عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لماذا وثيقة «ملكية الدولة» الآن؟

لماذا وثيقة «ملكية الدولة» الآن؟

تدخل وثيقة سياسة ملكية الدولة قيد التنفيذ. مصر أول دولة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا تصدر مثل هذه الوثائق. 



مزيد من الإضافات إلى مسيرة الاقتصاد المصري فى ظل أزمات تعصف بالعالم، استطاع فيها الاقتصاد المصري، رغم عنف الأزمات العالمية، وشدتها، وتعقدها وتشابكها التماسك.. مرة بامتصاص تداعيات الأزمات، ومرة بالقدرة على التخفيف من آثارها على المواطن.

وثيقة سياسة الملكية انتقال آخر لشكل وآلية الاقتصاد المصري، هدفه الأول جذب الاستثمارات الأجنبية، ومزيد من الفرص الممنوحة  للقطاع الخاص، فى محيط اقتصادى متماسك.. أفرزته جهود مضنية خلال 8 سنوات مضت.

(1)

فى الحديث عن الوثيقة، أطلق البعض تعبير «تخارج» الدولة من بعض المشروعات. تخارج الدولة ليس لفظًا مناسبًا كما أرى، اللفظ الأكثر مناسبة هو رغبة الدولة فى منح القطاع الخاص مزيدًا من الفرص للعمل والإنتاج.

استقر الاقتصاد المصري، وآن الأوان لتوسيع مساحة القطاع الخاص. 

تستهدف الدولة مشاركة تصل إلى 65 % من هذا القطاع فى العملية الاقتصادية.

إصدار الوثيقة والعمل بها فى الوقت الحالى، تزامن مع أرضية اقتصادية هائلة ومتنامية ومستدامة وقادرة، تكونت خلال 8 سنوات مضت، استعدلت فيها الدولة الأوضاع المهترئة على مستوى الرسومات والمعادلات الاقتصادية من عام 2013.

غيرت إجراءات الدولة المصرية وقراراتها الاقتصادية الشجاعة لإعادة الدماء إلى الاقتصاد من البيئة والشكل والهيكل فى سوق المال والأعمال وفى الاقتصاد القومى.

مهم هنا الإشارة إلى أن الدولة دخلت بثقلها فى الاقتصاد القومى المصري فى 2014 وهو الوقت الذي لم يكن هناك فيه حلول إلا دخول الدولة بالثقل، فى وقت كان الاقتصاد المصري يقترب من «الحديدة» كما التعبير المصري الدارج فى الشارع، ووقتما كان القطاع الخاص، إما خائفًا أو منكمشًا، أو مترقبًا لما تصل إليه الأمور بعد فوضى 2011.

كانت أموال القطاع الخاص مجمدة، أو محاطًا عليها ومتحوطًا عليها لدى أصحابها ترقبًا لما سيأتى. بعدما استعادت الدولة نفسها فى 2014 كان الاقتصاد المصري قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس.

وقتها اتخذ عبدالفتاح السيسي قراراته الشجاعة بأن تتحمل الدولة المسؤولية كاملة، وأن تتحمل الخوض فى خطط التنمية، وأن تتحمل الدولة وحدها الاستثمارات فى المشروعات القومية الكبرى، وفى الصحة وفى النقل وفى المدن الجديدة، وحتى فى القطاعات التي لم يكن خافيًا فيها على أحد عام 2014 أن القطاع الخاص «متخوف على الدخول فيها». 

استثمار الدولة فى مشروع قومى أكبر مثل حياة كريمة نموذج ومثال.

توجهات القطاع الخاص مؤكد مختلفة عن توجهات الدولة، يعمل القطاع الخاص وفق نظرية دوران رأس المال والعوائد السريعة طبقًا للتكلفة والمصروف والإيراد. 

لمّا دخلت الدولة بثقلها فى الاقتصاد، كانت حساباتها مختلفة ومخالفة، كان الهدف الأساسى المواطن المصري، وكان الهدف الأول هو إنقاذ وطن من عثرة اقتربت به إلى حافة الهاوية. 

كلمة حافة الهاوية ليست مبالغة، وصل الوضع عام 2013 بمصر إلى حافة الهاوية. لم يكن قد بقى على الهاوية إلا خطوات.. لولا ستر ربنا.

(2)

حان الوقت بعد سنوات طويلة من جهود الدولة، استعدلت فيها الاقتصاد إلى وثيقة سياسة الملكية.

