عاجل| ذكرى ميلاد عبدالناصر.. رجل لم يمت
عادل عبدالمحسن
تحل الذكرى 105 لميلاد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ثاني رؤساء جمهورية مصر العربية بعد أن استعاد المصريون حكم بلادهم بعد أكثر ألفي عام من الحكم الأجنبي، وتولى السلطة من عام 1956حتى وفاته سنة 1970، وأحد ابرز قادة ثورة 23 يوليو 1952.
وُلد جمال عبد الناصر، في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية، لأسرة تنتمي إلى قرية بني مر بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، وانتقل في مرحلة التعليم الأولية بين العديد من المدارس الإبتدائية حيث كان والده دائم التنقل بحكم وظيفته في مصلحة البريد، فأنهى دراسته الإبتدائية في قرية الخطاطبة إحدى قرى دلتا مصر، ثم سافر إلى القاهرة لاستكمال دراسته الثانوية، فحصل على شهادة البكالوريا من مدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة في عام 1937.
بدأ عبد الناصر حياته العسكرية وهو في التاسعة عشرة من عمره، فحاول الإلتحاق بالكلية الحربية لكن محاولته باءت بالفشل، فاختار دراسة القانون في كلية الحقوق بجامعة فؤاد "القاهرة حالياً"، وحينما أعلنت الكلية الحربية عن قبولها دفعة استثنائية تقدم بأوراقه ونجح هذه المرة، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان في يوليو 1938 .
وعمل جمال عبد الناصر في منقباد بصعيد مصر فور تخرجه، ثم انتقل عام 1939 إلى السودان ورُقي إلى رتبة ملازم أول، بعدها عمل في منطقة العلمين بالصحراء الغربية ورُقي إلى رتبة يوزباشي "نقيب" في سبتمبر1942 وتولى قيادة أركان إحدى الفرق العسكرية العاملة هناك، وفي العام التالي انتدب للتدريس في الكلية الحربية وظل بها ثلاث سنوات إلى أن التحق بكلية أركان حرب وتخرج فيها في 12 مايو 1948، وظل بكلية أركان حرب إلى أن قام مع مجموعة من الضباط الأحرار بثورة يوليو. شارك في حرب 1948 خاصة في أسدود ونجبا والفالوجا، وربما تكون الهزيمة العربية وقيام دولة إسرائيل قد دفعت بعبد الناصر وزملائه الضباط للقيام بثورة 23 يوليو 1952.
دوراً بارزًا في تشكيل وقيادة مجموعة سرية في الجيش المصري
كان للزعيم الراحل دوراً بارزًا في تشكيل وقيادة مجموعة سرية في الجيش المصري أطلقت على نفسها اسم "الضباط الأحرار"، حيث اجتمعت الخلية الأولى في منزله في يوليو 1949وضم الاجتماع ضباطاً من مختلف الإنتماءات والإتجاهات الفكرية، وانتخب في عام 1950 رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار، وحينما توسع التنظيم انتُخبت قيادة للتنظيم وانتُخب عبد الناصر رئيساً لتلك اللجنة، وانضم إليها اللواء محمد نجيب الذي أصبح فيما بعد أول رئيس جمهورية في مصر بعد نجاح الثورة. في 23 يوليو 1952 قام التنظيم بثورة وأذاع البيان الأول لها بصوت محمد أنور السادات وأجبرت الحركة الملك على التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في 26 يوليو 1952. وبعد أن استقرت أوضاع الثورة أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط الأحرار، وأصبحت تعرف باسم مجلس قيادة الثورة وكان يتكون من 11 عضواً برئاسة اللواء أركان حرب محمد نجيب، غير أنه سرعان ما دب الخلاف بين عبد الناصر ومحمد نجيب مما أسفر في النهاية عن قيام مجلس القيادة برئاسة عبد الناصر بمهام رئيس الجمهورية، ثم أصبح في يونيو 1956 رئيساً لجمهورية مصر العربية .
ويوم 26 يوليو 195، قدم ناصر خطابًا في الإسكندرية أعلن فيه تأميم شركة قناة السويس كوسيلة لتمويل مشروع سد أسوان في ضوء إنسحاب القوات البريطانية الأمريكية، وتمسك بحق الشعب المصري في السيادة على الممر المائي.
وكانت القومية العربية الهاجس الكبير لدي الزعيم جمال عبد الناصر، حيث أصدر خلال حياته السياسية العديد من القرارات الهامة منها إعلان الوحدة مع سوريا عام 1958، ومساندته حركات التحرر العربية والإفريقية، و فى عام 1962 أعلن عن تأسيس الاتحاد الاشتراكى كتنظيم موحد يقود الحياة السياسية في مصر، ليكون بديلًا للاتحاد القومي. أعلن فى 9 يونيو 1967 خطابا للشعب تنحيه عن رئاسة الجمهورية وذلك بسبب نكسة 67 ، إلا أنه تراجع عنها فى اليوم التالى بعد خروج الملايين للتظاهر رفضاً لتنحيه. ثم قام بالعديد من الإصلاحات المحلية والتغييرات الحكومية فقد عين ناصر نفسه رئيسا للوزراء وقائدا أعلى للقوات المسلحة في 19 يونيو 1967 كمنصبين إضافيين.
ثم عمل على إعادة بناء القوات المسلحة المصرية، ودخل في حرب استنزاف مع إسرائيل عام 1968، لاستعادة الأراضي التي إحتلتها إسرائيل وأمر بشن هجمات ضد مواقع إسرائيلية شرق قناة السويس ثم حاصر القناة، وكانت أبرز أعماله في تلك الفترة بناء شبكة صواريخ الدفاع الجوي، ويوم 30 مارس من العام نفسه، أعلن ناصر بيانًا ينص على استعادة الحريات المدنية وزيادة استقلال البرلمان عن السلطة التنفيذية.
وشمل البيان بعض التغييرات الهيكلية الرئيسية الأخرى، حيث شنت حملة لتخليص الحكومة من العناصر الفاسدة، ووافق استفتاء شعبي على التدابير المقترحة لاحقًا. بعد إنتهاء مؤتمر القمة يوم 28 سبتمبر 1970، وتعرض ناصر لنوبة قلبية، ونقل على الفور إلى منزله، حيث فحصه الأطباء، ثم توفي بعد عدة ساعات، و كان السبب المرجح لوفاته هو تصلب الشرايين، والدوالي، والمضاعفات من مرض السكري منذ فترة طويلة، ولم يكن الجمهور على دراية بحالته الصحية، وبعد الإعلان عن وفاة عبد الناصر عمت حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي، ثم خرجت مسيرات بعشرات الآلاف تحمل نعوشاً رمزية لعبد الناصر فى مختلف أنحاء الوطن العربى من الخليج إلى المحيط ، كما أن هناك رؤساء دول بكوا فى جنازة القائد الراحل على الهواء وأمام الملايين بعد أن رحل الزعيم الذي سخر حياته لنصرة العرب وتوحيد كلمتهم ورفع راية القومية العربي.