التغيراتُ المُناخية وجفافُ الصحَراء الكبرى (2)

لايزال الحديث متصلا غير منقطع حول موضوع التغيرات المناخية التي وقعت في نطاق الصحراء الكبرى منذ آلاف السنين الغابرة. وسوف نحاول الحديث في ذلك المقال عن طبيعة تلك التغيرات، وكيف وقعت، وكذلك الأدلة والبراهين التي تؤكد حدوث ذلك، وكذا النتائج التي ترتبت على وقوعها بمرور الزمن.

ورغم تلك التغيرات، غير أنه مما يلفت الأنظار أنه لم تنقطع وشائج الاتصالات بين السكان في شمال الصحراء وجنوبها منذ ما قبل الميلاد.

 بل إن الصحراء سهلت بدورها من التواصل الحضاري بين ضفتيها، وزادت مظاهر التواصل بين الطرفين، لاسيما في صورة القوافل التجارية عبر دروب ومسالك تلك الصحراء التي تتسم بوعورتها، وكذلك الهجرات البشرية بين الشمال والجنوب. 

ولقد اتجهت أكثر الهجرات البشرية من قلب الصحراء فيما بين شمال إفريقيا والمغرب صوب حوض البحر المتوسط من ناحية، وكذلك نحو مناطق جنوب الصحراء حيث الاقتراب من مناطق السافانا جنوبًا، وهي التي تتميز بالعشب والمراعي الخضراء الصالحة للرعي، وغيره من صنوف الحرف التي تساعد المهاجرين على استمرار الحياة بشكل أكثر استقرارًا. 

ويرى بعضُ الدارسين أنه من بين الشواهد الدالة على تلك التغيرات أن أقدم زنوج العصر الحجري في مدينة الخرطوم (بالسودان) على سبيل المثال، كانوا يصنعون الآنية حتى قبل أن تصنع في مدينة "جريكو" Jerico القديمة، وهي مدينة أثرية قديمة تقع في أرض فلسطين.

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي