

وليد طوغان
رقصة أهل الشر الأخيرة
غريبة دعوات أهل الشر للتظاهر أمام السفارات المصرية.
لم يستجب المصريون.. ولن يستجيبوا، لأن الحيلة واضحة.. والأغراض أمراض.
رؤساء الجاليات المصرية فى أوروبا قالوا إنهم لا يعرفون أصحاب الدعوة، ولا يعرفون السبب الذي أطلقت فيه تلك الدعوات فى هذا التوقيت.
هم وصفوا دعوات التجمهر بالمشبوهة.. ووصفوا أصحابها بالذين لهم فى أنفسهم أغراض.
وقى الله المصريين شر الأمراض والأغراض.
غريبة.
إسرائيل هى التي تحاصر الفلسطينيين وهى التي تقتل، وهى التي تمنع الطعام والزاد والزواد، وهى التي تسقط من طائراتها أطنانًا من المتفجرات على أطفال ونساء وشعب أعزل، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، ثم يأتى من يدعو للتظاهر أمام سفارات مصر.. ضغطا على مصر!
مفترض أن يولى أصحاب الدعوات تظاهراتهم ناحية سفارات إسرائيل.. سفارات الكيان حول العالم أولى بالغضب.. وأولى بالاحتجاج.
لكن تقول إيه؟
-1-
الحملة واضحة.. والأغراض ظاهرة.
هناك من يحاول استغلال مأساة غزة فى لى ذراع الحقائق بالاتجاه نحو القاهرة.
هناك من يحاول تشويه جهود مصر، وتاريخ مصر، ويسعى لصرف النظر عن ثوابت مصر التي لم تتغير تجاه القضية وتجاه شعبها، وهناك من يحاول صرف النظر عن ما قدمته القاهرة من جهود جبارة، لتشويه تلك الجهود، أو إهالة التراب عليها.
لا يتأثر التاريخ بحملات «الكيبورد»، ولا تستقر الأدوار فى ملفات التاريخ على الكيف وعلى الهوى.
لكن بالدارج المصري يقولون: «يا ما دقت على الراس طبول».
لم يحدث أن نجحت فى السابق حملات مماثلة، ولم يعد فى مصر من يصدق ما يتداوله أهل الشر من أفكار شيطانية.
لم يعد هناك من يركن إلى ما يحاولون حياكته من ألاعيب وحيل، يخلطون فيها الأمور بأمور، ويقلبون فيها الحقائق رأسًا على عقب، فيصدعوننا بشعارات متلوفة، وكلام ابن عم حديث، يطلقونه من وراء أزرار الكيبودر حول العالم.
تعمل مصر بأقصى جهد، وأعلى قدرة.
لم يحدث، على مر تاريخ القضية، أن أمسكت مصر اليد عن دفاع مستحق، ولم يحدث أن غضت الطرف عن المضى فى الطريق لاستعادة حقوق مشروعة لشعب يناضل فى سبيل وطن.
تسعى مصر، وتتصدى، بينما يرقص أهل الشر رقصتهم الأخيرة.
يرقص أهل الشر رقصة المذبوح، فيما تدفع مصر من جانب آخر ثمن التصدى بكل قوة لمخطط التهجير.
على مواقع التواصل يحاول بعضهم تحميل القاهرة وزر الرفض الإسرائيلى إدخال المساعدات!
طيب.. ده كلام؟!
-2-
تقارير صحفية بدأت مؤخرًا فى الإشارة إلى شىء من التماهى بين أغراض الوحدة 8200 الإسرائيلية، وبين مستهدفات جماعات أهل الشر حول العالم.
هناك إشارات وتحليلات تشير إلى أنه إن لم يكن هناك تنسيق، فعلى الأقل هناك استفادة متبادلة بين الطرفين.
تظهر الاستفادة المتبادلة، من محاولات استهداف الشارع المصري بكم هائل من الشائعات لتشويه وإضعاف المؤسسات المصرية، باختلاق أبعاد غير حقيقية لأحداث داخلية، أو محاولة ترسيخ تفسيرات غير صحيحة، لتداعيات أحداث إقليمية تسارعت الفترة الأخيرة، فى نقاط متباعدة على خريطة الإقليم.
وسط ظروف فى المنطقة شديدة التعقيد، ووسط نيران تشتعل على نقاط عدة على الخريطة، تسعى كتائب أهل الشر لإرباك المواطن المصري، وزرع الشكوك فى الدولة، وفى المؤسسات.
استغلالاً للأحداث المحيطة، بالخصوص ما بعد 7 أكتوبر، عمدت تلك الحملات، من هنا ومن هناك، لمحاولة تشويه دور القاهرة والتقليل من جهودها لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية.
فى المناسبات تتنامى تلك الحملات، وبالتزامن مع الأحداث الجسام، تتزايد الوتيرة، وتشتعل مواقع التواصل.
منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، كانت أن تصاعدت موجة جديدة من حملات تنامت، وتسربت، وتضخمت، ليصل الأمر متنهاه، بأن بعضهم كاد أن يحمِّل القاهرة وزر هجوم حماس على إسرائيل!
لم يفقد إخوان الإرهاب فقط الاتزان، إنما فقدت تلك الجماعة، كل ما كان فى حوزتها من احتمالات بأن يميل إلى تصديقها ولو قليل من المصريين.
-3-
الساعات الأخيرة دخلت الشاحنات المصرية بالمساعدات قطاع غزة.
سبق دخول الشاحنات ماراثون دبلوماسى مصري، بجهود لم تتوقف، لإنقاذ أكثر من مليون ونصف مليون فلسطينى، وسط حصار فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلى.
ظهرت دعوات التجمهر أمام السفارات المصرية، بينما شاحنات المساعدات متوقفة على الجانب المصري من معبر رفح ترفض إسرائيل دخولها.
ناور أهل الشر، وما زالوا يناورون، لكن ثوابت مصر معروفة.. ومنطلقاتها محددة.
جهود القاهرة لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية لا يمكن نكرانها أو المزايدة عليها.
لعبت مصر دورًا رئيسيًا فى الوساطة وصولا إلى وقف إطلاق النار مرتين، أفضت جهود مصر فى المرتين إلى دخول المساعدات الإنسانية، بالتزامن مع تبادل الإفراج عن الرهائن وعن الأسرى.
مصر وسيط أساسى فى المفاوضات الجارية، ومصر لاعب أساسى فى التحركات الدولية لإنهاء معاناة الشعب، وإنهاء احتلال أراضيه.
لا تسعى مصر إلى وقف إطلاق النار فقط، إنما السعى المصري متراكم تاريخيا لتنفيذ حلول مستدامة غير منقوصة.. ولا مبتورة.
تسعى مصر إلى حل الدولتين، لأنه لا بديل لإنهاء النزاع فى الإقليم، إلا بحل مشروع وعادل للمسألة الفلسطينية. جهود القاهرة معروفة فى هذا الإطار، وإجراءاتها فى هذا الاتجاه مستمرة منذ سنوات.
بدأت مصر قبل الجميع فى العمل على توحيد الصف الوطني الفلسطينى، باعتبار تلك الوحدة شرطًا أساسيًا لتأسيس كيان وطني فلسطينى مستقل.
تصدت مصر لمحاولات مختلفة لتصفية القضية ومحوها. واليوم، يدفع المصريون ثمنا للموقف الصلب رفضًا للتهجير، وبالأحرى تفريغ القضية والمسألة الفلسطينية من شعبها.
نشاط الحملات ضد الدولة المصرية، فى هذا التوقيت، وفيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية الآن، لا بد أن يثير التساؤلات حول ما وراءها من أهداف.
لا جدال فى أن هناك من يحاول التصويب نحو صورة دولة قوية، ما تزال رغم كل الضغوط، تقف بثبات فى دعم حقوق الفلسطينيين.
لا جدال أيضًا فى أن هناك من يعمل بدأب، على محاولة جر مصر فى معارك لا يناسبها خوضها فى هذا التوقيت، ولا جدال فى أن هناك من يحاول أن يظهر للعالم الافتراضى أمورًا هى الأخرى افتراضية، لم تحدث، ولم يسبق لها أن حدثت، ولا يمكن تصور حدوثها فى المستقبل.
لا تكتب مواقع التواصل التاريخ، بينما لا تطلب مصر جزاءً ولا شكورا.