عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
دفتر عزاء الكاتب الصحفي مفيد فوزي
البنك الاهلي
سيد الحوار.. سلامًا

سيد الحوار.. سلامًا

في منزل الأستاذ "هيكل" نهاية سبتمبر الماضي التقيته لآخر مرة.. كانت المناسبة إعلان جوائز "مؤسسة هيكل" للصحافة العربية.. دخل الأستاذ "مفيد" مع وحيدته "حنان"، الصحفية اللامعة والصديقة العزيزة.. بدا متعبًا وهي تسنده بيدها وبمشاعرها، فقد كان خارجًا لتوه من أزمة صحية طالت، وربما كانت تلك هي المرة الثانية أو الثالثة التي يغادر فيها منزله.



بسعادة حقيقية لتعافيه رحبت به أسرة الأستاذ هيكل وأصدقاؤه وتلاميذه الحاضرون، وبصوت ضعيف رد التحية وجلس صامتًا لدقائق لم تطل، فحين بدأ الحديث عن الصحافة وقضاياها انطلق صوته يقظًا متحمسًا كما نعرفه، بل وتحدث عن حوار جديد يستعد له، وصفه بأنه غير متوقع ومع شخصية لم تتحدث من قبل، ولم تنجح محاولاتنا جميعًا في أن ننتزع منه اسم هذه الشخصية بينما لمعت عيناه بسعادة خفية كونه نجح في إثارة فضولنا.

 

بين مكتبه بمبنى "روزاليوسف" وبيته الشهير أمام نادي الصيد ووسط شوارع مصر من أقصاها إلى أقصاها ومع ناسها، بسطائهم ونجومهم وحكامهم، عاش الأستاذ "مفيد" حياته ومعاركه أو لنقل "معركة حياته"، فهو رجل تلبسته الصحافة حتى أصبحت أيامه جولة تنتهي، وأخرى تبدأ بلا انقطاع، وهو يبثها بثًا مباشرًا، مقالات وحوارات فوق الصفحات وعلى الشاشات بلا كلل، من جيل إلى جيل ومن عهد إلى آخر على مدى أكثر من ستين عامًا.

 

اختلفنا كثيرًا في "روزاليوسف" كجيل مع أسلوب ومنهج "مفيد فوزي"، لكننا لم نختلف أبدًا عليه ككاتب وصحفي ومقدم برامج بارع وكأحد سادة الحوار، وقبل هذا وبعده كأحد أيقونات "روزاليوسف" المتجددة الباقية.

 

حين تولى رئاسة تحرير مجلة "صباح الخير"، كنا شبابًا في بداية الطريق، وكان وجوده في قيادة "صباح الخير"، يمثل تحديًا مهنيًا بشكل ما لنا في مجلة "روزاليوسف"، فقد كنا نُدرك أنه سيعيد لـ"صباح الخير" الشقيقة الصغرى وهجها وقوتها وانتشارها وهو ما حدث فورًا بالفعل، ورغم أن " صباح الخير" ليست مجلة سياسية إلا أننا أصبحنا أمام منافس قوي في قضايا المجتمع الشائكة، وفي الفن والثقافة، وأيضًا في فنون الصحافة.

 

وفي تقديري فإن قيادة الأستاذ "مفيد" لـ"صباح الخير"، كانت حافزًا غير معلن لانطلاقة مجلة "روزاليوسف" الكبيرة في التسعينيات والتي تواصلت بقوة.

 

قائد "صباح الخير"، المنافس، كان هو في الوقت نفسه ابن "روزاليوسف" المخلص، وقد تعلمت منه كثيرًا حين كنا نستكتبه بمقالاته وحواراته وحلقاته الصحفية المسلسلة، وكنت متواصلًا معه باستمرار سواء وأنا في "ديسك روزا المركزي"، أو وأنا مدير لتحريرها.. وسأظل أحمل للأستاذ "مفيد" أنه لم يتأخر يومًا في تلبية دعوتي له ليدعم بمشاركته برامج تليفزيونية شاركت في صنعها، ولم يخذلني يومًا في قضايا شائكة وأوقات مفصلية أحجم كثيرون عن الظهور فيها.

 

"مفيد فوزي"، الصحفي المصري الكبير، الذي غادرنا اليوم هو من أطلق مقولة "انجح بالتقسيط"، ونصح بها كثيرين حماية لهم من أحقاد ووشايات وأطماع البعض، لكن المؤكد أن "مفيد" نفسه لم يعمل بهذه النصيحة، فقد بدأ نجاحه واستمر صاخبًا ساطعًا مثيرًا للجدل.. كان دائمًا بحرًا يصارع أمواجه وتصارعه، ولم يكن أبدًا نهرًا يسير في هدوء.

 

هكذا أراد لحياته وهكذا أرادت له الحياة.   

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز