عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
مؤتمر المناخ في مصر السفير محمد نصر
البنك الاهلي

السفير محمد نصر في ندوة روزاليوسف (2): مصر تعمل في ظرف صعب للخروج بتوافق عالمي حول 120 قرارًا خلال COP27 وآلياتها التنفيذية

تحث مصر الأطراف على التفاعل السريع مع مشكلات التمويل حتى لا يتحول الحق إلى استجداء من الدول المتقدمة



 

الكتلة الإفريقية الأكثر تجانسًا في جولات التفاوض لامتلاكها ذاكرة تاريخية 

 

المسؤولية المشتركة متباينة والعدالة والإنصاف مبادئ تلزم الدول المتقدمة الوفاء بالتزاماتها تجاه الدول النامية 

 

إفريقيا تنفق 3% من دخلها على مشروعات التكيف تزداد إلى 5% مما يستنزف ميزانياتها

 

المحيطات أحد أهم المصارف الطبيعية للكربون تشبعت وCOP27 فرصة لاتخاذ إجراءات تحمي الكوكب  

 

الهيدروجين الأخضر فرصة استثمارية كبيرة في الطاقة البديلة بالدول النامية في مقدمتها مصر 

 

 

أدار الندوة: أيمن عبد المجيد

 

تصوير: محمد الشاهد 

 

 شارك بالندوة: محسن عبد الستار، عادل عبد المحسن، أحمد خيري، أحمد العطار، زين إبراهيم 

 

 
 
 
 
 
 

 

كشف السفير محمد نصر، كبير مفاوضي المناخ في مصر، الذي يشغل منصب مدير إدارة تغير المناخ والبيئة والتنمية المستدامة، أن مصر، كدولة مستضيفة ترأس المؤتمر  COP27 هذا العام، تعمل على تيسير وتسهيل العملية التفاوضية، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف، للتوافق على 120 قرارًا على الأقل لتخفيف الانبعاثات وجهود التكيف. 

 

 

وأضاف نصر، خلال الندوة التي نظمتها "بوابة روزاليوسف"، تحت عنوان: "الطريق إلى COp27.. الأهداف والتحديات"، إن الأزمات العالمية الأخيرة، منها كوفيد 19، والأزمة الروسية- الأوكرانية، تخلق مزيدًا من التحديات أمام الدور المصري، في ظل حالة الاستقطاب العالمي الحاد.

 

 

وقال نصر، الذي كان أيضًا المفاوض الرئيس بشأن التمويل للمجموعة الإفريقية للمفاوضين بشأن تغير المناخ (AGN) منذ عام 2009، تسعى مصر لإدارة حالة الاستقطاب الموجودة، ومحاولة تيسير الفكر بين الأطراف والتأكيد أن الوضع لا يحتمل المزيد من الاستقطاب، لأن هناك قرارات مهمة جدًا يجب أن تتخذ حتى تؤدي إلى التغيير المناخي المطلوب.

 

 

وأشار نصر إلى أن مصر تأخذ على عاتقها جمع الأطراف ومساعدتهم في الوصول إلى حالة من التوافق، واتخاذ إجراءات تنفيذية للقرارات المستهدفة تخفيف الانبعاثات ومشروعات التكيف ووضع آليات تنفيذية تضمن تحقيق تلك القرارات واقعيًا.

 

 

 

وشدد نصر على أن مصر تهتم بالعمل على إنجاح الوصول لتفاهمات بشأن المسألة الخلافية المتعلقة بتوفير تمويلات، مشروعات التكيف، حيث تصر بعض الدول الغنية على توفير التمويل الذي تحتاجه الدول النامية في شكل قروض، وهو أمر لا يناسب الوضع الآن في الدول النامية والفقيرة، لأنها عند نقطة معينة لا تستطيع أن تأخذ المزيد من القروض، بسبب زيادة تكلفة الإقراض، وارتفاع كلفة خدمة الدين، ولذلك ستعمل مصر لتجنب هذا النوع من التمويل مرتفع التكلفة.  