بات المناخ جاذبًا ومفتوحًا للقطاع الخاص، وممهدًا لمراحل أخرى من الاستثمارات الأجنبية، ومواتيًا لمزيد من الاستثمارات العربية.

خلال 8 سنوات تمكنت الدولة المصرية من التأسيس لـ اقتصاد وطني قوى يتمتع بالمرونة والتنوع.

ارتكزت الدولة فى استراتيجيتها لإنقاذ الاقتصاد المصري بعد 2013 من الضياع فى زمن أوبئة حكم إخوان الارهاب على إنفاذ إصلاحات هيكلية فى الاقتصاد. أدت تلك الإصلاحات إلى بيئة متماسكة بالأرقام. ومناخ اقتصادى بالمعنى الحقيقى على صفحات الرسم البيانى وبشهادة المؤسسات العالمية.

تحسن الأداء المالى للدولة، وأظهر الاقتصاد قدرته بعد سنوات من المعاناة على امتصاص الصدمات وتجاوز أزمات. قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص تداعيات أزمة كورونا مثال.

قدرة الاقتصاد المصري على الاستمرار والصمود والتصدى رغم انعكاسات الأزمة الروسية الاوكرانية مثال آخر.

خلال 8 سنوات، عملت الدولة بسرعة وبقوة على دفع معدلات النمو للأمام، إضافة إلى تعزيز البنية التكنولوجية والتحول الرقمى والشمول المالى، وتعظيم الاستفادة من الأصول غير المستغلة.

نجحت الدولة فى إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، ودعمت بالإجراءات استقرار معدلات الدين العام. استقرار معدلات الدين دعم قدرة الاقتصاد على تحقيق نمو متوازن ومستدام. أصبحت مصر واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا فى المنطقة، وهو الوضع الذي أكسبها ثقة كبرى من المؤسسات الاقتصادية الدولية.

عملت الدولة بالتوازى مع الإصلاحات الاقتصادية، على تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية.

فى الأزمات، كان المواطن المصري على رأس الأولويات. حتى فى مراحل إعادة بناء الاقتصاد بعد 2014، كان حق المواطن أساسًا. وكان حقوق الأولى بالرعاية على رأس الأولويات. كان اهتمامًا أكبر أظهرته إجراءات حماية اجتماعية غير مسبوقة. رفع الحد الأدنى للأجور 5 مرات مثال. إصلاح منظومة الدعم، ووصوله إلى ما هو عليه الآن مثال آخر.

تأسيس برامج مختلفة ربما على رأسها «تكافل وكرامة»، ووصولها إلى ما يزيد على 5 ملايين أسرة مؤخرًا مثال آخر. 

الأرقام لا تكذب.. ففى عام 2013 سجلت معدلات نمو أقل من 2 %.. وحجم الاستثمارات العامة 110.5 مليار جنيه. 

قبل أزمة كورونا عام 2020 سجلت معدلات النمو أكثر من 5 %، وبالرغم من أزمة كورونا وصلت حجم الاستثمارات العامة 560.2 مليار جنيه، وتراجع العجز الكلى من الناتج المحلى الإجمالى لـ 7.4 %.

عام 2014، سجل مؤشر البطالة حوالى 14 %، وبحلول عام 2021 كانت ثمرة الإصلاح الاقتصادى قد أسفرت عن معدل بطالة 7 %.

(3)

تعول الدولة كثيرًا على القطاع الخاص. المجالات مفتوحة بعدما مهدت الدولة الأرض لرجال المال ورؤوس الأموال وكيانات الاستثمار.

وثيقة سياسة ملكية الدولة أطلقت فى الوقت المناسب، فى إشارة واضحة على رغبة الدولة فى مزيد من تهيئة مناخ الاستثمار بإجراءات شاملة.

تعزز الوثيقة الناتج المحلى الإجمالى على المديين المتوسط والطويل، مع تنظيم علاقة مؤسسية بين الدولة والقطاع الخاص فى مختلف الأنشطة الاقتصادية. حددت الوثيقة 62 من الأنشطة الاقتصادية التي تخرج منها الدولة لصالح القطاع الخاص.

دخول الوثيقة حيز التنفيذ يفتح المجال لضخ استثمارات جديدة فى الاقتصاد، فى مزيد من القدرة على مواجهة تحديات التداعيات السلبية المتلاحقة لأزمات يشهدها العالم.. ولا يعرف العالم متى تنتهى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز