تفاصيل النقاش حول "التقاليد الرمضانية في مصر" بالأعلى للثقافة
محمد خضير
أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمى، أمسية رمضانية بعنوان: "التقاليد الرمضانية فى مصر من العصر الفاطمى حتى الآن"، ونظمتها لجنة التاريخ والآثار بالمجلس بحضور مقررتها الدكتورة علا العجيزى؛ أستاذة اللغة المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة، وأدار الأمسية الدكتور جمال شقرة؛ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية التربية جامعة عين شمس.
وشارك فيها كل من الدكتور أيمن فؤاد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ودار حديثه حول أصول الاحتفالات الرمضانية فى العصر المملوكى، والدكتور خلف الميرى؛ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر كلية البنات جامعة عين شمس، وتحدث حول التقاليد الرمضانية ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين.
أوضح الدكتور أيمن فؤاد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، أن أصول الاحتفالات الرمضانية لدينا تعج بالكثير من التفاصيل، مما يجعل الاحتفال بشهر رمضان فى مصر مختلف عن سائر البلاد الإسلامية، ومن ضمن ذلك أشهر المأكولات الرمضانية، التي تثبت حضورها كل عام على المائدة المصرية، مثل القطايف والكنافة، اللتان لم تكونا في حقيقة الأمر موجودتين فى العصر الفاطمي، كما يظن البعض، وعلى عكس ذلك نجد أن كحك العيد يعود ظهوره إلى العصر الفاطمى، ويضاف إلى ذلك عادة تزيين الشوارع احتفالًا بالشهر الفضيل "زينة رمضان"؛ حيث شكل هذا أمرًا مهمًا خلال العهد الفاطمي.
كما اهتم الفاطميون أيضًا بإنارة مآذن المساجد، وكان موكب الإمام يخرج من القصر الفاطمى الكبير حتى الجامع الأزهر الشريف، وأوضح فى مختتم حديثه أن الفاطميين لم يحتفلوا بيوم الرؤية؛ حيث كانوا يعدون شهر رمضان ثلاثين يومًا فى مختلف السنين فى عهدهم دون تطبيق رؤية هلاله.
فيما دار حديث الدكتور خلف الميرى، حول التقاليد الرمضانية ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين، مشيرًا إلى وجود عدة روايات تؤكد أن مدفع رمضان الذي ارتبط إطلاقه بإعلان موعد الإفطار، قد جاء عن طريق الصدفة ليس إلا؛ ففى بداية الأمر كان بعض جنود الخديو إسماعيل ينظفون المدافع، فانطلقت قذيفة بالخطأ وقت أذان المغرب فى أحد أيام رمضان؛ فظن الناس أنه هذا الدوى بغرض الإعلان عن موعد الإفطار، وشاع هذا الأمر لمى يصير مسماه "مدفع الإفطار"، كما يقال كذلك أنه بعدما أمر سلطان مصر المملوكى خشقدم، أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه، وتزامن إطلاق المدفع مع وقت الإفطار بالضبط؛ فظن الناس أنه بغرض تنبيه الناس بحلول موعد الإفطار، ولاقى هذا الأمر استحسان الجموع، ما جعل السلطان يقرر استمرار إطلاق المدفع طوال أيام الشهر الفضيل لإعلان موعد الإفطار، واخذت فكرة مدفع الإفطار فى الانتشار بسائر البلدان العربية والإسلامية بداية بالقدس ودمشق ومختلف مدن الشام الأخرى، ثم بغداد فى أواخر القرن التاسع عشر، وبعدما نجحت فكرة مدفع الإفطار أضيف بعد ذلك مدفعا السحور والإمساك.
وتابع حديثه متناولًا تقليد رمضانى مصري آخر يعود إلى الحقبة ذاتها، وهو إقامة حلقات الذكر أو تلاوة القرآن فى ليالى رمضان، موضحًا أن الشيخ محمد رفعت الملقب بقيثارة السماء، كان معتادًا أن يحيى ليالى رمضان بتلاوة القرآن فى المجالس، وعرف عنه أنه لم يكن يكترث بقيمة الأجر الذي يعطى له لأجل تلاوة القرآن، ولم يكن ينظر فيما يتلقاه نظير هذا قط، وفى ذات مرة أعطاه المنشاوى باشا مليمًا ظنًا منه أنه جنيهًا ذهبيًا، إلا أن هذا الأمر لم يزعج الشيخ محمد رفعت بتاتًا؛ فوضعه فى جيبه ورحل، وإذا بالمنشاوى يدرك خطأه ويخبره أنه أخطأ فيما أعطاه له؛ فقال له الشيخ محمد رفعت هذا المليم هو رزقى وقد حمدت الله عليه؛ فقام بجمع تلاوات الشيخ محمد رفعت وسجلها على أسطوانات، تعويضًا له عما حدث.
وفي مختتم حديثه أضاف الدكتور خلف المصري إلى ما سبق عدة تقاليد رمضانية مصرية أخرى، مثل المسحراتى الذي يجول الأزقة والشوارع فى أوقات متأخرة؛ لكي يذكر الناس بوقت السحور ويوقظهم من سباتهم قبيل بزوغ الفجر بسويعات، وكان لكل قسم فى القاهرة مسحراتى، يجول يوميًا في أزقتها وشوارعها فى ليالى شهر رمضان الكريم، وها نحن مازلنا نسمعه يجول ينادى الناس من أجل تناول السحور إلى يومنا هذا.