 

 

وأوضح نصر: تأمل مصر أن تغير مؤسسات التمويل الدولية من توجهها فيما يخص أدوات وآليات تمويل مشروعات التنمية في الدول النامية، وأن يكون التمويل ميسرًا أو في شكل منح، بدلًا من ضخ التمويلات في شكل قروض، ورغم أن الأمور المرتبطة بالتمويل تواجه صعوبات جمة أثناء المفاوضات، إلا أن الرئاسة المصرية للمؤتمر تعمل بكل طاقتها لتحقيق هذه الأهداف.  

 

 

 

 

 

ونوه نصر إلى أن مصر تحث الأطراف على التفاعل السريع مع المشكلات التي تخص التمويل، حتى لا يتحول الأمر إلى ما يشبه الاستجداء من الدول المتقدمة أو المنظمات لتقديم المساعدة للدول النامية والمتضررة من التغيرات المناخية.

 

 

 

 

 

 

وضرب نصر مثالًا على سبيل المثال، ما حدث في باكستان مؤخرًا، حيث تسببت الفيضانات في تشريد 3.5 مليون شخص، وطالب سكرتير عام الأمم المتحدة العالم بتوفير 180 مليون دولار في الوقت الحالي.

 

 

وعن إفريقيا قال نصر: إن الكتلة الإفريقية في التفاوض، الأكثر تجانسًا، وفي عدد من دولها مفاوضون محترفون شديدو المراس، لمشاركتهم على مدار سنوات طويلة في مفاوضات المناخ، وهو ما أتاح لهم ذاكرة تاريخية تمكنهم من البناء على ما سبق.

 

 

وإلى تفاصيل الندوة:

 

بوابة روزاليوسف: هل يمكن أن تشرح لنا آلية المفاوضات وما هي تكتلات الدول؟

تتفاوض الدول في مؤتمر المناخ من خلال تكتلات أو مجموعات، وتتشكل هذه المجموعات وفقًا للتأثر والمصالح، فهناك مجموعات تشترك في مصالح ورؤية واحدة، حيث يوجد لدينا مجموعات جغرافية مثل دول المجموعة الإفريقية، ودول الاتحاد الأوروبي، ومجموعات مبنية على الوضع الاقتصادي، ومجموعات مبنية على تأثرها بصورة شديدة بالأمطار والمناخ وهي مجموعات الدول الاكثر تأثرا تغير المناخ، وهناك دول لها بعد سياسي وتتوافق سياسيا في التعامل مع المناخ والتغيرات المناخية، وهناك مجموعات تضم دولًا متقدمة أو دول نامية ويكون لهم رؤية مشتركة في التعامل مع التغيرات المناخية.

 

 

 

ويوجد عدد كبير من المجموعات التفاوضية، أبرزها مجموعة الـ77، التي تعتبر الإطار العام للدول النامية، لكن هذه المجموعة ليست فاعلة بقدر كبير في المفاوضات، لأن الدول النامية نفسها مصالحها مختلفة، صحيح أنها ليست متناحرة لكنها لا تشترك في قاعدة متفق عليها.

 

 

كل مجموعة مفوضين تقسم نفسها إلى مجموعات تفاوضية صغيرة، كل مجموعة مختصة بملف معين، فهناك مجموعة مختصة بالتمويل وأخرى خاصة بخفض الانبعاثات، وأخرى مختصة بالتكيف، وأخرى مختصة بتخفيض الانبعاثات، وأخرى خاصة بأطر الاتفاقية، وأخرى خاصة بأسواق الكربون وهكذا.

 

 

 

بوابة روزاليوسف: هل اجتماعات المجموعات التفاوضية قاصرة على الانعقاد السنوي للمؤتمر أم آلية عمل دائمة؟

آلية عمل دائمة فاجتماعات هذه المجموعات والتكتلات ليست مرتبطة فقط بمؤتمر الأطراف السنوي، بل تجتمع أكثر من مرة خلال العام لوضع أطر وأسس للتغيير الاقتصادي والتنموي الرئيس الذي يحدث في كل العالم، وهو ما يطلق عليه Major transformation، ويعتبر نموذجًا تنمويًا جديدًا، لم يكن له مثيل من قبل، ولم يستوعبه الكثيرون حتى الآن.

 

 

بوابة روزاليوسف: ماذا عن المجموعة الإفريقية ودورها في المفاوضات؟

المجموعة الإفريقية أكثر التكتلات تجانسًا وفاعلية، وتضم عددًا من الدول الفاعلة شديدة المراس في المفاوضات، وفيها عدد كبير من المفاوضين الذين يمتلكون خبرات كبيرة في عملية التفاوض، وشاركوا في المفاوضات منذ فترات طويلة.

 

لدى المجموعة الإفريقية أيضًا ذاكرة تاريخية ومؤسسية قوية، وهذا له دور مهم في المفاوضات، لأنها في كل دورة انعقاد تبني على ما سبق التوصل إليه.

 

هذه الذاكرة المؤسسية سيكون لها دور كبير في مفاوضات cop 27، حيث إن القرارات المتوقع اتخاذها خلال القمة، ستكون بناءً على ما سبق من قرارات ومفاوضات، ومن لا يتوافر لديه هذه الذاكرة المؤسسية، سيحتاج إلى وقت كبير قبل الاندماج بشكل فعال في المفاوضات، خاصة أن الموضوع مهم ومصيري.

 

 

بوابة روزاليوسف: هذا يعني أن هناك أسسًا يتم البناء عليها، وقرارات لم تتخذ طريقها للتطبيق، فما هذه الأسس وما القضايا المحورية التي من المهم أن تستدعيها ذاكرة المفاوض؟

بالفعل هناك مبادئ وأسس للتعامل الدولي مع تغير المناخ، يجب التأسيس عليها في مفاوضات كل عام، مثل المسؤولية المشتركة متباينة الأعباء، ومبدأ العدالة والإنصاف، وهذا مبدأ مهم جدًا خاصةً بالنسبة للدول النامية ودول إفريقيا، لتأخذ فسحة من الوقت لتحقيق ما تريد من احتياجات تنموية في مجالات الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وذلك عكس الدول المتقدمة التي انتهت من مراحل التنمية. ورغم أن المجموعة الإفريقية لديها مجموعة كبيرة من كبار المفاوضين، لكن المفاوضات في النهاية سياسية، ومهما كانت قوتك الفنية، سيكون للطابع السياسي دور مهم ومؤثر. 

 

 

 

بوابة روزاليوسف: ما المحطات الرئيسية في جولات التفاوض السابقة؟ 

تتلخص أبرز المحطات الرئيسة في الآتي: في عام 1997 تم اعتماد بروتوكول كيوتو، وفي 2008 كان بداية تنفيذ اتفاق كيوتو، واستغرق الأمر 10 سنوات للوصول الي عدد الدول المصدقة على البروتوكول لتنفيذه، وفي عام 2012 انتهت فترة الالتزام الاولي ببروتوكول كيوتو، وفي 2009 حدث انهيار المفاوضات في كوبنهاجن، وفي 2010 نجحت المفاوضات في المكسيك، وفي 2011 تم التأسيس لاتفاقية جديدة، وفي 2015 في باريس اعتمدت الاتفاقية الجديدة، وفي 2021 في جلاسكو تم تسريع عملية التنفيذ لمفاوضات تغير المناخ بصورة تتوافق مع قدرات الدول النامية.

 

 

بوابة روزاليوسف: ما أهم قضايا والأهداف الإفريقية من المفاوضات؟

تركز إفريقيا من خلال مجموعاتها التفاوضية الصغيرة على مجموعة أهداف رئيسة خلال عملية التفاوض، أبرزهم وأهمهم مسألتا التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، والتمويل الخاص بمشروعات التخفيف والتكيف. تحتاج القارة الإفريقية دعمًا كبيرًا من أجل التكيف مع آثار تغير المناخ المباشرة، مثل موجات جفاف وفيضانات كارثية وارتفاع كبير في مستوى سطح البحر، بجانب الآثار غير المباشرة، مثل نشوب الصراعات بسبب جفاف المراعي وندرة المياه، وغيرها من الأعراض التي تهدد استقرار القارة. يمثل التكيف بالنسبة للدول الإفريقية أهمية كبرى، لكن تنفيذه صعب جدًا ومكلف، على عكس الدول المتقدمة، التي يعتبر التكيف بالنسبة لها أمرًا مهمًا لكن تنفيذه أسهل بكثير، لأن لديها القدرة على التمويل، ولديها التكنولوجيا المتطورة لتحقيقه. تركز المجموعة الإفريقية أيضًا خلال المفاوضات على مسألة التمويل، حيث إن إفريقيا تسعى للحصول على قدر كبير من التمويل المخصص للعمل المناخي بما يتناسب مع احتياجاتها الكبيرة ذات الأهمية القصوى لتجنب الآثار السلبية لتغير المناخ.

