طارق مرسي
روائع «الموجى والطويل والرحبانى» غذاء الروح
عام 2023 هو عام مئويات عباقرة الموسيقى والتلحين المصري والعربى ومحطة وصول الأغنية إلى بَرّ الأمان ومن مَرحلة القوالب القديمة إلى التحديث والتطوير؛ بل الحفاظ على الهوية العربية.
«محمد الموجى وعاصى الرحبانى وكمال الطويل» الذين يحتفل عشاق الموسيقى والغناء بمرور 100 سنة على ميلادهم هذا العام، هم ثلاثى أضواء الإبداع فى مصر والعالم العربى، وألحانهم أحدثت نقلة عظيمة للغناء العربى باعتبارهم شركاء نجاح أصوات لا تتكرّر.
بالأمس القريب احتفلت دارُ الأوبرا وموسمُ الرياض بروائع فارس النغم «محمد الموجى» ابن محافظة كفر الشيخ الذي غيّر خريطة الغناء فى الوطن العربى وصاحب رائعة «يا أحلى اسم فى الوجود يا مصر» ومعها نحو 1500 لحن لكبار المطربين وصاحب المَقام الموسيقى الرفيع الذي كرّمه الرئيس جمال عبدالناصر ومنحه الرئيس السادات وسامَ الاستحقاق.
وفى هذا الشهر حلت مئوية المؤلف والكاتب المسرحى والموسيقار اللبنانى «عاصى الرحبانى» صاحب المَدرسة الموسيقية العربية العميقة (الرحبانية) مع شقيقه منصور «الأخوين رحبانى» وشريكة حياته وكفاحه الموسيقى الأسطورة «فيروز» جارة الوادى، شركاء رائعة «مِصْرُ عادَتْ شمسُكِ الذّهبُ» الخالدة، والذي وضع الموسيقى العربية على عتبة العالمية.
ثالث الأساطير الموسيقية هو «كمال الطويل» بروفيسور التلحين المولود فى 11 أكتوبر1923هو أول مَن آمن بموهبة ورسالة عبدالحليم حافظ وأكبر داعم لقرار «حليم» بترك مهنة مُدرس الموسيقى فى الزقازيق والاستقرار فى القاهرة؛ بل تغيير اسمه من «عبدالحليم شبانة» إلى «عبدالحليم حافظ» تقديرًا لوقوف الإذاعى العملاق «حافظ عبدالوهاب» معه ثم تلحين أول قصيدة «لقاء» لاعتماد «حليم» مطربًا خالدًا، والمفارقة أن «الطويل»- حسب اعترافه فى أحد اللقاءات التليفزيونية- لحّن مرثية فى صورة لحن «فى يوم فى شهر فى سَنة» ضمن فيلم (حكاية حب)؛ حيث اتسم طابعها الموسيقى بالحزن وكما توقع «الطويل» نجاح «عبدالحليم» وكتابة شهادة ميلاده تنبأ برحيله بإلهام خاص فى الأغنية الحزينة.
كمال الطويل الذي قدّم للعندليب أكثر من 56 عملاً، منها «على قد الشوق، وراح، والحلوة، وبلاش عتاب، وأسمر ياسمرانى» وأبرز أغنياته الوطنية: «احنا الشعب .. والله يابلدنا الله على جيشك والشعب معاه» التي استمر تأثيرها حتى ثورة 30 يونيو، وصورة، وبالأحضان،وعاش اللى قال» إلى جانب إبداعاته مع كبار المطربين.
ابن طنطا الذي رحل منذ عشرين عامًا استهل مَدرسته الموسيقية الوطنية بتلحين السلام الوطني المصري «والله زمان ياسلاحى» منذ عام 1956 حتى 1977ورُغْمَ قرار اعتزاله اعتراضًا على سوق الأحوال الغنائية؛ فإنه عاد عملاقًا وقدّم أجمل ما غنّت سعاد حسنى «بانوا، وأهدى وردة رائعة» «طعم الحب» و«علّى صوتك بالغنا» لمحمد منير فى فيلم (المصير) وكأن رسالته الأخيرة هى الغناء غذاء الروح والقلب. >> «الموجى والرحبانى والطويل» لا يستحقون فقط التكريم وتدريس منهجهم الموسيقى فى المعاهد الموسيقية ومدارس وجامعات مصر والعالم العربى بل إطلاق أسمائهم على محاور وشوارع عظيمة مثلهم.