د. حسام عطا
المشروع القومي للقراءة.. ومدح العمة "لولو"
بينما كنت أراجع المسيرة المهنية للنجمة المصرية الكبيرة لبنى عبدالعزيز استجابة لرغبة الإعلامي المتألق محمد السماحي للاحتفاء بها معي في برنامجه شارع الفن، تحقيقًا لاهتمام ملحوظ من الإعلامي خالد الأتربي رئيس القناة الفضائية المصرية بالتركيز المكثف المضيء على الرموز المصرية التي خدمت مصر في كافة المجالات، والفنانة الكبيرة لبنى عبدالعزيز رمز مصري من هؤلاء الرموز التي تستحق الاحتفاء والدراسة والفهم لاستعادة الأدوار الفاعلة في مجال الفنون والثقافة والإعلام في مصر.
وبمراجعة سيرتها المهنية الثرية، لاحظت أن الإنجاز الأهم لها هو المسار المنهجي الأكثر أهمية وانتظاما واستمرارًا في حياتها العملية، ألا وهو مسار ثقافة الطفل. وهو يمثل بدايتها الأولى في الحياة العامة، وهو برنامج ركن الأطفال الذي كانت تقدمه في البرنامج الأوروبي، وتنويعاته في برنامج العمة "لولو".
جدير بالذكر أن هؤلاء الذين يهتمون بثقافة الطفل والناشئة هم من يعملون بصدق وفي الهامش الثقافي والإعلامي والفني من أجل المستقبل. وهكذا تذكرت المشروع الأهم في الثقافة المصرية والذي أطلقته السيدة الفاضلة سوزان مبارك ألا وهو القراءة للجميع.
وبحثت عن اهتمام جديد للدولة في هذا الشأن يعوض ذلك الاهتمام القديم، فتذكرت متابعتي المتقطعة للمشروع الوطني للقراءة، وهو مشروع ثقافي تنافسي يهدف إلى توجيه أطفال مصر وشبابها لمواصلة القراءة الوظيفية الإبداعية، التي تمكنهم من تحصيل المعرفة والعمل على تطبيقها في الواقع.
وفي إطار تكاثر النشر الإلكتروني للكتب والمجلات المتخصصة والدوريات ومواقع هيئات ودور النشر المتعددة والمكتبات الإلكترونية المجانية مدفوعة الثمن اليسير. ولا شك أن النشر الإلكتروني قد حقق إتاحة واسعة لنشر وتداول الكتب، وهو إضافة كبيرة، وثورة هائلة في عالم إصدار الكتب وتداولها.
وفي ظل اهتمام الدولة المصرية بالمعرفة، وإطلاق بنك المعرفة المصري وهو مكتبة رقمية كبيرة تقدم مصادر غير محدودة حصريًا للمصريين، وقد أطلقها المجلس التخصصي للتعليم والبحث العلمي في إطار مبادرة السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي عام 2014 والمعنونة بعنوان شارح لها وهو "نحو مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر".
وهكذا تم إطلاق بنك المعرفة المصري الذي يجب تذكير المصريين بضرورة التفاعل معه والاستفادة منه، في يناير 2016، لأنه أحد أهم المشروعات القومية المعرفية في مجال التعليم والقراءة في مصر.
أيضًا وفي ظل اهتمام دور النشر الخاصة والعامة بالنشر الإلكتروني عبر الشبكة الدولية للمعلومات وعبر بيع الأقراص المدمجة، وكذلك الحضور الواضح لمبادرة الهيئة المصرية العامة للكتاب في مجال النشر الإلكتروني والمبادرة الاستيعادية التي تطرح إعادة نشر وطباعة أمهات الكتب بمقدمات تخصصية معاصرة، والتي أطلقتها الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويشرف عليها الشاعر المختلف والناقد النادر جرجس شكري والذي توفر عليها بكل إخلاص واهتمام .
ومع اقتراب إطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب والاهتمام الواضح بتطويره وتحديث نسخته الجديدة في أرض المعارض الحديثة بالقاهرة الجديدة، ولكل الأسباب التي ذكرتها عادت إلى مقدمة اهتماماتي مرة أخرى تلك العلاقة التي طالما شغلت تفكيري، وهي العلاقة بين الكتب والقراءة والمسرح والفنون التعبيرية.
خاصة مع الحضور الواضح للمزج بين المعلومات والكتب والمعرفة وعالم التكنولوجيا الأثيرية المسموعة المرئية.
ولأن الخطة العشرية التي أطلقتها الدولة المصرية لمدة عشرة أعوام بدعم مالي هو نصف مليار جنيه، لتفعيل المشروع الوطني للقراءة، لهي خطة تستحق المبادرة الفردية والمؤسسية والمجتمعية للتفاعل معها، عدت لأفكر على وجه الخصوص في مشروع قديم لا يزال حيًا كنت قد شرعت في العمل فيه عام 2007 مع الشاعر الكبير شوقي حجاب ، وتعثر تنفيذه، وهو مشروع حيوي لجذب المتابعين للبرامج المسموعة المرئية نحو القراءة والكتب.
أطرحه متاحًا لمن يبادر بتنفيذه من الفنانين والمهتمين، وهو أمر متاح لأن الأفكار متاحة للجميع وليست ملكًا لأحد.
ولذلك أعيد طرحه للتداول العام متاحًا للجميع على سبيل تداول الأفكار، وهو الدور الواجب على العاملين بمجال الفنون لرد حق المصريين الذين يدفعون لنا شهريًا كي نعيش، ولذلك علينا أن نفكر من أجلهم بلا مقابل.
والمشروع هو مشروع القراءة والدراما الإبداعية "تطور المدارس خطوة نحو المستقبل". وهو مشروع في جوهره يقوم على خلق صلات وثيقة بين فعل القراءة والخيال عبر الحكي الدرامي، وممارسة ألعاب الفن المسرحي.
ومكانه الأول والأهم هو المدرسة، ذلك أن المدرسة هي المكان المحايد الإيجابي القادر على عزل الطفل عن محيطه الاجتماعي وإعادة إنتاجه من جديد.
وذلك عبر الحكي المسرحي للكتاب وتحويله إلى مادة جذابة تدفع لقراءته، والتفاعل معه وتحويل القارئ/ المشاهد المستهدف، خاصة الأطفال في المدارس الأولية إلى مشارك يطرح الأسئلة ويعبر عن فهمه للكتب والحكايات، ويقوم عبر اللعب الإيهامي بتجسيد هذا الفهم الإبداعي للقراءة.
وهو أمر متاح عبر إتاحة الفرصة لخريجي كليات التربية النوعية، والأخصائيين الفنيين في وزارتي التعليم والثقافة، لممارسة الدراما الإبداعية.
وربما يحتاج الأمر لورش عمل جماعية تدريبية في بداية الأمر، كي ينطلق الأفراد الفاعلون على أرض الواقع في مدارس ومكتبات وأماكن التجمع المتعددة للأطفال والشباب في مصر.
كي نحقق الاستفادة الضرورية الممكنة من المشروع الوطني للقراءة لصالح أفعال القراءة والإبداع والابتكار معًا، وهو الأمر الذي يمكن التعاون فيه بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.