عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ثمن الوقت.. وسلامة العقد.. والاستثناء الثلاثي.. في رسائل الرئيس

ثمن الوقت.. وسلامة العقد.. والاستثناء الثلاثي.. في رسائل الرئيس

بعث الرئيس عبد الفتاح السيسي، برسائل بليغة للشعب المصري، على هامش افتتاح مصنعي الغازات الطبية والصناعية، ومحطة توليد الطاقة الثلاثية، بمجمع مصانع شركة النصر للكيماويات الوسيطة، بـ"أبو رواش" بمحافظة الجيزة اليوم.



 

الرسائل التي لا تخطئها عين مدقق، حملت إجابات حول تساؤلات تشغل الرأي العام المصري، مطمئنة للمنتقدين على أرضية وطنية لبعض إجراءات الدولة، وقاطعة في الوقت ذاته الطريق على المتربصين ومروجي الشائعات لأهداف معادية.

 

كما حملت الرسائل، تفسيرات لفلسفة الدولة في مواجهة المشكلات، وأهدافها قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى من المشروعات القومية وآثارها الحقيقية، الاقتصاد الوطني، وحياة المواطن المصري، وتعزيز القدرة الشاملة للدولة على مجابهة التحديات.

 

تنوع الرسائل بين الاقتصادية والاجتماعية، والتنموية والزراعية والصحية، يُشير إلى أن الدولة تمتلك عقلًا استراتيجيًا، وفلسفة تنطلق منها القرارات كافة، والمشروعات، مجملها إيجاد حلول جذرية لمشكلات كل القطاعات، بما يعزز قوة مكونات القدرة الشاملة للدولة.

 

فالدولة المصرية، تحمل رؤية واضحة لمجابهة التحديات بحلول جذرية، تكمن في تعزيز قدرات الدولة لمضاعفة الإنتاج المحلي في جميع القطاعات، بما يُعزز من الناتج المحلي، والاكتفاء الذاتي ويخفض من الكلفة الدولارية للاستيراد، يقابلها نمو لمصادر العملة الأجنبية من فائض التصدير.

الرسالة الأولى:

المشروعات القومية تُسهم في توفير إنتاج محلي للسلع الأساسية التي لا غنى للمواطنين عنها، وفي القلب منها مشروعات الدلتا الجديدة والتنمية الزراعية التي تحقق معدلات أعلى من الاكتفاء الذاتي المطلوب لتعزيز الأمن الغذائي.

لكن الزراعة تتطلب مستلزمات إنتاج، في القلب منها الأسمدة الأزوتية، التي تتضاعف أسعارها نتيجة الاستيراد من الخارج لتلبية متطلبات السوق المحلية، بما لذلك من انعكاسات على أسعار السلع الرئيسية للمواطن المصري.

 

ومن هنا يأتي تعاظم استثمارات الدولة في إنتاج الأسمدة، ليبلغ المستهدف 700 ألف طن سنويًا، إسهامًا مباشرًا في تلبية احتياجات السوق المحلية والتوسع في التنمية الزراعية، لتقدم للمواطن بأسعار محلية أقل من 50% من كلفتها الحقيقية، حفاظًا على مستويات الكلفة الإنتاجية، وبالتالي حماية المستهلك من زيادات إضافية للأسعار.

 

وهنا تحدث الرئيس ببساطة عن أن "الدولة تدعم الوقود والأسمدة من جيبها لا من جيب المسؤولين، بهدف منع ارتفاع سعر الأسمدة إلى ضعفين، لعلم الدولة أن هذه الزيادة حال حدوثها ستدفع المزارع لزيادة أسعار المنتجات على المواطنين".

 

الرسالة الثانية:

 

رد فيها الرئيس على بعض الآراء، التي تدعو إلى الحد من المشروعات القومية في ظل الأزمة الاقتصادية ونقص الدولار، مؤكدًا أن توقف المشروعات القومية لن يوفر دولارًا بل العكس.

 

وأوضح الرئيس فلسفته في هذا الأمر، مشيرًا إلى أن الأزمات تنشأ بسبب ضعف الإنتاج المحلي عن تلبية احتياجات السوق، فيكون الخيار استيراد ما يلزم لسد العجز، وهو ما يعني كلفة دولارية.

 

بينما الحل يكمن في التوسع في المشروعات القومية لتعزيز القدرة الإنتاجية، بما يُعظّم من الناتج المحلي، ويوفر الكلفة الدولارية اللازمة للاستيراد، ويخلق فرص عمل، ويُتيح السلع بالجنيه المصري، ويُعظّم فرص الاستثمار.

 

وتطرق الرئيس هنا لما أسماه "ثمن الوقت"، عند الحديث عن ضرورة الإسراع بإنجاز المشروعات اللازمة لمواجهة تحديات محددة، فقال نستورد سنويًا صودا آش للسوق المصرية بـ300 مليون دولار، ونشرع الآن في إنشاء مصانع لإنتاجها محليًا، ومن ثم كل عام تأخير في بلوغ مرحلة الإنتاج يعني كلفة على الميزانية 300 مليون دولار، داعيًا القطاعين العام والخاص للإسراع في إنجاز هذا المشروع، مؤكدًا النجاح لوجود سوق تستهلك بما قيمته 300 مليون دولار من السلعة.

 

و"الصودا آش"، هي كربونات الصوديوم، مركب كيميائي متعدد الاستخدامات.

 

وهنا دعا الرئيس المستثمرين، للوقوف على احتياجات السوق المحلية من قوائم المنتجات المستوردة من الخارج، لإنتاج ما يمكن إنتاجه منها محليًا.

 

الرسالة الثالثة:

 

الأمن المجتمعي ودور الدولة في اتخاذ الإجراءات، ووضع القواعد التي تحقق مقاصد الشريعة.

الأسرة هي اللبنة الأولى الأساسية في المجتمع، وتماسك المجتمع وقوته أحد أهم ركائز الأمن القومي، وقدرة الدولة الشاملة.

 

ومن هذا المنطلق، تأتي أهمية مشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي يستهدف علاج ثغرات مجتمعية، ومشكلات أسرية وحماية للأطفال الناتجين عن العلاقة الزوجية، التي تنتهي بالانفصال المصحوب بنزاعات قضائية.

 

وهنا كعادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يغوص في عُمق القضية، بحثًا عن حلول جذرية، تحقق مقاصد الشريعة والأمن المجتمعي.

فهنا تحدث الرئيس عما أسماه "سلامة العقد"، يقصد عقد الزواج الميثاق الغليظ، فيرى أن من حق طرفي العلاقة المقبلين على الزواج المصارحة، خاصة مع تطور العلم الذي يمكن من اكتشاف- بالتحاليل والكشف الطبي- ما يمكن أن يعكر صفو العلاقة الزوجية مستقبلًا من أسباب طبية أو ذات علاقة بالقدرة الإنجابية.

 

وأوضح الرئيس، أنه عندما دعا الأزواج الجدد- في حديث سابق- للتمهل عامين قبل الإنجاب، لم يكن الهدف من ذلك تنظيم الأسرة والحد من الزيادة السكانية، كما ظن البعض، ولكن السبب يكمن في تمكين الزوجين من بناء حياة سليمة من الفهم المتبادل، والتأكد من عزمهما الاستمرار معًا، حتى لا يدفع الطفل الثمن حال انفصالهما.

 

وهنا قال الرئيس، الانفصال يتحمله الزوجان حال عدم وجود أبناء.

 

وهنا تطرق الرئيس أيضًا لتوثيق الطلاق، من خلال دعوته المستشار عمر مروان وزير العدل لاطلاع الرأي العام على الخطوط العريضة لمشروع قانون الأحوال المدنية، الذي أكد وزير العدل أن اللجنة المعنية بصياغة مشروع القانون، تضم فقهاء قانون وعلماء علم نفس واجتماع واقتصاد، ورجال دين، على رأسهم مفتي الجمهورية؛ لضمان توافق مواد القانون مع مقاصد الشريعة.

 

وهنا أكد المستشار عمر مروان حصول اللجنة على موافقة كتابية من الأزهر الشريف ودار الإفتاء بتوثيق الطلاق، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه سيتم طرح مشروع القانون للنقاش المجتمعي قبل عرضه على مجلس النواب.

 

وهنا الرسالة، أن الهدف من القانون علاج ثغرات قانونية عجزت عن حماية حقوق وسلامة أطراف الأسرة المصرية، ولأهمية القانون الذي يمس بشكل مباشر حياة المواطن المصري، فإن تحقيقه لأهدافه سيكون عبر حوار مجتمعي يُبنى على التوافق؛ لتحقيق أفضل ما يمكن من الأهداف.

 

الرسالة الرابعة: 

الطلاق استثناء.. وحماية الأطفال من مقاصد الشريعة ودور تلتزم الدولة بأدائه. 

وهنا يؤكد الرئيس، أن النزاع القضائي الناتج عن الطلاق، يمثل الاستثناء الثالث.

بمعنى أن الزواج استثناء، وليس كل الزيجات تنتهي بالطلاق، بل قرابة 5% منها فقط تنتهي بالطلاق، وليس كل انفصال بين الزوجين يتبعه نزاع قضائي، فهناك من يدخل ويخرج من العلاقة بالمعروف.

وهنا ينظم القانون الزواج، من خلال كشف طبي، وتصريح تمنحه لجنة يرأسها قاضٍ، لضمان تحقيق القانون لأهدافه.

 

وينظم الطلاق، بشرط توثيقه، ليكون نشأة العلاقة أو إنهاؤها موثقين، لحماية أطرافها، وحماية حقوق الضحية، الأهم في الاستثناء الثالث (الطلاق المصحوب بنزاع قضائي)، وهم الأطفال.

وهنا يوضح الرئيس، حماية الأطفال، وإكرام اليتيم ليست شعارات نتركها لضمائر الناس، بل على الدولة مسؤولية اتخاذ الإجراءات وتنظيم القواعد التي تحقق مقاصد الشريعة، لافتًا إلى ما أسماه "الفترة الحرجة"، وهي تلك الفترة التي تفصل بين وقوع الطلاق وحصول المطلقة على حقوقها، من خلال حكم قضائي.

 

تلك الفترة الحرجة، التي كانت تمتد سنوات يكون فيها الأطفال بلا عائل ماديًا، وهنا اقترح الرئيس إنشاء صندوق رعاية الأسرة، لحماية هؤلاء الأطفال، وكذلك حقوق المطلقات حال عجز الزوج عن الإيفاء بهذه الحقوق.

 

وهنا يمول الصندوق من خلال رسوم يسددها المقبلون على الزواج، وهي تمثل 50% من مصادر التمويل، بينما تتحمل الدولة دعم الصندوق بقيمة مالية مساوية، وهنا يقدم القانون حلولًا لما ثبت للجنة صياغته، من خلال المعلومات الإحصائية.

 

هذا الصندوق جزء من الحل، بينما الحقيقة أن هناك حلولًا جذرية أخرى، تكمن في العدالة الناجزة في التقاضي بشكل عام وقضايا الأسرة بشكل خاص.

 

ففي لقاء جمعني بمعالي المستشار عمر مروان وزير العدل، منذ أسبوع، تطرق للعدالة الناجزة، وكشف أن 79 قضية فقط من قضايا الأسرة المقامة ما قبل 2020 متبقية في المحاكم، وما دونها من آلاف القضايا تم الفصل فيها.

 

وهنا جزء من الحل سرعة التقاضي، فبقدر سرعة الفصل في قضايا الأسرة، نخفف عن أصحاب الحقوق خاصة الأطفال من متاعب ناجمة عن انفصال الوالدين خاصة متطلبات النفقة، وحقوق الرؤية والحضانة.

 

الرسالة الخامسة: 

الصناديق السيادية، خاضعة لرقابة مؤسسات الدولة، وهدفها توفير ملاءة مالية تمكّن من تحقيق التنمية المستدامة.

 

وهنا طرح الرئيس مثالين، الأول: صندوق وزارة الصحة الذي يُسهم في إنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل، وتحمّل نفقات يعجز غير القادرين عن سدادها للاشتراك في المنظومة، والثاني: صندوق هيئة قناة السويس.

 

وقال الرئيس، إن الخطأ يكمن في عرض تعديل مشروع قانون هيئة قناة السويس، على البرلمان قبل عرضه على الإعلام والرأي العام، لافتًا إلى أن الهدف منه تمكين الهيئة من تحقيق ملاءة مالية للتنمية عبر مشروعات وتوفير ما يلزم لمواجهة الأزمات.

 

وهنا قدم الرئيس للرأي العام معلومة بهدف الإيضاح، مفادها أن دخل قناة السويس من عام 1972 حتى نهاية هذا العام بلغ 220 مليار دولار، متسائلًا في حال كان هناك صندوق يوضع به 10% فقط سنويًا من دخل القناة، لكان المبلغ بأرباحه اليوم 50 مليار دولار.

 

وأضاف الرئيس، البعض يتحدث عن مشروعات محتملة إقليمية، قد تؤثر سلبًا على دخل قناة السويس، وبفرض صحة ذلك، فإن أحد أهداف الصندوق خلق فرصة استثمارية تمثل عوائدها تعويضًا عن أي نقص في الدخل يتوقع حدوثه مستقبلًا.

 

وهنا كانت الرسالة أيضًا تفهم سبب القلق بشأن هذا الصندوق، وأن ليس كل من أبدى مخاوفه "مغرض"، بل الكثيرون وطنيون، والحوار كان واجبًا قبل الطرح على البرلمان لإزالة أي مخاوف.

 

ولمزيد من طمأنة المصريين، قال الرئيس لا مانع من طرح أسهم مشروعات شركة هيئة قناة السويس للمصريين فقط.

 

الرسالة السادسة:

توصيات المؤتمر الاقتصادي، يجرى تنفيذها بالتزام تام.

ومن بين تلك الالتزامات، الإفراجات الجمركية، ففي حين كانت هناك بضائع بقرابة 15 مليارًا محتجزة، فقد أفرجت الدولة- بحسب الدكتور مصطفى، مدبولي رئيس الوزراء- من بداية ديسمبر حتى 23 من الشهر ذاته، عن بضائع قيمتها 5 مليارات دولار، ويتبقى ما قيمته 9.5 مليار دولار، جارٍ إنجاز الإجراءات اللازمة بشأنها.

 

الرسالة السابعة:

إنتاج مستلزمات المستشفيات من الأكسجين والمعقمات والمطهرات، يعزز من قدرة الدولة على تلبية احتياجات منظومة الصحة في الأوقات الطبيعية، وفي أوقات الأزمات، وما يطرأ من مستجدات.

فالدولة لم تعبر أزمة جائحة "كورونا"، بإدارة حكيمة للأزمة فقط، جعلت خسائرها في أدنى مستوياتها، بل شرعت بأسرع ما يمكن في تحقيق إنجاز يمثل درسًا مستفادًا، بإنشاء مصنعين لإنتاج الأكسجين الطبي المُسال، والكلور والصودا ومشتقات مستلزمات التطهير، ومحطة طاقة ثلاثية، روعي فيهم اشتراطات بيئية تحد من البصمة الكربونية.

وهنا بات لدى شركة النصر للكيماويات قدرة على تلبية احتياجات 280 مستشفى من الأكسجين والمطهرات، بقدرة إنتاجية ١٠٠ ألف طن أكسجين مسال سنويًا، في حين كان الإنتاج قبل دخول المصنعين رقمي 4 و5، يكفي 135 مستشفى فقط.

وهنا الرسالة، أن الدولة تعزز قدراتها لتوفير احتياجات التوسع في بناء المستشفيات، لمواجهة العجز في أسرة العناية المركزة، وتستعد في الوقت ذاته لمواجهة أي أزمات طارئة، وجميعها إجراءات تستهدف خدمة المواطن صحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.

 

الرسالة الثامنة: 

تقدم الدولة يتطلب صبرًا وتكاتفًا من جميع مكوناتها الرسمية والمدنية.

وهنا تحدث الرئيس عن ضرورة تكاتف المجتمع المدني والقطاع العام والخاص؛ لتحقيق مستهدفات التنمية الشاملة، لتحسين جودة الحياة ومتطلبات المواطنين.

وما زال هناك العديد من الرسائل المطمئنة للمصريين على أن الغد أفضل بإذن الله، وأن ما يُنجز يمثل حلولًا جذرية لتحديات فرضتها تراكمات محلية وأزمات عالمية.

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز