عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"الشاشة تتسع للجميع"

"الشاشة تتسع للجميع"

قد يكون من المبكر جدا، الحديث حاليا عن موسم دراما رمضان، أو من الإنصاف تحليل المحتوى الدراما المقدم على شاشات التلفزيون، ومنصات المشاهدة الرقمية، في الأسبوع الأول من الشهر الكريم، وليس الهدف الانسياق وراء أشكال التفاعل من اشادات أو حتى ملاحظات وانتقادات تجاه بعض النجوم وبعض الأسماء والمسلسلات التي ظهرت من اليوم الأول لعرضها، فهذه طبيعة المنافسة الدرامية برمضان باعتباره أقوى المواسم الدرامية ليس في مصر فقط ولكن في الوطن العربي.



 

فالمنافسة الدرامية في رمضان، لها أحكامها التي لا تعترف بالمُسَلمات الفنية المعتادة في صناعة الدراما، ذلك أن ميزان الحكم دائما في عين المشاهد والجمهور، ومع تنوع ألوان واهتمامات واتجاهات الجمهور المستهدف، من الصعب الجزم بمدى نجاح وقبول أي عمل درامي بناء على لونه أو معالجته أو أبطاله قبل عرضه، فالمعادلة تتلخص دائما في تقدير مشاهدك وتقديم ما يحترم فكره ويناسب اهتماماته ورغباته وتنوعه.

 

هذه القاعدة أو الفلسفة التي أراها المرجعية التي يمكن أن ننظر بها مبدئيا إلى الأعمال المتنافسة في السباق الدرامي برمضان هذا العام، فنحن أمام أكثر من ثلاثين عمل درامي تُعرض بمختلف الشاشات ومنصات المشاهدة المصرية والعربية، القوام الأساسي منها ما تقدمه "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية"، ذلك أنها اعتبرت أن الهدف الأساسي أمامها هو "المشاهد" دون انحياز، ومن هذا التقدير كانت وجبتها الدرامية مليئة بالتنوع، بمجموعة من الأعمال تتجاوز العشرين عملا، متعددة الألوان الدرامية ما بين الوطني والاجتماعي والتاريخي والديني والكوميدي والشعبي والأكشن والإثارة وحتى الكرتون، وبالتالي مختلف اهتمامات وميول المشاهد المصري والعربي مُحققه على الشاشات المصرية. 

 

لست هنا بصدد حصر واستعراض تلك الأعمال، لكني أبحث عن الغاية أو رسالة كل عمل، أو ما تحمله سطور المحتوى الدرامي، لذلك القضية ليست فقط في تنوع الألوان الدرامية، لكن أراها فلسفة للشركة المتحدة قائمة على أن "الشاشة تتسع للجميع"، على مستوى المشاهدة والمحتوى وعلى مستوى الصناعة، فلا يمكن أن نغفل أو ننكر هذا الكم من المشاركة الواسعة من النجوم والفنانيين والصُناع من مخرجين وكتاب ومنتجين وغيرهم، والأهم التوظيف الفني لهم بأدوار مختلفة ومتناسقة في المشاريع الدرامية المقدمة، وتلك ميزة يجب التمعن والتوقف أمامها كثيرا.

 

أهم ما في ميزة المشاركة الواسعة من صُناع الدراما هذا العام، هو دحض واحده من آفات إفساد صناعة الدراما في سنوات قريبة وهي فكرة "الإحتكار"، التي كانت قائمة على حصر بطولة الأعمال والمشاركة فيها على أسماء محدده، لكن الفارق حاليا في تغيير "القاعدة" القائمة عليها صناعة الدراما، فالبطل هو العمل نفسه، ومعيار المشاركة هو الموهبة ومدى القدرة على الإضافة للعمل والخط الدرامي.

 

هذه رسالة واضحة البيان في الأعمال المقدمة من "الشركة المتحدة" هذا العام، والشواهد عديدة، بداية من المخرج خالد يوسف، فبعيدا عن مواقفه السياسية، لكنه يستثمر موهبته الفنية في واحد من الأعمال التاريخية "سره الباتع"، وهو يقدم أحداث بين زمنيين، أحدهما زمن الحملة الفرنسية والآخر في الفترة المعاصرة برابط ومعنى واحد، والأهم أن المسلسل يشارك فيه أكثر من 60 فنانا من مختلف الأجيال الفنية، نفس الموقف مع الفنان أحمد عيد، الذي يعود بعد غياب طويل للشاشة رغم تصنيفه سياسيا من قبل، لكنه يشارك في واحد من الأعمال التي تجسد "الدراما الصعيدية" وهو مسلسل "عملة نادرة" بمشاركة مجموعة من النجوم منهم الفنانة نيللي كريم، ويقدم فيه أحمد عيد دور يعكس موهبته وثقله الفني، حيث يجسد دور "الأخ الشرير" الذي يقتل شقيقه ليحصل على أرضه.

 

والنماذج عديدة والوجوه الجديدة والشابة حاضرة، لكن ما ساعد أيضا على هذه المساحة فكرة التنوع في نوعية المعالجات الدرامية، بتقديم مسلسلات من 30 حلقة، ونحو 6 مسلسلات من نوعية 15 حلقة، والأخيرة تتفادى عيوب المط والتطويل في الخط الدرامي، خصوصا في الأعمال الكوميدية والاجتماعية.

 

وبعيدا عن أي نقد فني، استوقفتني عدة ملاحظات حول الأعمال الدرامية المقدمة هذا العام تعكس التطور النوعي في صناعة الدراما، أولى تلك الملاحظات، فكرة العودة لإنتاج الدراما الدينية في مصر، بعد غياب طويل، بتقديم الشركة المتحدة، سيرة الإمام الشافعي في مسلسل "رسالة الإمام" بطولة الفنان خالد النبوي، حيث يتناول سيرة أخر ست سنوات في حياة الإمام الشافعي التي قضاها في مصر، والتي تأثر خلالها بمصر، وكانت سببا في تغيير بعض فتواه الدينية التي سبق وأن أفتى بها وهو في العراق.

 

الملاحظة الثانية، تتعلق بالتطور في محتوى وجمال الصورة المقدمة، خصوصا في المسلسلات التاريخية، مثل "سره الباتع" و "سوق الكانتو" وفي المسلسل الديني "رسالة الإمام"، فالمشاهد في هذه الأعمال أشبه بلوحة فنية حقيقية مرسومة بأدق التفاصيل.. واللافت أيضا تضمين مشاهد تعكس التطور الذي تشهده مصر بالمشروعات الجديدة، مثل مشهد محطة السكة الحديد في مسلسل "الكبير"، ومركز الإصلاح والتأهيل في مسلسل "جعفر العمدة"، وغيرها من المشاهد التي تُغلب الجمال في الصورة، على عكس ما كان يقدم سابقا من مشاهد العشوائيات والقبح في الشارع المصري.

 

الملاحظة الثالثة، تتعلق بالظرف العام الذي يأتي فيه موسم دراما رمضان هذا العام، كفترة صعبة على الكثير بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية وما تفرضه من ضغوط وتحديات، تجعل نظرة كثير من المشاهدين لدراما رمضان كمتنفس لهم في هذا الشهر، وهنا تأتي أهمية وجدوى دراما الكوميديا والتسلية، بمجموعة من الأعمال مثل "الكبير والصفارة وجت سليمة وكشف مستعجل والف حمد الله على السلامة..الخ".

 

هذه نظره أولية عن الإنتاج الدرامي المصري في موسم رمضان هذا العام، ومن السابق لأوانه التقييم أو الحكم على هذه الأعمال، لكن المؤكد أنه لا يوجد عمل بلا فكرة أو رسالة أو غاية، احتراما للمشاهد، ويحضرني في ذلك، تويته للشاب السعودي "فهد بن سعد الهماش" قبل أيام، تحدث فيها أن بوصلة الإنتاج الدرامي والبرامجي في رمضان هذا العام تتجه للتلفزيون والشاشات المصرية، على مستوى "الأفكار والمحتوى والتمثيل والإخراج"، ضاربا المثل بمسلسلات "رسالة الإمام وعملة نادرة والصفارة"، على عكس قنواتهم التي يغلب عليها التكرار.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز