«توظيف التقنيات الحديثة في الإبداع» أولى محاور مؤتمر إقليم القاهرة الأدبي
محمد خضير
نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة المخرج هشام عطوة، بإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي، المؤتمر الأدبي الثاني والعشرين تحت عنوان "الأدب والتقنيات الحديثة" دورة المترجم الراحل أبو بكر يوسف أبو جليل، والذي جاءت جلسته البحثية الأولى والمحور البحثي الأول، بعنوان "توظيف التقنيات الحديثة في الإبداع" أدارها الدكتور علي مطاوع، حيث قدم محمد زين العابدين، دراسة بعنوان "الشعر والغناء فى زمن التقنيات الحديثة المتسارعة بين الاستفادة من الإمكانيات المذهلة والحفاظ على الجوهر"، أوضح في دراسته أننا نعيش عصر ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بكل تطبيقاتها فى مجال الحواسيب اللوحية، والهواتف، وبالتالي لم يعد الحديث عن اقتحام التكنولوجيا، وتطبيقاتها الرقمية، لعالم الأدب والشعر والغناء، حديثا مستغربا.
وقد أدى تزاوج الشعر والأدب مع التقنيات الحديثة، وثورة وسائل التواصل الاجتماعى، إلى حدوث تغييرات، وتطورات فى الشعر والأدب، أدت إلى خروجه من سطوة الوعاء الورقي التقليدى، إلى آفاق الفضاء الإلكتروني وشبكة الإنترنت، والأمر ذاته حدث بالنسبة للأغنية، والتي خرجت من قوقعة الأسطوانات التقليدية، وشرائط الكاسيت، واحتكار شركات التسجيلات، إلـى الفضاء الإلكتروني الواسع، والمنصات الرقمية على شبكة الإنترنت العالمية.
كما تحدث عن إيجابيات التقنيات الحديثة على عملية الإبداع حيث ساعدت التقنيات الحديثة، وثورة الإنترنت، على تسهيل النشر الإلكتروني عبر المنصات بالإضافة لسهولة نشر الكتاب الإلكتروني، مما ساعد الشعراء على النشر، بدون التعرض لتعقيدات النشر الورقى، فى وقت وجيز للغاية، وبتكاليف قليلة للغاية كما أتاحت التقنيات الحديثة إمكانية عقد الندوات الأدبية، والأمسيات الشعرية، عن طريق بعض البرامج الحاسوبية، التي تعمل من خلال الإتصال بشبكة الإنترنت، ومن أبرز سلبيات النشر الإلكتروني، أدى إلى الاستسهال فى النشر، والثناء على كتابات ركيكة اللغة والأسلوب، لا تحترم أبسط أدوات فن الشعر، فظهر من عوام الزائرين للفيسبوك، جمهور ممن يمارسون المديح، ومنح الألقاب لأصحاب بعض الكتابات الغثة.
كما تطرق للحديث عن ثورة الشعر الرقمي وما هو الشعر الرقمي وأنواعه، وفي ختام دراسته قدم توصية بضرورة الاهتمام بـزيـادة الـدراسـات حـول توظيف التقنيات الإلكترونية الحديثة فى الشعر والغناء، والقصيدة الرقمية بأنواعها، والأغنية الرقمية، وعقد ندوات، ودورات، وورش عمل، لشرح التقنيات الإلكترونية، والبرامج الحاسوبية المستخدمة فى إنتاج النصوص الشعرية الرقمية، لكى يتمكن المبـدعـون من إنتاج هذه النوعية من النصوص بأنفسهم، ووفق ذائقتهم، وتصورهم.
ثم قدم الدكتور محمد زعيمه، دراسة بعنوان "توظيف التقنيات الحديثة فى المسرح" أوضح خلالها أنه منـذ أن عرف الإنسان المسرح فـى شكله المتعارف عليه كنص وعـرض ومكان للعرض وجمهور وهـو يسعى إلـى تحقيق جماليات للعرض، وقد شـهد المسرح منذ القرن التاسع عشر محاولات تسعى نحو الواقعية ومشابهة الواقـع اعتمادا علـى أن المسرح محاكاة، وقـد تطـور مفهـوم المحاكة، عندما أصبح هنـاك المخرج المسرحي الذي أنهـى سـيطرة المؤلف، ومنـذ ذلـك الحين وهناك أحلام عديدة، خصوصا بعـد اكتشاف الكهرباء وسـهولة تحقيق الأحلام.
وأضاف أن اكتشـاف الكهربـاء بدايـة للثـورة الصناعيـة، حيث أسـفرت كهربـة المسارح حوالـى 1885 عـن ظهـور مئـات العـروض التـي جعلـت منهـا بطـلًا كان الهـدف إظهـار بريقهـا، ثم تطرق لاستخدام الشاشات السينمائية على المسرح وتأثيرها والتي سـاهمت فـى تحقيـق الإيهام بالواقـع لأن الشاشـة السـينمائية تحقـق البعـد الثالـث، ولديهـا سـهولة فـى تعـدد المشـاهد وفـى إبـراز الإنفاعلات وغيرهـا مـن الأشياء، كما تحدث عن الديكور المسرحي والتكنولوجيا الحديثة وأجهزة الكومبيوتر وتصميم السينوغرافيا، والإضاءة والتكنولوجيا.
واختتم حديثه بالمسرح الرقمي، حيث أصبحـت عمليـة الرقمنـة أساسية في المسرح فقـد اسـتخدمت فـى كل عناصـره الفنيـة، وهـو مـا أسـهم فيمـا عـرف بمسـرح الصـورة، حيـث أصبحـت لغـة الصـورة المرئية هـى اللغـة الأساسـية أو إحـدى لغـات العـرض المسرحي.
بينما قدم عمر شهريار، دراسة بعنوان "الواقعية النقدية ومحاكاة الواقع الافتراضى روائيًا" تحدث خلالها أنه ربما أصبح من الواضح سـطوة الثـورة التكنولوجيـة، وفـى القلب منها ثورة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعى والعالم الافتراضي، علـى العالـم الراهـن، بحيث يعتبرهـا الكثيـر مـن المنظريـن لا تقـل أهمية عـن الثورة الصناعية وما أحدثته آنذاك مـن انقلابات اجتماعية ومعرفيـة وثقافية وفـي شتى مناحي الحياة.
وأضاف أن نظـرة واحـدة كافيـة لنتأكـد أن الجميع منكفئ علـى هاتفه، يتحاور مـع عالمه الافتراضي، يتابعـه وينغمـس فيـه، مجتمـع مـن اختياره، يقدم نفسـه فيـه بالهوية التي يريدها، والتي قد لا تكون حقيقية البتة، باسـم افتراضي أحيانا، وبصفات افتراضية غالبـا حتى لـو باسمه الحقيقي، فقد احتلت الأسرة الافتراضية فـى الجروبـات والصفحات أو قائمة الأصدقاء، موقع الأسرة الحقيقية واصبحت بديلا عنهـا، وهذا ما يتضـح بشـكل فـادح فـى الاجتماعات العائلية حيث يوجد أفراد الأسرة فـى غرفة واحدة، لكنهم لا يتحدثون تقريبا، وكل منهم يعيش ويتواصل مـع أسرته الافتراضية عبر الهاتف إنها العزلة والانسحاب.
وأضاف أنه لـم يعـد الإنسان مسـتخدما للهواتـف بوصفها وسـيطا، بل أصبح هو نفسه وسيطا، عبـر قدرتـه علـى نقـل الأخبار والأحداث مـن خلالها، فقـد تحولت شـبكات التواصـل الاجتماعى إلى فضـاء عمالق بديلا عـن العالـم الواقعـي، وبالطبـع بديـلا عـن الصحـف والفضائيات ووكالات الأنباء، كما تحدث عن رواية "حرية دوت كوم" للروائي أشرف نصر، والتـي حاولـت تقـديم مقاربـة جماليـة لعالـم الواقـع الافتراضي.