فى تاريخ السينما نجمات كثيرات بدأن مشوار الأضواء فى سن مبكرة وكتبن تاريخًا كبيرًا أبرزهن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وظهرت على الشاشة عام 41 وكان عمرها 10سنوات فى فيلم «يوم سعيد» مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وفيروز أو الطفلة المعجزة وفأجا بها أنور وجدى عشاق الفن وهى فى سن 7سنوات بفيلم «ياسمين».. الأولى امتد عطاؤها الفنى 74عامًا واستحقت لقب سيدة الشاشة، بينما اكتفت فيروز بلقب الطفلة المعجزة رغم أن مشوارها الفنى لم يستمر 10 سنوات.
النجمة الثالثة هى « لبلبة» التي سبقت فاتن وفيروز وبدأت فى سن 5 سنوات لكن فى عام 51، أى أنها أصغر فنانة فى تاريخ السينما المصرية تعلن عن نفسها ولا تزال تواصل العطاء الفنى بحب وإصرار وتستحق أن تدخل موسوعة جينيس العالمية على 71 عامًا على العطاء والإبداع كما طالب الفنان محمود حميدة والمخرج أحمد عبدالعليم فى ندوة تكريمها وبالتالى فإن جائزة الهرم الذهبى لإنجاز العمر فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الـ44؛ تليق بها بل إنها تستحق كل هذا الحب الذي حاصرها فى ندوة تكريمها التي أدارها المخرج أمير رمسيس مدير المهرجان.
لبلبة أو «نونيا» السينما المصرية وهو اسمها الحقيقى نموذج غير مسبوق فى تاريخ الفن المصري وهى بامتياز «الفنانة المعجزة» والشاملة التيفجرت موهبتها بتقليد كبار النجوم ولها كتالوج غنائى بلغ (268 أغنية) والوحيدة التي جسدت مراحل عمرها على الشاشة من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى الآن، برصيد سينمائى بلغ (88 فيلمًا)، ولم يتوقف فترة بل إنها على عكس كل النجمات مثلت فى الفترة المحيرة على حد قولها فى الندوة وهى الفترة التي تنتقل فيها من الطفولة إلى المراهقة بتشجيع والدتها وهى أكبر المؤمنين بموهبتها منذ الصغر عندما لاحظت وهى فى الرابعة تقوم بتقليد كل من تراه من بائع الفول إلى «عمتها» وهذا ما دفع الأم إلى تقريبها من الوسط الفنى حتى تحمس لموهبتها واكتشفها أنور وجدى حتى قدمها نيازى مصطفى فى أول عمل سينمائى لها عام 51 فى فيلم «حبيبتى سوسو». ولنيازى مصطفى والكاتب أبوالسعود الابيارى الفضل فى تغيير اسمها إلى «لبلبة» للباقتها وقدرتها على الحفظ مثل «اللبلب»، وقالت لبلبة فى الندوة إن الفنان أنور وجدى، تخفى بالنظارة ودخل أحد المسارح التي كانت تعمل بها بالإسكندرية، وطلب رؤيتها من خلال المخرج حسن الصيفى، حتى تشاركه أولى أعمالها السينمائية.
بخلاف نيازى مصطفى وأنور وجدى تدين لبلبة بالفضل لمخرجين عظام ساهموا فى تشكيل صورتها الفنية على الشاشة فى مقدمتهم يوسف شاهين ومحمد عبد العزيز وعاطف الطيب وسمير سيف وتضع عادل إمام وأحمد زكى ونور الشريف فى برواز «صانع الجميل»، وقبل كل هؤلاء والدتها التي آمنت بموهبتها ولم تتركها وحيدة لحظة حتى وفاتها ورغم تأثر لبلبة برحيل الأم والسند وجدت فى الوسط الفنى من يعوضها لتواصل العطاء والإبداع، وفى حب نونيا تحدث حسين فهمى وإلهام شاهين وليلى علوى، ولم تخف لبلبة حلمها بتقديم أعمال للأطفال وهى التي قدمت لهم حوالى (30 أغنية) من بين (268) أغنية قدمتها وبراءة الأطفال فى عينيها.
إن سر بقاء لبلبة على قيد الفن والإبداع هو قلبها الأبيض وروحها التي لاتعرف إلا حب وتقدير كل من يعرفها وتقديس دور الفن ورسالته و«الضمير» الحى من دون «الأنا» أو «الأنا الأعلى» ولذلك فيها حطمت نظرية عالم النفس الشهير فرويد فـ«الأنا» و«الأنا الأعلى» غير موجودين فى حياة هذه «اللبلبة» هذا النموذج الذي يستحق الدراسة والتأمل والنموذج الأمثل للمرأة المصرية التي سجلت اسمها بحروف من نور فى مصر منذ فجر التاريخ فى السياسة والاقتصاد والعلوم وفى الخير والحق والجمال.