 

 

يجب أن تضع الأطراف في اعتبارها خلال المفاوضات أن الدول الإفريقية تنفق من 2-3% تقريبًا من إجمالي دخلها لتمويل التكيف، حسب آخر الإحصائيات الرسمية، هذا بجانب ما تحتاجه للتنمية وما تنفقه من أجل حل مشكلات مثل الصحة والتعليم ومساعدة المزارعين ومتضرري جفاف المراعي وغيرها من أوجه الإنفاق، ما يعني أن الحكومات الإفريقية تتحمل معظم تكاليف المشروعات والاجراءات المرتبطة بالتكيف، ومن المتوقع أن تدفع 5% من إجمالي دخلها، إذا استمر الوضع على ذلك، وهو ما يمثل استنزافًا لميزانياتها، في وقت تحتاج فيه تلك الحكومات إلى توجيه معظم إنفاقها على الصحة والتعليم والتنمية وخلافه. 

 

 

بوابة روزاليوسف: ما القضايا التي يطرحها المفاوضون الآخرون؟ 

تشهد مفاوضات COP27 أيضًا مجموعة أخرى من القضايا المهمة بالنسبة للأطراف، أبرزها مسألة خفض الانبعاثات والحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية على قيد الحياة. فيما يخص خفض الانبعاثات، تظل نقاط الاتفاق والاختلاف بين الأطراف واضحة جدا، لكن الأطراف كلها تتحدث عن ضرورة خفض الانبعاثات لأقصى حد، وضرورة تسريع العمل والمضي قدمًا في الخطط المحددة كي نتجنب الآثار شديدة السلبية التي سوف تمس الجميع دون استثناء. خاصة أن قدرة الكرة الارضية على امتصاص الانبعاثات تقل نظرًا لتشبعها في الفترات الأخيرة. فعلى سبيل المثال، حجم الانبعاثات العالمية  سجل مؤخرًا 55 جيجا طن في السنة، تمتص المحيطات والغابات من 10 إلى 15 جيجا طن منها في السنة، وبالتالي لم تعد المصارف الطبيعية للكربون قادرة على امتصاص كل هذه الكمية من الانبعاثات، كما يظن البعض، وأصبحت قدرة المحيطات نفسها على الامتصاص أقل بكثير، لأنها بدأت تتشبع بالكربون. هذا يعني أن ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض في تسارع، ولا يوجد أي حلول سوى تخفيف الانبعاثات لأقصى حد. 

 

 

ولتحقيق أهداف خفض الانبعاثات، لا بد من إقناع الدول بأن ترفع مستوى الطموح لديها وتخفض انبعاثاتها، كي تستطيع التعامل مع هذا التحدي، بطريقة تتناسب مع امكانية الحفاظ على متوسط ارتفاع درجة الحرارة لكوكب الأرض عند 1.5 درجة مئوية. لا بد أيضًا أن تبدأ الشركات والاستثمارات الكبرى العاملة في القطاعات المصدرة للانبعاثات بكثافة، مثل قطاعات الطاقة والإسمنت والحديد والأسمدة والنقل وغيرها، في تغيير وضعها وآلياتها والوفاء بالتزاماتها فيما يخص خفض الانبعاثات. ستشهد المفاوضات أيضًا عشرات البنود الأخرى، نظرًا لأن أجندة تغير المناخ العالمية تشعبت بصورة ملحوظة خلال الأعوام الأخيرة، وأصبحنا نتفاوض كل عام حول 120 أو 130 بندًا للتوصل إلى قرارات تخص كل بند، وذلك في حيز زمني لا يتعد 12 يومًا، وهو الحيز الزمني المحدد للمؤتمر.

 

 

بوابة روزاليوسف: ما دور مصر كرئيسة للمؤتمر في المفاوضات؟

لا بد أن نوضح في البداية أن مؤتمر المناخ هذا العام ينعقد في وضع جيوسياسي عالمي في غاية الصعوبة، بسبب الأزمات العالمية والصراعات السياسية التي طفت على السطح آخر عامين، مثل أزمة وباء كوفيد-19، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، فالعالم يمر بمرحلة فاصلة وعاصفة تؤثر بشكل كبير على موضوعات التغير المناخي بشكل مباشر، ومن هنا تأتي أهمية cop27، وضرورة نجاح المفاوضات الخاصة به.

 

 

مصر، كدولة مستضيفة ترأس المؤتمر هذا العام، يتمحور دورها في تيسير وتسهيل العملية التفاوضية، وهو أمر يعد أكثر صعوبة من ذي قبل بسبب حالة الاستقطاب العالمي الشديد في ظل الأزمات الأخيرة، وتأخذ مصر على عاتقها جمع الأطراف ومساعدتهم في الوصول إلى حالة من التوافق حول 120 قرارًا على الأقل.

 

 

وتسعى مصر لإدارة حالة الاستقطاب الموجودة، ومحاولة تيسير الفكر بين الأطراف، والتأكيد أن الوضع لا يحتمل المزيد من الاستقطاب، لأن هناك قرارات مهمة جدًا يجب أن تتخذ حتى تؤدي إلى التغيير المطلوب.

 

 

ويحمل الدور المصري خلال المفاوضات بعدًا سياسيًا في غاية الأهمية، وهو كيفية إقناع الأطراف بالتوصل لموقف توافقي على أساسه تعتمد القرارات في نهاية المطاف، كي نتجنب مصيرًا مشابهًا لما حدث في مفاوضات كوبنهاجن 2009، والتي سبق أن باءت بالفشل.

 

 

وتعمل مصر مع الأطراف خلال المفاوضات للرجوع إلى نقطة التوازن، والتركيز على موضوعات التكيف والتمويل، لأن من يعانون الآن من الأزمات الناجمة عن تغير المناخ لا يستطيعون الانتظار لمدة 5 أو 10 سنوات للوصول إلى تغيير حقيقي في الوضع المتأزم، ويحتاجون إلى الدعم المالي والتقني والتكنولوجي الآن، لكي يتمكنوا من تجهيز أنفسهم للعام المقبل، من أجل مواجهة الأزمات المحتملة مثل موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحر القياسية وغيرها من آثار تغير المناخ.

 

 

بوابة روزاليوسف: ما أهم القضايا الخلافية التي تسعى الرئاسة المصرية للمؤتمر لحسمها؟

المسألة الخلافية المتعلقة بتوفير التمويلات، حيث تصر بعض الدول الغنية على توفير التمويل الذي تحتاجه الدول النامية في شكل قروض، وهو أمر لا يناسب الوضع الآن في الدول النامية والفقيرة، لأنها عند نقطة معينة لا تستطيع أن تأخذ المزيد من القروض، بسبب زيادة تكلفة الاقراض، وارتفاع حجم الدين، ولذلك ستعمل مصر لتجنب هذا النوع من التمويل.

 

 

وتأمل مصر أن تغير مؤسسات التمويل الدولية توجهها فيما يخص أدوات التمويل للدول النامية، وأن يكون التمويل ميسرًا أو في شكل منح، بدلًا من ضخ التمويلات في شكل قروض، ورغم أن الأمور المرتبطة بالتمويل تواجه صعوبات جمة أثناء المفاوضات، إلا أن الرئاسة المصرية للمؤتمر تعمل بكل طاقتها لتحقيق هذه الأهداف.

 

 

بوابة روزاليوسف: كيف يمكن إذن تحقيق هدف تيسير التمويل وتحويله من قروض إلى منح ودفع قضية التمويل للأمام خلال المفاوضات؟

تحث مصر الأطراف على التفاعل السريع مع المشكلات التي تخص التمويل، حتى لا يتحول الأمر إلى ما يشبه الاستجداء من الدول المتقدمة أو المنظمات لتقديم المساعدة للدول النامية والمتضررة، على سبيل المثال، ما حدث في باكستان مؤخرًا، حيث تسببت الفيضانات في تشريد 3.5 مليون شخص، وطالب سكرتير عام الأمم المتحدة العالم بتوفير 180 مليون دولار في الوقت الحالي وبصورة سريعة من أجل مساعدة المتضررين وتوفير مخيمات لهم، هذا بالنسبة للمخيمات فقط، فماذا عن حجم المبالغ المطلوبة لبناء باكستان مرة اخرى بعد الفيضانات الكارثية التي تعرضت لها، خاصة أن لديها مشاكل وتحديات تنموية كبيرة كدولة نامية.

 

 

وهنا لا بد أن يفي العالم بالتزاماته، وتتحلى الأطراف بالمسؤولية الاجتماعية والإنسانية تجاه حالات كتلك، فيما يخص التمويل تحديدًا، خاصة أن مفاوضات مؤتمرات الأطراف لا وسائل للضغط فيها، إنما تعتمد على استخدام القدرات الدبلوماسية من أجل إيجاد صياغة متوافقة ومقبولة لدى الجميع تخدم الصورة الأكبر التي بنيت من الجهد الدولي، ومن هنا تأتي أهمية الدور المصري، كرئيس للمؤتمر، حيث تشجع الأطراف للاتفاق حول القرارات واعتمادها.

 

 

بوابة روزاليوسف: ما مجالات التكيف الأكثر أولوية لدى الرئاسة المصرية للمؤتمر ؟

بقاء ملفات التكيف، في مجالات الزراعة والطاقة بقوة على الأجندة الدولية، تمثل أولوية مصرية، ما ينعكس بشكل إيجابي على تعامل الجهات المانحة مع مشروعات التكيف، ويعطي إشارة خضراء للقطاع الخاص ومؤسسات التمويل بأن هذا الجانب يجب أن يحظى باهتمام تمويلي مثلما تحظى مشروعات خفض الانبعاثات. 

 

 

بوابة روزاليوسف: مصر دائمًا داعمة للقضايا الإفريقية ماذا يمكن أن يقدم لها خارج إطار مفاوضات الأطراف؟

 لمصر دور لدعم إفريقيا خلال مفاوضات الأطراف، ودور مهم أيضًا خارج سياق المفاوضات الرسمية، وهذا الدور يقوده الدكتور محمود محيي الدين، لجذب الاستثمارات لإفريقيا والدول النامية بالتواصل مع مؤسسات التمويل والقطاع الخاص والصناديق الخيرية العالمية، وعرض المشروعات الجاهزة في كل الدول النامية والتي يتوقف تنفيذها على التمويل.

 

 

بجانب الحديث مع القطاع الخاص عن كيفية إجراء تغيير من أجل تسريع التحول إلي الاقتصاد منخفض الكربون أو التنمية منخفضة الكربون أو منعدمة الكربون. وجذب الاهتمام العالمي للاستثمار في الوقود البديل، مثل الهيدروجين الأخضر، والذي لدى العديد من الدول النامية وعلى رأسها مصر، فرص كبيرة في توفيره.

 

 

 

بوابة روزاليوسف: هل في ظل هذه التحديات هناك أمل فعلي في تحقيق تقارب أمريكي صيني في هذه القضية المصيرية؟

كل الدول لديها فهم واضح حول أن الأزمة لا يجب أن تخضع للتجاذبات السياسية، صحيح هناك بعد سياسي، لكنه ينحصر فقط فيما يتعلق بالضغط على حجم الجهد المبذول وليس وقف الجهد المبذول، ولكن بالتأكيد الاثر الموجود أو الأزمة الموجودة في أوكرانيا أو تايوان قد تجعل التعاون والتفاهم أكثر صعوبة. الجميع متفق على "الخلاصة النهائية" لكن فكرة الترتيب لما يجب فعله هذا العام أو العام المقبل غير موجودة، بدليل أن اجتماع وزراء بيئة مجموعة العشرين فشل منذ عدة أسابيع وهذا مؤشر على صعوبة الوضع. فى إفريقيا حيث الثروات، هناك تنافسية أمريكية روسية صينية على الاستثمار في القارة. 

 

 

بوابة روزاليوسف: هل من الممكن أن يكون هناك رؤية تفاوضية إفريقية لجذب استثمارات تسهم في التكيف على سبيل المثال صناعات تكون كثيفة الانبعاثات في دول كبرى تجذب الاستثمار في إفريقيا؟ 

فكرة  جذب الصناعات الملوثة الكثيفة الانبعاثات، أصبحت غير موجودة الآن، لأن هناك اطارا عاما للتنافسية، لم يعد موجود فكرة الاستثمار المصحوب بالتلوث، ففي الوقت الحالي من يتسبب في التلوث يدفع ثمن ذلك، وبالتالي فكرة جذب صناعات ملوثة إلى القارة الإفريقية غير وارد، ولا أحد يستطيع تقديم تسهيلات بيئية أو أي تسهيلات أخرى من أجل جذب الاستثمار. كما أن جذب الاستثمار الآن له معايير جديدة، تعتمد على حجم السوق الداخلي والقدرة على التصدير والاتفاقيات التجارية الموجودة لكل دولة. الشركات نفسها أصبحت تتبع معايير بيئية في جميع استثماراتها في جميع دول العالم، الفكر تغير الان، فمثلا المشروع المنفذ من قبل شركة ما في أمريكا، يطبق بنفس المعايير اذا تأسس في أي دولة اخري، ففي النهاية أصبحت هناك ضرائب على التلوث البيئي ستطبق على الجميع وستصبح تنافسيتهم محدودة.

 

 

بشكل عام، لدى القارة الإفريقية وضع خاص بها، لأن آثار تغير المناخ تؤثر فيها بشكل كبير، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر الذي قد يتسبب في العديد من الأزمات لدول القارة، بجانب مشكلات القارة الخاصة بالديون ونقص التمويل المتعلق بالتنمية والاحتياجات التنموية، وفي نفس الوقت، لديها الكثير من الثروات الطبيعية مثل الغاز البترول والفحم، لكنها ثروات لم تستغل في الماضي وحتى الآن، وأصبح استغلالها مستقبلًا أمر يتنافى مع العمل المناخي، ضف إلى ذلك أن القارة الإفريقية تحتاج إلى جهود تنموية كبيرة، فهناك 600 مليون إفريقي لا يوجد لديه نفاذ للكهرباء من الأساس، وهناك 900 مليون إفريقي يطبخون على الحطب، غير احتياجات الصحة والتعليم وخلافه.  لذلك هناك مطالب بأحقية إفريقيا في استغلال الثروات الطبيعية الموجودة لديها بالطريقة التي تحقق لها التنمية، واذا أصرت الأطراف على عدم استغلال هذه الثروات بما يتماشى مع العمل المناخي، فعليها أن تعوض إفريقيا عن عدم استغلالها لثرواتها.

 

 

بوابة روزاليوسف: هل هناك ما يلزم الأطراف بتنفيذ تعهداتها؟

هناك مساران، الاول مسار قرارات ملزمة للدول وللتنفيذ، وتنفيذها ليس لحظي، بل يكون من خلال آلية محددة حيث يتم تقديم تقرير عن الإنجازات والتعهدات التي تم تنفيذها من عدمه وتحدد فيه توجه الدولة وسياساتها، ويتم كتابة ايضا تقرير عن تنفيذ التمويل من عدمه وهذا يمثل المتابعة اللصيقة والدقيقة والضغط على الدول المتقدمة لتوفير التمويل وخفض الانبعاثات. المسار الثاني، التوصيات التي تنبثق عن المسار غير التفاوضي وتكون غير ملزمة وتكون نابعة من المجتمع ولكن لها ثقل معنوي كبير وتشكل فكر المستهلك والمستثمر، خصوصا أن هناك تحالفات بين الشركات تصنع هذه التوجهات.

 

 

 

بوابة روزاليوسف: ما المدى المتحقق من مستهدفات إفريقيا؟

ما قبل 2015 شيء وما بعدها شيء اخر، فما قبل 2015 الدول النامي لم يكن عليها أي مسؤولية الا تقديم تقرير كل 10 سنوات عما تم تحقيقه، أما بعد 2015 فكل الدول أصبحت ملتزمة بوضع خطط وتعهدات وطنية لخفض الانبعاثات والتكيف، بل أصبح عليها التزام بتحويل هذه التعهدات الوطنية الى خطط للتنفيذ لأنها تقدم تقريرًا كل عامين يوضح ما تم تنفيذه من التعهد على مدار الـ10 سنوات كما يتم تقدم تقارير لتحسين التعهد. المنظومة كلها تغيرت، حتى طلب القروض أصبح مشروطًا بتنفيذ التعهدات الوطنية، باعتبارها جزءًا من التوجه الدولي.

 

 

 

 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز