان. 

 

ضريبة الشيطان

تغيرت نفوسهم وبدأ كل منهم سعيه لفرض مظاهر القوة والزعامة، التي تساوت فيها رؤوس أربعة منهم، ليحصدون النصيب الأكبر من مكاسب صفقاتهم المشبوهة، فيما يلقون بالفتات للشريك الخامس، الذي اكتفي بدور التابع الذليل، يؤدي فروض الولاء والطاعة للجميع، ويقدم تاج التفرد وصولجان المُلك، لمن يمتلك مفاتيح الغلبة والفوز أيًا من كان.

 

بعد سنوات استشعر الأصدقاء الخمسة أنهم وصلوا بالفعل لنهاية الرحلة، ليكون قرار "الافتراق" هو الأسلم للجميع، على أن تكون الصفقة القادمة هي الأخيرة لهم كشركاء، ينفصل كلٍ منهم بعدها ليشق طريقة في مجال مختلف لا ينازع فيه الآخرين.

 

نهاية غير متوقعة

وضعوا الخطة وحددوا الزمان، وفي ليلة الحسم حدث ما لم يكن في الحسبان، الشرطة تداهمهم وتشتبك معهم بالذخيرة الحية، ويتم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، تمهيدًا لخضوعهم للمحاكمة، بعد ضبطهم متلبسين بالجرم المشهود.

 

وداخل المستشفى تبادل الجميع الاتهامات، فمن بين ظهرانيهم يوجد حتمًا فرد “واشي”، ولكن من هو ولماذا يفعل ذلك، إذا كان قرار الانفصال كان هو الأصلح للجميع؟.

 

بعد فترة من التفكير حامت شكوكهم حول "خامسهم" المطيع، فهو الوحيد الذي لم يبادر بالاشتباك مع الشرطة، والأقل المستفيدين من توزيع غنائم أغلب عملياتهم بما فيه مغامرتهم الكبرى الأخيرة.

 

جريمة جديدة

واجهوه وحاصروه بأسئلتهم وشكوكهم، حتى انهار واعترف لهم بأنه "الواشي" الذي تواطئ مع الشرطة لإسقاطهم، مؤكدًا أنه فعل فعلته مدفوعًا بما بويلات الذل والمهانة التي ذاقها منهم جميعًا.

 

أظهر الأربعة الكبار تعاطفهم مع اعترافات زميلهم الخامس، وأقروا بجسامه خطأهم في حقه، وأضمروا فيما بينهم عقابًا لم يخطر على بال بشر، عاقدين العزم على إزهاق روحه والتخلص منه، لتدمير دليل إدانتهم “الوحيد" أمام المحكمة، على أن يكون هو "كبش الفداء"، وتذكرة الهروب من العقاب.

 

وفي إحدى الليالي، استطاعوا تهريب بعض "الكيروسين" إلى داخل محبسهم، مع بعض الأدوات الطبية الخاصة "سرنجات"، ليضربوا بها وريد الزميل الواشي ضربة رجل واحد، ويحقنوه بالمادة الكيميائية حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

 

وبعد إجراء الفحوصات على جثة المتوفي، وإجراء التحريات والتحقيقات اللازمة، أمكن الوصول والتأكد من ارتكابهم للجريمة، ليتم تحويلهم للمحكمة، التي أصدرت حكمها بإعدام ثلاثة منهم بتهمة القتل العمد، مع الاكتفاء بثلاث سنوات للمتهم الرابع، مسدلةً الستار على واحدة من قصص عالم الجريمة.  

 

 

- تفاصيل وأحداث هذه الجريمة وقعت قبل 60 عامًا، ونشرتها جريدة “الأهرام” عبر صفحاتها في 26 فبراير عام 1963

 

 

يذكر أن عبد العظيم فهمي، شغل منصب وزير الداخلية في مجلس الوزراء برئاسة على صبري، من من: 29 سبتمبر 1962، حتى: 1 أكتوبر 1965.

“حكايات من زمن فات”  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز