عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تحركات سياسية استراتيجية وإعادة ترتيب الأوراق العربية

الشرق الأوسط يمر بمرحلة استثنائية

تحركات سياسية استراتيجية وإعادة ترتيب الأوراق العربية

ناقش الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى، الفترة الاستثنائية والمرحلة الدقيقة التي يعيشها الشرق الأوسط والتي تفرض على كل متابع التوقف عندها. وقال «الطاهرى» خلال مقدمة برنامج «كلام فى السياسة» والذي يذاع عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»، إن اللحظة الحالية لحظة استثنائية نعيشها فى الإقليم، لحظة تشهد بدايات جديدة بين مصر وتركيا وبين السعودية وإيران، وحضورًا دبلوماسيًا هو الأجرأ للصين فى المنطقة، وأبعاد زيارة الرئيس السورى بشار الأسد إلى موسكو ثم إلى الإمارات، وأخيرًا القمة «الصينية - الروسية».



 

واستعرض تقرير مصور خلال الحلقة تطور التقارب بين مصر وتركيا خلال العام الأخير، بداية من مصافحة الرئيس عبدالفتاح السيسي نظيره التركى رجب طيب إردوغان على هامش افتتاح كأس العالم 2022 فى قطر. أيضًا تناول التقرير الدور المصري فى دعم تركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضربها فبراير الماضى.

وشارك «الطاهرى» فى النقاش نخبة من الأساتذة والخبراء فى السياسة الدولية والإقليمية.. «السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، والدكتور عزت إبراهيم رئيس تحرير الأهرام ويكلى، والدكتور أشرف سنجر خبير السياسات الدولية لقطاع أخبار المتحدة، والدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور أشرف العشرى مدير تحرير جريدة الأهرام».

الدول العربية أعادت ترتيب أوراقها بعد الربيع العربى

قال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن منطقة الشرق الأوسط منذ بيان قمة العلا فى يناير 2021 وقبل صدور هذا البيان فى سبتمبر 2020 كانت هناك تصريحات للرئيس التركى رجب طيب إردوغان عن تطلعه لتحسين العلاقات مع مصر، ومنطقة الشرق الأوسط، التي تشهد تغيُّرات عن المشهد الذي ساد المنطقة خلال الربيع العربى منذ نهايات 2010 وحتى ثورة 30 يونيو ثم التدخل العسكرى الروسى فى سوريا فى سبتمبر 2015.

وأضاف إن التغيُّرات الحادثة أدخلت تعديلًا جذريًا على مسار الربيع العربى فى المنطقة، فالقوى الإقليمية والدول العربية الرئيسية أعادت ترتيب أوراقها على ضوء الدروس المستفادة من السنوات الخمس والتدخلات الأجنبية، والتحالفات سريعة التغيُّر فى المنطقة، وإنشاء ميليشيات مسلحة من بعض القوى الدولية والدول لتحقيق أجندات سياسية فى الشرق الأوسط.

وتابع «هريدى» إن القوى الإقليمية والدول العربية الرئيسية ومن بينها مصر والسعودية والإمارات أدركت أن الوضع العام فى المنطقة يتطلب إعادة تقييم لمسار الأحداث السابقة، ترتب على هذا أن تركيا كانت أكبر الدول التي تدخلت فى الشأن العربى مما عكس هذا التدخل فى ليبيا وسوريا والعراق وشرق المتوسط.

تركيا قررت تغيير سياستها بعد عزلتها الإقليمية

وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن تركيا قررت بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية والحراك من قبل المعارضة فى الداخل، وتوجيه اتهامات متتالية للحزب الحاكم فى أن تعيد حساباتها؛ حيث إنها لم تظفر على المستوى الاستراتيجى من منطقة الشرق الأوسط أى شيء بسبب العداء والخصومة الواضحة التي كنتها لمصر والسعودية والإمارات.

وذكر أنه أثناء هذه التغيُّرات كانت تركيا تقترب من مصر بتصريحات إيجابية على أعلى مستوى، وفى هذا السياق استضافت القاهرة فى مايو 2021 أول جولة مباحثات رسمية بين البلدين منذ 2013 برئاسة نواب وزير الخارجية ثم جولة أخرى فى أنقرة فى سبتمبر 2021، وكلا الجانبين خلال هذه المحادثات استعرض موقفه من الخلافات فى إطار العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية، لافتًا إلى أن مصر رحبت بتصريحات وزير الخارجة التركى أخيرًا على صعيد العلاقات «التركية - المصرية»، ومن الواضح أن هناك قرارًا على أعلى مستوى فى تركيا لمزيد من التقارب مع مصر، وما قاله الوزير التركى عن الشعب المصري والخلفية التاريخية للعلاقات بين الدولتين كلام إيجابى للغاية.

الثقل العربى يتحقق بوجود اتفاق بين القوى العربية الرئيسية 

ويرى «هريدى» أنه فى ظل التغيُّرات الدولية والإقليمية كان يجب علينا إعادة تقييم الإطار العربى الذي نشأنا فيه، مشيرًا إلى أن مناقشة العلاقات العربية اليوم، تحتم علينا أن ننحى جانبًا ما مضى من شعارات ونعيد النظر فيه، فنحن أمام إرهاصات مرحلة جديدة داخل النسق العربى، ويجب أن نتوصل كدول عربية إلى عقد قومى جديد يراعى اللحظة الدولية الراهنة، وتأثير تغيُّرات المشهد الدولى داخل النظام العربى.

الدبلوماسية المصرية الأكثر نجاحًا فى الإقليم 

فيما قال الدكتور عزت إبراهيم رئيس تحرير الأهرام ويكلى، إن هناك تحولات عالمية مهمة فرضت نوعًا من التوافق أو السياسات الإقليمية الجديدة فى الشرق الأوسط، التي لا بد من التعامل معها بشكل إيجابى من كل الأطراف، ليس فى الشرق الأوسط فقط لكن فى العالم كله.

وأضاف إن هناك قواسم مشتركة كبيرة بين الأحداث، فالتقارب بين القاهرة وأنقرة يحمل طابع التعامل الحذر من جانب القاهرة، وكذلك التقارب بين الرياض وطهران يحمل الطابع نفسه من التعامل الحذر من جانب الرياض.

وتابع رئيس تحرير الأهرام ويكلى: إن أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركى السابق أصدر كتابًا فى 2011 بعنوان «العمق الاستراتيجى» كانت رؤيته أن تعتمد تركيا على صفر مشكلات مع كل من حولها، لكن بعد 2013 اختفت هذه الرؤية ودخلت تركيا فى صدامات مع كل الدول المحيطة بها وكل دول الإقليم، مصر والإمارات والسعودية واليونان والعراق، وأصبحت أكثر دولة فى المنطقة لديها أزمات.

وأكمل: إن المرحلة الحالية تحاول تركيا الرجوع لطرح أوغلو و«تصفير» أغلب المشكلات مع دول الإقليم والدول المجاورة، لكن الموضوع بات صعبًا، فالنخبة فى تركيا منقسمة حول التحولات الجديدة وتأثيرها على المصالح التركية فى الإقليم، لكنّ هناك إجماعًا على ضرورة استعادة العلاقات مع القوى الرئيسية فى المنطقة وفى طليعتها مصر.

وذكر أن تراجع ملف الإخوان والكثير من الملفات، والبدء فى دبلوماسية كرة القدم ودبلوماسية الزلزال، من هنا ذابت الطبقة الأولى من الجمود وبدأت الأطراف تطرح ملفات كثيرة مثل ترسيم الحدود البحرية والأزمة السياسية فى ليبيا، وقد أثبتت الدبلوماسية المصرية أنها الأكثر نجاحًا فى الإقليم والأسرع تخلصًا من المشكلات الموروثة، وإقامة علاقات رشيدة مع جميع الدول.

العلاقة العسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية 

وأشار إلى أننا حين نقرأ علاقة الولايات المتحدة بالدول العربية لا يمكن إغفال التواجد العسكرى، واستبعاد هذا التواجد يُنتج تحليلًا غير مكتمل.

وأوضح أن الدور الأمريكى فى الشرق الأوسط فى الفترة المقبلة تتحكم فيه عدة عوامل، أهمها السياسة الأمريكية الداخلية والعلاقة بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى، وهناك حالة ضبابية حول مستقبل السياسة الأمريكية فى ظل الصعود الصينى.

ترتيبات لإعادة ضبط وضع سوريا إقليميا

وقالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هناك ترتيبات كثيرة بإعادة ضبط وضع سوريا سواء على المستوى العربى أو الدولى.

وأضافت: الإمارات استطاعت التواصل مع سوريا، وتم إعادة العلاقات وإعادة فتح السفارة الإماراتية فى سوريا، واتخذت خطوات فى غاية الأهمية، وكانت مرتبطة بشكل وثيق بإعادة الإعمار فى سوريا، كما أن هناك نفوذًا قويًا لروسيا فى سوريا لكن من المعروف أن روسيا لن تستطيع أن تقدم كل ما تحتاجه عمليات إعادة الإعمار.

وتابعت: إن هناك تنسيقًا بين روسيا وعدد من الشركاء سواء الصين أو الإمارات فى مسألة إعادة إعمار سوريا، وهو أمر كبير للغاية، وكثير من الدول معنية ومهتمة بإعادة الإعمار، لأن المشاركة فيه ستترجم إلى عوائد سياسية واقتصادية بعد ذلك.

وأوضحت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه لذلك كان التحرك السورى تجاه الإمارات طبيعيًا لإدراك الإمارات جيدًا أهمية التواصل مع سوريا فى هذا التوقيت.

التقارب الصينى فى الشرق الأوسط يهدف لمحاصرة التمدد الهندى فى آسيا

وأشارت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية، إلى أن هناك جانبًا آخر من التقاربات الصينية فى المنطقة غير الخليج، وهى التوازنات مع الهند، فهى حتى الآن خارج مشروع الحزام  والطريق، وكانت تطرح مشروعًا بديلًا مع أمريكا، وهى قوة صاعدة لا يستهان بها، لافتة إلى أن إيران وباكستان ركيزتان مهمتان بالنسبة للصين، حتى لا تترك مساحة فى آسيا تتمدد فيها الهند وأن أهداف روسيا الاستراتيجية واضحة من قبل الحرب على أوكرانيا، وهى تحرير أراضى الدونباس، وأن روسيا تؤكد أنها ماضية قدمًا فى هذا الهدف، إضافة إلى أن زيارة الرئيس الروسى إلى ماريوبول تؤكد إصرار روسيا على تحقيق هدفها.

واختتمت: إن روسيا لا يعنيها قرار قضاة المحكمة الجنائية الدولية بمذكرة توقيف للرئيس الروسى فلاديمير بوتين لأن روسيا ليست عضوًا فى المحكمة الجنائية الدولية، وأمريكا أيضًا ليست عضوًا فى المحكمة، ولكن هناك أسباب أخرى، مشيرة إلى أن أحد أسباب صدور هذا القرار من المحكمة الجنائية الدولية هو الشوشرة على زيارة الرئيس الصينى إلى روسيا، فهذا هدف إعلامى لمزاحمة تغطية مباحثات الرئيسين، ثانيًا تقليل الضغط «الروسى - الصينى» فى تحقيقات تفجير خطى غاز «السيل الشمالى» الروسيين، إذا ثبت تورط بريطانيا أو أمريكا، أو حتى إذا ثبتت ما ألمحت إليه أمريكا أن جماعات أوكرانية هى من فجرته.

دول الشرق الأوسط أخذت بزمام قضاياها من القوى العظمى لتحقيق مصالحها المباشرة

وقال الدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الحراك الحالى فى الشرق الأوسط بات مرتبطًا بتحولات قوية فى المنطقة، تدعمه حالة سيولة فى النظام العالمى سمحت بإرساء هدوء نسبى، وعقد تفاهمات جديدة بين الدول. وأضاف إن الفاعلين الرئيسيين فى الشرق الأوسط ليسوا دولًا ضعيفة، لكنها تقرأ الوضع العالمى لتعيد ترتيب الأوضاع بما يخدم مصالحها بشكل مباشر، وبما يقلل من أى تداعيات سلبية قد تترتب على حالة السيولة الحالية أو على النظام العالمى القادم.

وأوضح أن دول المنطقة أدركت إلى حد كبير أنه لا يمكن الاعتماد على القوى الكبرى لحل أزمات المنطقة ولا حتى وضع تسويات القضايا الإقليمية أو حتى تحقيق الاستقرار بشكل عامل فى الإقليم، لذا بدأت القوى الإقليمية فى الأخذ بزمام القضايا فى الإقليم وقيادته لتحقيق مصالحها المبنية على التهدئة وحل الأزمات وسيادة الاستقرار.

وذكر «فرحات» أن هناك أيضا مراجعات من جانب بعض الدول الإقليمية، مثل تركيا، فتغير مواقف تركيا لم يكن مصادفة لكنه وليد مراجعة صانع القرار للسياسات الخارجية فى السنوات العشر الأخيرة وأنماط توجهاته ومكاسبه الاقتصادية أو الأمنية.

ولفت إلى أن هناك محاولة من قوى المنطقة لضبط سلوك القوى الكبرى نحو الإقليم، على سبيل المثال وقعت الصين اتفاقًا مع إيران فى 2021، انطوى على قلق كبير لأنه كان يتضمن تدفق استثمارات صينية ضخمة إلى إيران.

المنطقة تشهد تحولات لم تحدث منذ ثلاثين عاما

قال أشرف العشرى، مدير تحرير جريدة الأهرام، إن  ما حدث فى نهاية العام الماضى وبداية هذا العام هى تحولات جيوسياسية لم تحدث منذ ثلاثين عامًا، أى منذ غزو صدام حسين للكويت.

وأضاف إن هناك سباقًا نحو إمكانية الاندفاع للاستقرار فى الإقليم، واستيعاب كثير من الدروس لدى دول كثيرة فى المنطقة. وتابع: إن أهم حدثين فى نهاية العام الماضى والحالى هما التقارب «الإيرانى - السعودى» بغطاء صينى، والمصافحة الشهيرة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس رجب إردوغان فى قطر، وهو ما شكل قاطرة لإمكانية أن يكون هناك انتزاع ما كان يعرف بالدول أصحاب السياسات الشريرة فى الإقليم، واستطاعت أن تجنح فى الآونة الأخيرة نحو إمكانية أن يكون لديها درجة كبيرة من التلاقى والتناغم مع العواصم العربية الرائدة.

واستطرد: إن الدول صاحبة تيار الاعتدال العربى مصر والسعودية والإمارات التي جنحت إلى أن يكون لديها درجة كبيرة لتكريس مفهوم الاستقرار الإقليمى مع مصر باعتبار أن مصر كانت ولا تزال تسعى إلى ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية فى الإقليم العربى.

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى تهيمنان على النظام الدولى

قال الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى كقوة عسكرية واقتصادية ما زالت مهيمنة على شكل النظام الدولى.

وأضاف «سنجر» إن التفاعلات الإقليمية سواء لنظام إقليمى أو دول إقليمية، سواء تمارس دورًا أو تغير من تاريخية الأدوار التي كانت تمارسها، لا يمكن أن تخرج عن التفاعلات التي يمكن أن نقول من خلالها أن لها وزنًا.

وتابع إن الرئيس الصينى فى زيارته لروسيا قال إنه لن يعطى سلاحًا لروسيا، فمعنى ذلك أن الصينيين لديهم حدود فى الحركة فى التعامل مع روسيا دون الدخول فى صدام مع الولايات المتحدة.

واستطرد: إن روسيا فى أزمة فصادرات السلاح الروسية توقفت وبدأت تستورد طائرات مسيرة من إيران، وظهر عجز فى شكل التسليح المطلوب لإمداد القوات، وأن قوات فاجنر اختلفت مع وزارة الدفاع الروسية حول إمدادهم بالسلاح، كما أن الرئيس الأمريكى بايدن طمأن الصينيين أن الغواصات النووية التي حصلت عليها أستراليا لن تحمل صواريخ نووية رغم أنها تسير بالطاقة النووية، وفى المستقبل يمكن أن تحمل صواريخ نووية لكن يظل دائمًا من الرشادة كدول إقليمية أو نظم إقليمية ألا تأخذ قرارات متسرعة إلا بقراءة المشهد الدولى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز